منوعات

عفاف شعيب أم السينما المثالية بعد فردوس محمد وكريمة مختار

عفاف شعيب أم السينما المثالية بعد فردوس محمد وكريمة مختار

كمال القاضي

تعكس ملامحها الهدوء والطيبة، فهي واحدة من المُمثلات اللاتي قبلن بتجسيد دور الأم في فترة مُبكرة من حياتهن قبل أن يُصبح الدور الإنساني المهم لائقاً بهن حقاً.
لقد تفوقت عفاف شعيب على نفسها حين لعبت دور أم خالد زكي ومحمود الجندي وليلى حمادة وماجدة حمادة في مسلسل «الشهد والدموع» أحد أشهر الأعمال الدرامية المصرية للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ.
ومثلما ارتبط دور الأم في السينما المصرية بالفنانة الراحلة فردوس محمد فصارت أماً اعتبارية لغالبية الجمهور المصري والعربي، ورثت الفنانة الراحلة أيضاً كريمة مختار نفس الميزة فاحتلت موقع الصدارة كأم في المئات من الأفلام لنحو نصف قرن أو يزيد تقريباً.
بعد فترة معينة بقي دور الأم بمواصفات فردوس محمد وكريمة مختار مُعضلة حقيقية في السينما المصرية فكان من الضروري البحث عن ممثلة ونجمة تجسد الدور وتسد العجز في هذا الجانب فوقع اختيار المخرجين على عفاف شعيب التي واصلت المسيرة بكفاءة ونجاح مُتناهيين واستطاعت بالفعل أن تملأ الفراغ وتبدو على الشاشة في أفضل صورة للأم المصرية وتُقنع الجميع بعواطفها الإنسانية الجياشة بغير تصنع أو تكلف أو مُبالغة.
لقد بدأت الفنانة عفاف شعيب مسيرتها الفنية بعد تخرجها في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1972 فقد تزاملت مع الفنان الكبير الراحل أحمد زكي وربطت بينهما علاقة زمالة قوية للغاية على الرغم من أنهما لم يتشاركا في أعمال فنية كثيرة، وربما كان فيلم «ضد الحكومة» هو العمل الأبرز الذي جمع بينهما على خلفية الصراع الدائر بينهما كزوجين سابقين يربطهما صبي صغير هو محمد نجاتي في أول أدواره السينمائية مع المخرج عاطف الطيب الذي اكتشفه كوجه جديد وقدمه في دور مهم بقي علامة مميزة بالنسبة له.
لقد حاولت الفنانة الكبيرة التنويع في أدوارها خارج مساحة الفتاة الطيبة الرومانسية الجميلة، فعمدت إلى قبول بعض الأدوار الشريرة إمعاناً في التميز وإثبات جدارتها كممثلة قادرة على عبور حاجز الأدوار النمطية فقدمت بالفعل أدواراً مختلفة وجسدت شخصيات تتنافى مع طبيعتها الشخصية كدورها في فيلم «خدعتني امرأة» مع الفنان حسين فهمي، وهو الدور الذي كان يتسم مضمونه بالجرأة، كونها جسدت دور فتاة ربطتها علاقة عاطفية بالمحامي الذي يسكن في بيتها وفي لحظة ضعف معينة تمكن منهما الشيطان فتسببت العلاقة الحميمة في ورطة شديدة كان لا بد من إبرام عقد زواج صوري لمعالجتها.

مُعالجة درامية لقضية بالغة الحساسية

كما قدمت عفاف شعيب أيضاً دوراً نوعياً في فيلم «كيدهن عظيم» من إخراج حسن الإمام وقصة الكاتب محمود أبو زيد عام 1993 أمام الفنان جميل راتب الذي جسد شخصية أب يرفض الاعتراف بابنته، بينما جسدت عفاف شعيب دور الابنة التي تحاول جاهده إثبات بنوتها لأبيها مُعتمدة على شهادة الأم تحية كاريوكا والمعلم كبير الحارة فريد شوقي، وذلك كي تتمكن من الزواج وتكوين أسرة بشكل طبيعي.
في هذا الفيلم أسهمت شعيب في تقديم مُعالجة درامية إنسانية اجتماعية لقضية بالغة الحساسية والدقة برغم فجاجة العنوان ومحاولة المخرج حسن الإمام استغلاله تجارياً في شباك التذاكر.
ومع أن الفنانة عفاف شعيب كانت حريصة منذ بداية مشوارها الطويل على تقديم الفن الهادف والالتزام بالأدوار الإيجابية إلى حد كبير، إلا أن التقديرات الشخصية خانتها في بعض التجارب التي ظنت أنها على المستوى اللائق فنياً وإبداعياً، فمن بين الأفلام الضعيفة التي شاركت فيها بغرض التواجد فيلم «انتحار مدرس ثانوي» للمخرج ناصر حسين الذي اشتهر بالأفلام التجارية الهادفة للربح فقط.
فبالرغم من اشتراك نجم كبير مثل حسين فهمي في بطولة الفيلم إلا أنه لم يكن مُقنعاً على مستوى الرسالة أو المضمون، وهذه النوعية من الأفلام كانت شائعة في فترة الثمانينيات لكنها لم تُحدث أي تأثير إيجابي في صالح السينما المصرية.
هناك فيلم آخر بعنوان «الأونطجية» لعبت فيه عفاف شعيب دور البطولة وانتقدت من خلاله عالم الشعوذة والمشعوذين ولفتت بدورها النظر إلى جرائم النصب والاحتيال، حيث تخلت عن النوعية التقليدية لأدوار الفتاة الجميلة الوديعة ذات الملامح الإنسانية، هذا الدور ربما يكون أضاف لرصيد الفنانة شيئاً مُختلفاً ومُكتسباً فنياً خاصاً في حدود اجتهادها واعتنائها بالدور، لكنه أبداً لم يكن مناسباً لتفجير كل طاقاتها الفنية والإبداعية.
من خلال استعراضنا الموجز لبعض أدوار الفنانة القديرة نستطيع الجزم بأنها النجمة الأكثر تميزاً في الأدوار التلفزيونية، فهي صاحبة القاعدة الشعبية والجماهيرية العريضة بفضل إتقانها وحضورها القوي على الشاشة الصغيرة، كما أن أدوارها الأولى في أعمال درامية معينة كمسلسل «بستان الشوك» للمخرج فخر الدين صلاح والذي تم إنتاجه عام 1978 وشاركت في بطولته مع محي إسماعيل وأحمد زكي تُعد هي الأقوى والأهم في مسيرتها.
كذلك مسلسل «أفواه وأرانب» للكاتب سمير عبد العظيم والمخرج حسين كمال وبطولة مشتركة بينها وبين صلاح ذو الفقار، وضع اسمها في مصاف الفنانات القديرات وعزز من مكانتها الفنية وثقة الجمهور بها كفنانة جادة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى ظهورها الأخير في الموسم الرمضاني الفائت في مسلسل «محارب كأم» لحسن الرداد لا تزال عفاف شعيب قابضة على جمر التميز بحرصها الدائم على تقديم ما هو أجمل وأفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب