منظمات حقوقية إسرائيلية تلتمس ضد التنكيل بالأسرى الغزيين
منظمات حقوقية إسرائيلية تلتمس ضد التنكيل بالأسرى الغزيين
الناصرة- عقدت المحكمة الإسرائيلية العليا، أمس الإثنين، جلسة أولى للنظر في الالتماس المقدّم من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، أطباء من أجل حقوق الإنسان، “هموكيد” المركز للدفاع عن الفرد، جمعية مسلك ومركز عدالة، ضد التعديلات المطروحة على ما يعرف بقانون المقاتلين غير الشرعيين.
ويرى الملتمسون أن الأسئلة التي طرحها القضاة الإسرائيليون، خلال الجلسة، تشير إلى أنه حتى نظام القضاء الإسرائيلي يدرك أن الانتهاكات التي يرتكبها قانون “المقاتلين غير الشرعيين” ضد حقوق الإنسان الأساسية صارخة. كما تظهر هذه الانتهاكات بشدة في ضوء البيانات التي كشفت عنها الدولة في ردّها على الالتماس، والتي تظهر أن حوالي 40٪ ممن تم تعريفهم كـ “مقاتلين غير شرعيين” أطلق سراحهم، ما يعني أن اعتقالهم كان تعسفياً ودون أيّ مبرر.
التعديلات الحديثة، التي سنّت بالكنيست بإجراء معجّل بتاريخ 18.12.2023، تحت قانون “أسر المقاتلين غير القانونيين”، تغيّر شروط احتجازهم وتوسّع صلاحياتها بشكل جذري. يشار إلى أن هذه تمكّن من اعتقال هؤلاء الأسرى بدون اتخاذ إجراءات إدارية بحقهم لمدّة 45 يومًا، بعد أن كانت هذه المدّة تطول حتى 96 ساعة، حسب القانون، ولا أن يتمّ إحضارهم أمام محكمة لمدة بإمكانها أن تمتدّ حتى 75 يومًا، بدل 14 يومًا، ومنعهم من التواصل مع محاميهم لمدة 75 يومًا، وبالإمكان تمديدها حتى 180 يومًا، أي ما يعادل نصف السنة، عن طريق استصدار موافقة قضائية.
ويوضح مركز “عدالة” أنه بالتناسب، فإن إحضار الأسرى إلى جلسات المحكمة يكون عبر تقنية “زووم” (أي لجنة مرئية)، ولا يمثلون وجاهيًا أمام قضاة، حتى وهم بدون تمثيل قانوني. ويقول “عدالة” إن هذه التعديلات تنضوي تحت قانون “أسر المقاتلين غير الشرعيين” الذي شُرع في الكنيست عام 2002، في مسعى لوضع إطار قانوني لأسرى “قوى معادية”، وفقًا لتعريفها حسب القانون الإسرائيلي، بحيث لا يتم التعامل مع هؤلاء وفق قواعد احتجاز أسرى الحروب المتعارف عليها.
يشار إلى أن هذا القانون، وبصيغته الأولية السابقة للتعديلات، بحدّ ذاته إشكالي، حيث إنه يطرح مفهوماً قانونياً جديداً للـ “مقاتلين غير الشرعيين” لا يتوافق مع القانون الدولي الذي يعرّف الإنسان المأسور على يد العدو كـ “مقيم محمي”، أو “أسير حرب”. توسيع صلاحيات هذا القانون بالتعديلات الجديدة، والتي اتخذت بناءً على مسوّغ العدد غير المسبوق من الأسرى، سيضاعف المسّ بحقوقهم وفقًا للقانون الدولي.
في ردهم على الالتماس، صرّح مندوبو الدولة أن هناك حاليًا ألفي معتقل غزيّ تم تعريفهم كـ “مقاتلين غير شرعيين”، الذين حصلوا على أوامر اعتقال دائمة (أي محتجزين لأكثر من 45 يومًا)، إضافةً إلى مئات المعتقلين الغزّيين الآخرين المحتجزين وفق الإجراء الجنائية (أي أن هناك نية لتقديم لوائح اتهام ضدهم). وأضافت أنه تم الإفراج عن أكثر من 1500 معتقل، وإطلاق سراحهم إلى قطاع غزة. كما أدلت أنه يتم احتجاز جزء كبير من المعتقلين حاليًا في منشأة احتجاز في معسكر عوفر، وسيتم نقل معتقلين آخرين إلى عهدة مصلحة السجون، بهدف أن يكون معتقل “سدي تيمان” بمثابة منشأة اعتقال وفرز أولي فقط.
كما أنه، ووفق تصريحات الدولة أمام المحكمة، يظهر أن المعلومات التي تشير إلى وجود خطة بالتعاون مع دولة بريطانيا لتشكيل لجنة لمراقبة منشآت الاحتجاز تبدو صحيحة، خلافًا لنفي السفارة، فقد أرفقت الدولة في ردّها قرارًا من المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية في هذا الموضوع. وفي الجلسة، طرح القضاة العديد من الأسئلة المتعلقة بمدة الاحتجاز والظروف التي يتم فيها احتجاز المعتقلين، وطالبوا الدولة بتقديم برد في هذا الخصوص في غضون سبعة أيام.
أمّا من جانب الملتمسين، فقد علّقوا بالقول: “لا يمكن تجاهل العديد من الشهادات التي تردنا حول مراكز الاحتجاز منذ السابع من أكتوبر\تشرين الثاني، إنْ كان على لسان أسرى محرّرين، أو حتى تلك التي تم تقديمها ونشرها من قبل إسرائيليين كانوا قد خدموا، أو ما زالوا يخدمون في هذه المنشآت. حتى في أوقات الحرب، يجب معاملة المعتقلين كبشر أولاً، ووفقاً للمعايير التي وضعها القانون الدولي، وبالتالي عدم السماح بانتهاكات صارخة كهذه، في ظل غياب أي آلية رقابة حقيقية. ولفتوا إلى أن المجتمع الدولي يسلط الضوء على هذه الانتهاكات، ففي نهاية الأسبوع الماضي فقط، أعلنت المقررة الخاصة للأمم المتحدة أنها تدعو إسرائيل للتحقيق في الادعاءات الخطيرة حول التعذيب وسوء المعاملة في السجون ومراكز الاحتجاز العسكرية، وأعربت أيضًا عن قلقها من أن نمط الانتهاكات الوارد في التقارير، إلى جانب غياب المساءلة والشفافية، يخلق “بيئة متسامحة” قد تسمح باستمرار المعاملة المهينة والقاسية ضد الفلسطينيين.”. وخلص مركز عدالة للقول :”نأمل أن يستمع القضاة، في قرارهم المتوقع، إلى الشهادات والنقد والحقائق، بما في ذلك تلك التي قدمتها الدولة نفسها، وأن يعملوا على إبطال القانون، وإلزام الدولة بالتوقف عن هذه الأفعال، التي لم يعد هناك شك في أنها ترتقي إلى مستوى المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة، وحتى للتعذيب الحقيقي.”
“القدس العربي”: