مقالات
خاطرة …. فلسطين في القلب بقلم الدكتور ضرغام الدباغ -العراق –
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ -العراق -

خاطرة …. فلسطين في القلب
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ -العراق –
صديق لي في الغربة، مناضل فلسطيني من حيفا …. حائز على شهادة بكالوريوس في الأدب الأنكليزي، بعد خروجه من أسر العدو الصهيوني، جاء إلى ألمانيا، وكي لا يدخل الحرام دخل دورة سياقة التاكسي، عمل بعدها لدى شركة ألمانية سائقاً، وكانت حصيلة عمل بضعة سنوات كماً من الأحداث والخواطر روى لي واحدة منها .. وكانت الأجمل ..
أخذ يوماً راكباً من محطة قطار، والراكب أدرك سريعاً أن سائق التاكسي ليس بألماني… فسأله من أي بلد أنت ..؟ فأجابه صديقي .. من فلسطين .. فأجابه الراكب … آه فلسطين .. تقصد إسرائيل .. فأجابه الصديق … لا .. لا .. فلسطين هي فلسطين … وأبو نزار شناعة لا يعرف التساهل في هذا الموضوع ..
ودخلا في مجادلة لم يكن فيها الراكب يريد أن يقتنع أن هناك وطناً سليباً لا ينساه الأبناء ولا الاحفاد والأجداد، وكل من يتحدث العربية من المحيط إلى الخليج، هو جرح نازف فاغر فاه إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً وتتحرر ويعود كل شبر لأصحابه.
وهنا وصلت سيارة التاكسي إلى العنوان المطلوب لينزل الراكب … فترجل ودفع حسابه حسب قراءة العداد في التاكسي، فقال الراكب للسائق … رجاء أعطني حقيبتي .. فقال له السائق أي حقيبة ؟ قال له حقيبتي التي كانت معي في القطار، عندما ركبت السيارة. فأجابه السائق لا أعتقد أن لديك حقيبة، وهنا هاج الراكب وماج، وغضب وهدد، وأخرج هاتفه يريد أستدعاء البوليس وهو يرغي ويزبد …. وهنا ترجل صديقي السائق وفتح صندوق السيارة وأخرج الحقيبة قائلاً :
” أنظر عند شعورك ..فقط شعورك بأنك ستفقد مجرد حقيبة …فعلت ما فعلت وكدت أن تفقد صوابك .. ماذا أفعل أنا عندما تضيع كل حقائبي وكتبي ودفاتري وصور ذكرياتي، بل قريتي ومدينتي، ووطني كله … وأصبح لاجئاً أحمل هوية مكتوب عليها ” ليس له وطن ” وطني الذي يؤكده التاريخ والجغرافيا … أصبح لا وطن …. ولا توجد شرطة في العالم تعيد لي حقي ..!
” فما كان من الراكب إلا ويعانق السائق وقد فهم القضية الفلسطينية بدقة إنسانية … ببساطة بليغة
الراكب الألماني مضى في حال سبيله وعسى أنه تعلم شيئاً … وسائق التاكسي هو صديقي بل أخي العزيز المناضل القائد أبو نزار شناعة في برلين، وأقسم أني لما أتذكر الخاطرة تدمع عيوني … سلامات أخي أبو نزار …