نتنياهو يكشف إصرار الصهاينة على إقامة " إسرائيل الكبرى."

نتنياهو يكشف إصرار الصهاينة على إقامة " إسرائيل الكبرى."
د. كاظم ناصر
عندما سئل رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقابلة أجرتها معه قناة 124 العبرية مساء الثلاثاء 12/ 8/ 2025 عما إذا كان يشعر أنه في
مهمة نيابة عن الشعب اليهودي أجاب بصراحة وكشف الاستراتيجية الصهيونية التوسعية في العالم العربي بقوله" أنا في مهمة أجيال، إذا
كنت تسألني عما إذا كان لدي شعور بالمهمة، تاريخيا وروحيا، فالجواب هو نعم .. أنا مرتبط ومرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى" التي
تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر إلى البحر وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر.
لا شك ان تصريحات نتنياهو التي تتماشى مع الاستراتيجية التوسعية الصهيونية تمثل تهديدا مباشرا إلى الدول العربية بدون استثناء،
وتعتبر صفعة جديدة لقادة دول التطبيع ودعاته، وللسلطة الوطنية الفلسطينية التي ما زالت تراهن على أوهام السلام، وإلى المطالبين بنزع
سلاح المقاومة والقضاء عليها والاستسلام للإرادة الصهيونية الأمريكية.
وكالعادة صدرت تصريحات الإدانة والرفض المضحكة من معظم الدول العربية ومن بينها دول التطبيع التي تزود الصهاينة بالغذاء بينما
أطفال غزة يموتون جوعا؛ فأدانت وزارة الخارجية الأردنية تصريحات نتنياهو واعتبرتها" تصعيدا استفزازيا خطيرا، وتهديدا لسيادة
الدول، ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة" وأكدت رفض الأردن المطلق لهذه التصريحات التحريضية ووصفتها بأنها " أوهام
عبثية لن تنال من الأردن والدول العربية."
والمدهش أن جامعة الدول العربية التي لم تفعل شيئا لدعم غزة ووقف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وفشلت فشلا
ذريعا في حل الخلافات البينية العربية أصدرت بيانا طنانا رنانا أدانت فيه تصريحات نتنياهو واعتبرتها بمثابة استباحة لسيادة دول عربية
ومحاولة " لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديدا خطيرا للأمن القومي العربي الجماعي وتحديا سافرا للقانون الدولي والشرعية
الدولية "، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته والتصدي لهذه التصريحات!
فهل تصريحات نتنياهو تستند إلى أوهام عبثية لن تنال من الأردن والدول العربية كما وصفتها وزارة الخارجية الأردنية؟ وأين هو الأمن
القومي العربي الذي تتحدث عنه جامعة الدول العربية في ظل وجود عشرات القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية التي استخدمت
لتزويد إسرائيل بالسلاح، وشاركت الطائرات المتواجدة فيها في الاعتداء على غزة وتدميرها وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين؟
من الواضح أن هذه الأنظمة العربية الظالمة المتهالكة فقدت مصداقيتها عربيا ودوليا، ولا يهتم أحد بإداناتها وبياناتها ووعودها بالرد على
أعدائها لكونها فشلت فشلا ذريعا في حماية حدودها والمحافظة على سيادتها واستقلالها، والتصدي لدولة الاحتلال التي تهدد وجودها،
وفي توفير الأمن والأمان والاستقرار لشعوبها، وهدرت ثروات البلاد الهائلة بغباء منقطع النظير، وأذلت الإنسان في كل قطر من
أقطارها وقيدته وغيبته، وحرمته من أبسط حقوقه السياسية الاجتماعية.
ولهذا فإن تصريحات نتنياهو المتعلقة بإقامة " إسرائيل الكبرى " ليست عبثية إطلاقا وتعبر عن استراتيجية صهيونية توسعية تنفذ على
مراحل وفقا لخطط واضحة مدروسة؛ فتدمير غزة والتخطيط لتهجير الفلسطينيين منها ومن الضفة الغربية، وإقامة الوطن البديل في
الأردن، واحتلال أجزاء جديدة من سوريا ولبنان، وإبعاد مصر عن دورها القيادي العربي، وفشل الدول العربية في العمل الجماعي
وتعزيز تقوقعها القطري، وتصاعد انقساماتها وخلافاتها تثير المزيد من القلق والمخاوف على مستقبل الأقطار العربية، وتشير بوضوح
إلى ان الوطن العربي يتجه إلى كارثة كبرى، وإن الصهاينة قد يتمكنون من تحقيق حلمهم بإقامة " إسرائيل الكبرى" ليس فقط باحتلال
فلسطين من النهر إلى البحر وأجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان كما قال نتنياهو، بل من تحقيق الحلم الصهيوني المعلن بإقامة
دولة صهيونية تمتد من نهر الفرات شرقا إلى نهر النيل جنوبا ما دمنا نحن العرب شعوبا وحكاما ندفن رؤوسنا في الرمال ولا نفعل شيئا
للتصدي لهم ومقاومة احتلالهم لأراضينا بكل ما نملك من وسائل!