القمة العربية في البحرين: دورة عادية في خضمّ مشهد استثنائي عنوانه حرب غزّة
القمة العربية في البحرين: دورة عادية في خضمّ مشهد استثنائي عنوانه حرب غزّة
المنامة: تنطلق في العاصمة البحرينية المنامة الخميس، أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين، في خضم مشهد معقّد في المنطقة تخيّم عليه الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ أكثر من سبعة أشهر.
وتزيّنت الشوارع الرئيسية في البحرين بأعلام الدول العربية وصور القادة العرب تحت شعار “البحرين بيت العرب”، وسط انتشار أمني كثيف في شوارع العاصمة تمهيداً لوصول الوفود.
وبدأ بعض الزعماء بالوصول إلى البحرين مساء الأربعاء، على غرار الرؤساء المصري عبد الفتاح السيسي، العراقي عبد اللطيف رشيد، والفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى ملك الأردن عبد الله الثاني.
لكنّ العرب الذين يجتمعون بدورة عادية، سبق أن عقدوا أخرى طارئة في العاصمة السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر، كانت مشتركة مع منظمة التعاون الإسلامي.
وعجزت القمة حينها عن اتخاذ قرارات مباشرة ضد إسرائيل، على غرار طرد سفراء أو قطع إمدادات النفط بما يعكس الغضب الشعبي الكبير في العالمين العربي والإسلامي تجاه استمرار الحرب الدامية.
ويقول أستاذ التاريخ المنتدب بجامعة الكويت المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج الدكتور ظافر العجمي لوكالة فرانس برس إن “قمة البحرين تختلف ليس فقط عن القمة العربية الإسلامية في الرياض ولكن تختلف عن القمم العربية كلها بأمرين”.
ويضيف أن الأمر الأول هو “تغير مزاج الشارع الغربي، فهنا فرصة لم تكن متوفرة للقمم السابقة أن هناك مزاجاً غربياً مائلاً إلى نصرة الفلسطينيين ورفع الظلم الواقع عليهم طوال السنوات السبعين الماضية”.
ويتابع العجمي أن “النقطة الثانية الإيجابية هي الانكسارة الإسرائيلية. فقد كانت إسرائيل تُنجز ما تنجزه خلال ستة أيام، الآن ستة أشهر ولم تنجز ما كانت تنجزه بتلك السرعة. هذه فرصة لنطوعهم ونقودهم للمبادرة العربية”.
ومنذ القمة العربية الإسلامية في السعودية، ارتفع عدد شهداء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة من نحو 11 ألفاً إلى أكثر من 35170 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في القطاع المحاصر.
واندلعت تلك الحرب بين إسرائيل وحماس في القطاع المحاصر، إثر هجوم غير مسبوق نفذته حركة المقاومة الفلسطينية داخل المستوطنات في السابع من تشرين الأول/ نوفمبر، وأدّى إلى مقتل 1170 شخصاً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وأُسر خلال الهجوم أكثر من 250 شخصاً ما زال 128 منهم محتجزين في غزة قتل 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
“مزاج عربيّ متغيّر”
لكن اليوم تبدو الأمور أكثر تعقيداً، مع مراوحة في المفاوضات بين طرفي القتال، في وقت تتواصل فيه المعارك في مناطق عدة من غزة، مترافقة مع قصف إسرائيلي عنيف على القطاع، ما دفع موجات جديدة من الفلسطينيين إلى النزوح.
وتشهد مدينة رفح في جنوب القطاع المحاصر اشتباكات وقصفاً إسرائيلياً دفع 450 ألف شخص الى النزوح منها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إن “لا مكان آمنا” في غزة.
وفشل المجتمعون في الرياض آنذاك في التوصل إلى اتفاق، لكنّ العجمي يرى اليوم “مزاجاً عربياً متغيّراً وقد نرى صفة الإلزام في البيان الختامي (…) ونتجاوز فكرة بِمَن حضر”.
ويرى أنّ لعقد القمة في البحرين التي طبّعت والإمارات علاقاتها مع إسرائيل عام 2020، رسالة قوية من الدولتين اللتين قررتا بحسب رأيه “مجالسة الخصوم”، وأن أي قرار يصدر من هنا سيكون له وقعه.
وستتناول القمة مواضيع أخرى إضافة إلى القضية الرئيسية، من الأزمة في السودان، وليبيا واليمن، وسوريا التي سيكون رئيسها بشار الأسد أبرز الحاضرين في هذه القمّة، خصوصاً في البحرين التي كانت من أشدّ المقاطعين لنظامه.
يشير الكاتب والمحلل السياسي محميد المحميد لفرانس برس إلى أنه إلى جانب القضية الفلسطينية هناك محاور عدة ستتطرق لها قمة البحرين أيضاً، منها ترسيخ الحلول السلمية في المنطقة واستكمال متطلبات التكامل الاقتصادي.
والجدير بالذكر أن البحرين هي الدولة العربية الوحيدة العضو في تحالف دولي بقيادة أمريكية لحماية الملاحة في البحر الأحمر من الهجمات التي يشنّها الحوثيون على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها تضامناً مع قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يقول المحميد إن “الممرات البحرية الحيوية لا تشكّل فقط أهمية لدول المنطقة، بل لاقتصاد العالم كله لما تملكه المنطقة من ثروات”.
ويضيف أنه “بالتالي سيكون هناك إجماع على أهمية هذا المحور المائي”.
وزير الخارجية اليمني: “قمة المنامة” تكتسب أهمية نتيجة لما تتعرض له غزة من حرب
من جانبه، أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شايع محسن الزنداني على الأهمية التي تكتسبها “قمة المنامة” نتيجة لما يتعرض له قطاع غزة من حرب.
وقال الوزير الزنداني، في مقابلة مع “الأيام” البحرينية، على هامش انعقاد القمة العربية الـ33، إن هذه القمة تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى طبيعة التطورات والأوضاع التي تمر فيها المنطقة لاسيما ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من حرب إبادة، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية”.
وأشار إلى أن “القمة ستمكن القادة العرب من تدارس الأوضاع، وتحديد التوجهات والتحرك على الصعيد العربي والعالمي لدعم الشعب الفلسطيني وتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني”.
وشدد الزنداني على أن رسالة اليمن إلى “قمة المنامة” تدعو إلى وجوب تشكيل التضامن العربي، ودعم القضية الفلسطينية، وتجديد التضامن والدعم الكامل للحكومة والسلطة الشرعية في اليمن.
ودعا وزير الخارجية اليمني المجتمع الدولي إلى أن “تكون لديه نظرة ثاقبة في تقييم سلوك جماعة الحوثيين التابعة لإيران”، معتبرا أن “هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، تثبت أنهم لا يشكلون تهديدا للأمن والسلام في اليمن فحسب، بل في المنطقة بأكملها”.
واعتبر الوزير الزنداني أن “مزاعم الحوثيين بأنهم يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر نصرة لغزة ما هي إلا محاولة للاستغلال القضية الفلسطينية لتسويق أنفسهم إقليميا وعربيا”، لافتا إلى أن “هجمات البحر الأحمر لم تضر سوى باليمن واليمنيين وأشقائهم العرب”.
(وكالات)