تقرير جديد: انهيار البنى التحتية في القطاع.. وغزة غير صالحة للحياة

تقرير جديد: انهيار البنى التحتية في القطاع.. وغزة غير صالحة للحياة
غزة- : يظهر تقرير فلسطيني جديد حجم الدمار الكبير الذي خلفته الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد قطاع غزة، والذي خلق بيئة غير صالحة للحياة، بعد التدمير الكبير الذي طال شبكات البنى التحتية.
تقرير جديد أصدره الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة جودة البيئة أكد أن الحرب الإسرائيلية المتواصلة، منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، خلقت بيئة غير صالحة للحياة، نتيجة التدمير الواسع الذي طال كل شيء.
وأوضح التقرير، الذي صدر بمناسبة يوم البيئة العالمي، أن إجمالي المياه المتوفر في قطاع غزة يقدر بنحو 10-20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، كما أن هذه الكمية غير ثابتة، وتخضع لتوفر الوقود.
وأظهرت الأرقام حجم الخراب الكبير الذي حلّ بشبكات البنى التحتية، بعد أن دمرت قوات الاحتلال 350 كم من أصل 700 كم من شبكات المياه، أي حوالي 50%، و9 خزانات مياه من أصل 10 خزانات رئيسية، ما ترك السكان غير قادرين على الحصول على المياه النظيفة.
وتعمل حالياً في القطاع فقط محطتا تحلية مياه بقدرة لا تتجاوز الـ20% من قدرتهما التشغيلية، ما يفاقم خطورة الوضع، في وقت توقفت فيه حوالي 83% من آبار المياه الجوفية في قطاع غزة عن العمل حالياً، فيما تؤدي زيادة الضغط على مصادر المياه المتاحة إلى استنزافها، وبالتالي المعاناة من ظاهرة الجفاف.
جبال من النفايات والركام
وأوضح التقرير أن التدمير الشامل للبنية التحتية في قطاع غزة وشحّ الوقود أدى إلى تعطيل جميع محطات وأنظمة معالجة المياه العادمة، والتي تشمل ست محطات، حيث توقف حوالي 65 مضخة للصرف الصحي، كما جرى تدمير حوالي 70 كم من شبكات الصرف الصحي، موضحاً أنه نتيجة لذلك، يتم التخلص من مياه الصرف الصحي، والتي تقدر بحوالي 130,000 متر مكعب يومياً، دون معالجة، إما إلى البحر، أو في وادي غزة، بينما يتسرّب جزء كبير منها إلى الشوارع والطرقات، وأحياناً داخل المنازل، بسبب تدمير أنابيب الصرف الصحي أو انسدادها، كما تشكلت برك في ساحات خيم النازحين، ما وفّر بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض.
وتطرق التقرير إلى كميات النفايات التي تملأ شوارع وأحياء غزة، وقال إنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي وكميات النفايات الصلبة تتراكم يوماً بعد يوم بسبب نفاد الوقود، ومنع الاحتلال طواقم البلدية من الوصول للمكبات الرئيسة في القطاع، بالإضافة إلى تعرُّض سيارات جمع النفايات وحاوياتها للتلف والضرر، وتدمير الشوارع الذي أوقف حركة النقل، وهو ما جعل التعامل مع هذه الكميات الهائلة صعباً، فضلاً عن غياب إمكانات التخلص منها، حيث تم تدمير حوالي 100 مركبة وآلية لجمع ودفن النفايات، كما أن تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تشير إلى تراكم ما لا يقل عن 270,000 طن من النفايات (بواقع 170,000 طن في الجنوب، و 100,000 طن في الشمال).
وأدى ذلك إلى تراكم النفايات في مواقع المكبات المؤقتة التي أنشأتها البلديات مؤخراً على مقربة من المناطق السكنية بسبب عدم وجود خيارات قابلة للتنفيذ، حيث لا تجد هذه النفايات طريقاً إلى مكبات النفايات الصحية، سوى الحرق أو التراكم.
وقد قدرت نسبة جمع النفايات في قطاع غزة قبل العدوان بحوالي 98%، والتي كان يتم إرسالها الى مكبات النفايات، حيث يوجد في القطاع مكبان صحيان، هما مكب جحر الديك، الذي يخدم محافظات غزة وشمال قطاع غزة، فيما يخدم مكب الفخاري جنوب ووسط القطاع، وفي الوقت الحالي لا تجد هذه النفايات الصلبة طريقاً إلى مكبات النفايات الصحية، سوى الحرق أو التراكم أو إرسال جزء منها إلى مكبات عشوائية.
وقد تطرق التقرير إلى أزمة النفايات مع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، التي تؤدي إلى تفاقم تأثير تراكم النفايات، حيث تنتشر الحشرات والقوارض، والتي تزيد من معاناة النازحين في القطاع، والمتمثلة في زيادة مخاطر الأمراض والتهديدات الصحية، لافتاً إلى أن تحلل هذه النفايات يطلق غازات ضارة، كالميثان وثاني أكسيد الكربون، وهو ما يلوث الهواء ويسبب روائح كريهة وانتشار الأمراض المعدية لآلاف المواطنين، لا سيما الكبد الوبائي والأمراض الجلدية، علاوة على ما يسببه من تلويث للأراضي الزراعية وطبقة المياه الجوفية، حيث تتسرب الملوثات إلى التربة.
وأشار التقرير المشترك لجهاز الإحصاء وسلطة البيئة إلى أن هذا العدوان نتج عنه كميات كبيرة من الركام والطمم، حيث قدر إجمالي الركام الذي تراكم حتى الآن في غزة إلى 37 مليون طن (بسبب تدمير نحو 89 ألف مبنى حتى اللحظة بشكل كلي أو جزئي) وهذا الرقم يتصاعد يومياً.
تدمير 51% من الأراضي الزراعية
وحين تطرق للضرر الذي أصاب الأراضي الزراعية، أشار إلى أنه بناء على الصور الجوية، والتي من خلالها تم إجراء تقييم للأضرار الزراعية الناتجة عن العدوان على قطاع غزة، والذي أجرته يونستات، والمتمثلة في تجريف الأراضي ونشاط المركبات الثقيلة، إضافة الى القصف المستمر حتى تاريخ 23 أبريل الماضي، أشارت البيانات إلى أن 46% من المساحات الزراعية في قطاع غزة قد تضررت، وقد كان الضرر المباشر والأكبر في محافظات خان يونس حيث إن الضرر قد طال 51% من المساحات الزراعية فيها، فيما بلغ الضرر حوالي 48% من الأراضي الزراعية في محافظة شمال غزة.
كما دمر العدوان المتواصل على قطاع غزة مكونات التنوع البيولوجي، من خلال التدمير الشامل للبيئة الطبيعية، ومكونات التنوع البيولوجي من تنوع نباتي وحيواني على اليابسة وفي عرض البحر المحاذي للقطاع وتدمير موائل الحيوانات البرية وتجريف الأراضي، وتلويث المياه والتربة والهواء وتحويل الأراضي إلى جبال من النفايات.
أما في الضفة، فجاءت أبرز مظاهر التدمير البيئي الناجم عن الاستعمار بالاستيلاء على الأراضي الزراعية، وتدمير الموارد المائية، حيث تستولي إسرائيل على مصادر المياه في الضفة الغربية، ما يؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من الحصول على المياه اللازمة لشربهم ولريّ أراضيهم.
وأشار التقرير إلى ما تقوم به المستوطنات التي قال إنها “تنفث سموم مصانعها” على المواطنين، حيث قدر حجم المنبعثات الصادرة عن المستوطنات في الضفة الغربية بـ 6.040 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذا الرقم يفوق ما تصدره فلسطين، والذي قدر بحوالي 5.260 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وذلك خلال العام 2021، ناهيك عن كميات المياه العادمة الناتجة عن هذه المستعمرات، والتي يتم التخلص منها في الأراضي الزراعية الفلسطينية والأودية، والتي قدرت بحوالي 35 مليون من 50 مستعمرة، وذلك خلال العام 2021، والذي يؤدي إلى تلويث الأراضي الزراعية ومصادر المياه الجوفية.
وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، نشهد تدميراً متعمداً للموارد الطبيعية والبيئية، وتجريف الأراضي والحرائق المتعمدة للغابات والأراضي الزراعية، وإلقاء النفايات والمخلفات الصناعية، وتلويث المياه والتربة والهواء، وإنشاء المستعمرات الإسرائيلية، وجدار الفصل العنصري.
“القدس العربي”