تحقيقات وتقارير

“أكشن إيد” تعرض شهادات حية عن شقاء الغزيات.. هكذا تعاني نساء القطاع خلال الدورة الشهرية

“أكشن إيد” تعرض شهادات حية عن شقاء الغزيات.. هكذا تعاني نساء القطاع خلال الدورة الشهرية

غزة- عرضت منظمة “أكشن إيد” الدولية، في تقرير جديد لها، المأساة الإنسانية التي تحيط بحياة نساء قطاع غزة، وخاصة في توفر مستلزمات النظافة الشخصية، خلال الدورة الشهرية، وعدم القدرة على الاستحمام لعدة أسابيع.

في تقرير جديد لهذه المنظمة الدولية، قالت إن حدوث الدورة الشهرية دون إمكانية وصول النساء إلى الماء أو الفوط الصحية أو الصابون، يعدّ أسوأ المشاكل التي تعاني منها النساء في قطاع غزة، لافتة إلى أن الحرب أدّت إلى حرمان النساء والفتيات من الوصول إلى منتجات الدورة الشهرية، أو تحمّل تكلفتها.

يكاد يكون من المستحيل العثور على الخصوصية، حيث يضطر مئات الأشخاص إلى مشاركة مرحاض، ووحدة صحية واحدة للاستحمام

مصاعب كبيرة

وجاء التقرير في اليوم العالمي للنظافة أثناء الدورة الشهرية على مستوى العالم، الذي يصادف 28 أيار، حيث وصفت ثلاث نساء من قطاع غزة، تحدثن للمنظمة الدولية، مدى صعوبة التعامل مع الدورة الشهرية في ظل عدم توفر ما يكفي من مستلزمات الدورة الشهرية أو الماء أو الصابون أو الوصول إلى المراحيض، مع تفاقم الظروف وقلة المساعدات.

وقد أشارت “أكشن إيد” إلى ما تواجهه النساء من اختفاء مستلزمات الدورة الشهرية تقريبًا من الأسواق المحلية في غزة، حيث تكون أسعارها مرتفعة في حال توفرها.

وقالت إنه وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن ذلك أجبر العديد من النساء والفتيات على استخدام المستلزمات لفترة أطول من الموصى بها، أو الاعتماد على بدائل غير آمنة، مثل بقايا الخيام.

وأشارت إلى أنه مع نزوح غالبية السكان، وعيشهم في مناطق مكتظة للغاية، حيث تتعرض الموارد لضغوط هائلة، فإن إمكانية الحصول على المياه والصابون محدودة للغاية.

وقالت إنه يكاد يكون من المستحيل العثور على الخصوصية، حيث يضطر مئات الأشخاص إلى مشاركة مرحاض، وتشارك وحدة صحية واحدة للاستحمام.

وقد أخبرت ثلاث نساء منظمة “أكشن إيد” الدولية عن كيفية التعامل مع الدورة الشهرية كل شهر.

بدائل غير صحية

وقالت هدى (33 عاماً)، التي تعيش في خيمة في أرض مستشفى في المنطقة الوسطى من قطاع غزة مع بناتها الثلاث، في رسالة صوتية: “إن الدورة الشهرية دون الحصول على الماء أو الفوط الصحية أو الصابون هي واحدة من أسوأ الأمور”.

وتضيف: “كان هنالك نقص شديد في هذه المستلزمات في بداية الحرب، وكان علينا استخدام قطع  قماش رقيقة مؤقتة عندما نزحنا لأول مرة”.

وقد تحدثت عن معضلة أساسية وخاصة في ما يتعلق باستخدام المرحاض بدون ماء، وقالت: “نحن بحاجة إلى أخذ زجاجة ماء في كل مرة نضطر فيها إلى استخدام المرحاض”، في وقت لا يتوفر فيه الصابون.

وقالت: “إن هذا الأمر أدى إلى انتشار العديد من الفيروسات في الحمامات، ما سبّب النزلات المعوية واليرقان”، وتحدثت عن تجربتها بالإصابة باليرقان، الذي لا تزال تتعافى منه.

وقالت: “عيناي صفراوان، وأنا أعاني من مشكلة في عيني وأذني، ولا أستطيع أن أرى أو أسمع بشكل صحيح”.

وتابعت، وهي تشرح معضلة النساء مع الدورة الشهرية خلال الحرب: “هنا أمر فظيع، عندما تمرّ إحدى بناتي بالدورة الشهرية، يتعيّن عليها شراء الفوط الصحية بمبلغ 10-15 شيكل “الدولار الأمريكي يساوي 3.66 شيكل”.

وتضيف: “هذا مبلغ كبير، لا نستطيع توفيره”.

وفي كل علبة من علب الفوط الصحية هناك حوالي ست فوط، وتقول هدى: “هذا ليس كافيًا تقريبًا، علبتان غير كافيتين بالنسبة لنا، وفي هذه الأيام، لا يمكننا حتى استخدام فوط القماش المؤقتة. إذا أردنا استخدام الحفاضات بدلاً من ذلك، فإن الحفاضة الواحدة ثمنها مرتفع”.

وتشير إلى أن استخدام حفاضات الأطفال بدل الفوط يتسبب بالطفح الجلدي، كما أن الفوط القماشية المؤقتة عديمة الفائدة، ولا تصلح للغرض.

وأضافت، وهي تروي مأساة النساء في هذا الوقت: “إنها مشكلة حقيقية عند حدوث الحيض في الصيف بدون ماء، ولا صابون ولا تعقيم ولا مستلزمات نسائية لائقة، كل ما نستخدمه لا فائدة منه، ولكننا نحاول التكيف بما لدينا”.

الشعور بالقلق

أما إسراء (20 عاماً)، التي تعيش حاليًا في خيمة للنازحين في دير البلح، وسط قطاع غزة، فقالت للمنظمة الدولية إنها تشعر بالقلق بشأن قدرتها على تحمّل تكاليف مستلزمات الدورة الشهرية والحصول عليها.

جعفري: عدم توفر منتجات الدورة الشهرية، أو عدم القدرة على تحمّل تكاليفها، يدفع النساء إلى اللجوء إلى استخدام بدائل قد تكون غير آمنة وغير صحية، بما في ذلك قصاصات الخيام أو قطع الملابس أو الورق، ما يعرض صحتهن للخطر

وتقول: “لقد أصبح من الصعب حقًا الحصول على مستلزمات الدورة الشهرية”، وكانت تتحدث عن ارتفاع ثمنها، وتساءلت: “من يملك هذا المبلغ من المال كل شهر؟”، وتشير إلى أنها بسبب ذلك تحاول الاحتفاظ بالعلبة لتدوم لشهرين.

وتشعر هذه الفتاة بالقلق بشأن ما إذا كانت ستتمكن من الحصول على الفوط الصحية وغيرها من الضروريات.

وتقول: “من الصعب حقًا الحصول عليها، حتى لو كان لديك المال لشرائها”، لافتة إلى أن النساء يستخدمن بدائل للفوط الصحية، وتشير إلى أنه بات حالياً من الصعب أن تعيش المرأة وتحافظ على نظافتها في خيمة.

وقالت: “كنا نعتاد في بيوتنا قبل النزوح الاستحمام أكثر من مرة في اليوم أثناء فصل الصيف، لكن هذا الوضع تغير في الوقت الحاضر، حيث بالكاد يمكننا الاستحمام وغسل شعرنا مرة واحدة في الأسبوع، إضافة لعدم توفر منتجات النظافة الشخصية”.

وقد تحدثت دعاء (30 عاماً)، التي نزحت إلى خيمة على أرض مستشفى في دير البلح لمنظمة “أكشن إيد” بالقول: “سعر علبة الفوط الصحية حوالي 15 شيكل، وعلبة واحدة ليست كافية، أنا دائماً بحاجة إلى علبتين”.

وتشير إلى مشكلة عدم عمل المراحيض دائمًا، وقالت: “إن محاولة استخدام المرحاض أمر مزعج. في بعض الأحيان، يتم منعنا من الوصول إلى الحمام”.

وتضيف: “أبحث عن مراحيض أخرى وأجدها في حالة مزرية”، وتشير إلى أنها تستحم مرة واحدة في الشهر فقط بعد انتهاء الدورة الشهرية.

وتقول: “هذا كل شيء، لا أستطيع حتى الاستحمام أسبوعيًا، أحب الاستحمام مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، لكنني لا أستطيع ذلك”.

ظروف غير إنسانية

وقد أكدت مسؤولة التواصل والمناصرة في “أكشن إيد” فلسطين، رهام جعفري، أنه في ظل الظروف المعيشية التي لا يمكن وصفها إلا بأنها غير إنسانية، يكاد يكون من المستحيل بالنسبة للنساء والفتيات في غزة التعامل مع الدورة الشهرية بطريقة آمنة وصحية تحفظ كرامتهن.

وأشارت إلى أن عدم توفر منتجات الدورة الشهرية، أو عدم القدرة على تحمّل تكاليفها، يدفع النساء إلى اللجوء إلى استخدام بدائل قد تكون غير آمنة وغير صحية، بما في ذلك قصاصات الخيام أو قطع الملابس أو الورق، وقالت إن هذا “يعرض صحتهن للخطر”.

وقالت: “مع توقف عمليات الإغاثة بشكل كبير، فإن الوضع الإنساني يتدهور يوماً بعد يوم. لا يمكن أن يستمر هذا”، مؤكدة على الحاجة الماسة إلى وقف دائم لإطلاق النار الآن، لـ “وقف القتل والسماح بتدفق المساعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة بسرعة وأمان”.

والجدير ذكره أن كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة انخفضت بشكل كبير، ما دفع إلى المجاعة والحرمان من الضروريات، بما في ذلك منتجات الدورة الشهرية والصابون، منذ تكثيف الجيش الإسرائيلي هجماته على رفح في وقت سابق من هذا الشهر.

وطالبت منظمة “أكشن إيد” بفتح جميع طرق المساعدات إلى غزة على الفور، وأن تضمن السلطات الإسرائيلية التدفق الآمن ودون عوائق للمساعدات الأساسية إلى غزة، لافتة إلى أن هذا هو ما طالبت به التدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب