
إسرائيل في الرؤية الأمريكية
بقلم علي رهيف الربيعي
علاقة الكيان الصهيوني بالولايات المتحدة الأمريكية منذ الاستيلاء على فلسطين باعتبار أمريكا أقوى دولة إمبريالية في مرحلة بعد الحرب العالمية الثانية، وهي الدولة ذات المصالح الأكبر في المنطقة.
ومن هذا المنظور يمكن اعتبار الصهيونية حركة سياسية ذات مضمون اقتصادي، وبالإمكان ترتيب عدة نتائج على ذلك :
1- أن ما بين العرب والكيان الصهيوني هو صراع وجود لا صراع حدود . وهو ليس كما يسمية البعض نتيجة ” موروثات وحواجز نفسية” تسقط بأبرام اتفاقيات السلام ( الصلح المنفرد). والصراع أيضا ليس قائما بين الشعب العربي وبين اليهود لكونهم يهود . فهذا خطأ ، لأن العروبة قومية واليهودية دين ، ولكل منهما دلالة مختلفة . فالقومية العربية علاقة انتماء إلى مجتمع قومي ( أمة)، والدين اليهودي علاقة إيمانية بمقولات مبتافيزيقية . وكما يكون العربي يهوديا ويبقى عربيا يكون اليهودي منتميا إلى أي واحد من المجتمعات دون أن يكون ثمة تناقض بين انتمائه الاجتماعي وإيمانه الديني . فهو ليس صراع ديني يحله قبول تعايش الأديان على أرض فلسطين لان الصهاينة هم المعتدون الذين يخلطون القومية بالدين ويبررون العدوان بنصوص توراتية وتدعمهم الإمبريالية العالمية ، والعرب هم المغتصبة أرضهم يدافعون ضد الخطر الاستعماري على بقية الأرض العربية المستهدفة صهيونيا.
وفي النهاية إما أن تنتصر حركة القومية العربية، وأما ان تكون السيادة للحركة الصهيونية. ولذا فإن الكفاح المسلح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة هو الطريق الأساسي لتحرير فلسطين ، يدعمه كفاح الشعب العربي في تطوير دعائمه الاقتصادية وبنيته الاجتماعية بما يلائم طبيعة الصراع الحضاري لاثبات الوجود . والكفاح المسلح الذي يخوضه الشعب العربي الفلسطيني لا يتناقض مع طبيعة الصراع ذاته لانه من شأنه ان يؤدي إلى نتائج خطيرة على المدى البعيد في تقويض أركان التجمع الصهيوني ، ودفع المستوطنين الصهاينة للنزوح عن فلسطين المحتلة. كما أن الواقع ومستجداته تؤكد ان العدو الصهيوني قطع شوطا بعيدا في بناء القوة العسكرية بحيث لا يمكن تحقيق اي سلام دائم معه في ظل تزايد اهتماماته بمؤسسته العسكرية.
2- إن أمريكا تقف على نفس الخط الذي تقف عليه الصهيونية وإسرائيل. وهي تفعل ذلك لا بتاثير قوة الدعاية الصهيونية واللوبي الصهيوني ، وإنما على أسس تاريخية – مصلحية . فهي علاقات مبنية على التراث التاريخي والروحي وتتعزز باستمرار بواسطة النشاط السياسي والاعلامي للجماعة اليهودية الأمريكية ، وهو التراث الذي يعتبر إسرائيل المعاصرة المجسدة لدولة اليهود المنشودة هي إسرائيل التوراة، وبالتالي فإن كل عون أمريكي لإسرائيل هو ارضاء ” الله” وتحقيق للنبوءات وتعويض لآلام وعذاب اليهود على مر العصور، وإن دولة اليهود في فلسطين الموعودة هي المأوى الوحيد لهذا الشعب المختار وتعبير عن طموحاته القومية. وهي أيضا علاقات تنبني على مقولة انتماء التكوين الإسرائيلي تاريخيا للحضارة الغربية. وفي العقل الأمريكي صورة عن مجتمع الاستيطان الأمريكي ذاته ، ومن ثم فإن وجدانا مشتركا يجمع بينهما ويتشابهان في قيم الانجاز الذي تحقق والمغامرة الجريئة في إقامة وحماية مجتمع الاستيطان في أمريكا وفلسطين المحتلة . واخيرا فإن تلك العلاقات تعد تجسيدا لوحدة المصالح والأهداف الاستراتيجية المشتركة مما يجعل مصلحة كل منهما متكاملة مع مصلحة الأخرى . فإسرائيل في الرؤية الأمريكية عامل حيوي وهام للدفاع عن أمن الغرب وامريكا ، وتتطلب بالتالي التزاما امريكيا لا رجوع فيه بأمن وازدهار وتفوق إسرائيل.
وبناء على ذلك فإن الصراع العربي – الصهيوني لا ينفصل عن صراع العرب ضد الإمبريالية الأمريكية ، مما يسقط العديد من التصورات الخاطئة أو الساذجة . فهو يسقط التصور القائل بأن أمريكا شريك في عملية السلام المزعوم . فهي تقف على الجانب الآخر من الخط الفاصل .
2024 حزيران 20