منوعات

المعرض التشكيلي «غلوبال براش» يحطّ الرحال بتونس بمشاركة عربية ودولية: لوحات فنية تلامس هواجس الواقع وتحاكي فلسطين

المعرض التشكيلي «غلوبال براش» يحطّ الرحال بتونس بمشاركة عربية ودولية: لوحات فنية تلامس هواجس الواقع وتحاكي فلسطين

تونس /روعة قاسم

احتضن قصر خير الدين باشا بالمدينة العتيقة بتونس فعاليات الموسم الرابع للمعرض العالمي «غلوبال براش» الذي تنظمه مؤسسة «الدار آرت غاليري» الأردنية بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وبدعم من بلدية تونس وبرعاية وزارتي الثقافة في كل من تونس والأردن، وذلك إلى جانب المعرض التشكيلي الرئيسي أنشطة عديدة ومتنوعة على غرار الورش الثقافية وغيرها، وذلك بمشاركة 116 فنانا تشكيليا من أكثر من 20 دولة من مختلف أنحاء العالم.

وكان للفنانة التشكيلية التونسية إيمان بن إبراهيم دور بارز في تنظيم هذا الحدث البارز في العاصمة التونسية، فقد شاركت في هذه التظاهرة في دورتها السابقة التي انتظمت بالعاصمة التركية أنقرة واقترحت على المنظمين أن تكون الدورة القادمة في تونس ورحبوا بذلك. ووجدت الفنانة التشكيلية التونسية القبول بفكرة التنظيم هنا في أرض الخضراء وذلك من اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين ومن وزارة الثقافة التونسية ووزارة الثقافة الأردنية.

تجارب تشكيلية متنوعة

الفنانة التشكيلية ايمان بن إبراهيم منسقة هذا المشروع هي من أبرز الفنانين التشكيليين التونسيين الذين يحملون قضية المرأة وفلسطين في ذواتهم. وعبّرت من خلال هذا المعرض عن ثمار مسيرة مرّت بمراحل مختلفة في مجال الفن التشكيلي. وتعبّر لوحات الفنانة عن قضايا العصر وعن رؤيتها وتطلعاتها وأحلامها فيما يتعلق بمشاغل المرأة والنزعة نحو التحرر والانعتاق. وكذلك لوحاتها الفنية تناجي فلسطين. وقد سبق للفنانة ان أهدت إحدى لوحاتها لسفارة فلسطين في تونس انطلاقا من أن الفن هو رسالة الشعوب وهو صدى لمعاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال. وتعكس لوحاتها ملامح تعبيرها الذاتي عن أحاسيسها وتنطلق من الواقع المعاش ومواقف قد تبدو فردية لكن تجد صداها لدى المتلقي. وتهدف بمشاركتها إلى إيصال رسالة تنطلق من الواقع، فكل لوحة هي عبارة عن موقف واقعي بنظرة وأسلوب تعبيري ذاتي.
ويهمين موضوع المرأة على أعمالها التشكيلية والحضور الأنثوي لافت فالأنثى موجودة بكامل تجلياتها انطلاقا من ان المرأة هي نصف المجتمع. ودور الفنان التشكيلي أن يعبّر عن الواقع ويلامس مشاغل وهواجس الحياة، ويلامس المتلقي سواء كان رجلا أو امرأة وتترك له حرية ان يفهم اللوحة وفقا لقراءته الفنية الخاصة. فالمرأة بكل انتماءاتها سواء التونسية أو العربية حاضرة بقضايا مشتركة تمسّ كل المجتمعات. ويشكّل هذا المعرض فرصة للفنانين التشكيليين التونسيين والعرب ليأخذوا حظهم من الاهتمام وإيصال رسالتهم ورؤيتهم الفنية للعالم.

تميز فلسطيني

لقد جمعت هذه الفعالية الفنية بين فنون شتى ومجالات تعاون ومثلت جسر تواصل مع فلسطين الحاضرة من خلال مشاركة فنانين تشكيليين فلسطينيين من نابلس والقدس. وترى الصحافية التونسية لمياء الشريف المختصة في الشأن الثقافي في حديثها لـ«القدس العربي» بأن احتضان تونس للموسم الرابع للمعرض العالمي «غلوبال براش» ساهم في مزيد تنشيط الحياة الثقافية بالبلاد التي تتنفس ثقافة وإبداعا وفنا منذ أقدم العصور. كما مثل الحدث، حسب الشريف، فرصة لمزيد تعميق الروابط الثقافية مع بعض البلدان العربية التي تولي أهمية للأنشطة الثقافية والفنية على غرار الأردن، فالفن في تونس، هو فعلا مكون أساسي من مكونات الدبلوماسية الثقافية ودوره فعال في تعزيز قيم الإبداع والتفاعل والانفتاح بين الثقافات والشعوب.
وتضيف قائلة: «إن اللقاء الحاصل بين الفنانين التونسيين والأردنيين والفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم من العرب، بالإضافة إلى فناني باقي العالم، يدعم العلاقات بين هذه الشعوب من بوابة الثقافة والفن التشكيلي والإبداع. وقد كان حضور فلسطين متميزا كالعادة وهو حضور يجب أن يتكثف في كل التظاهرات ولا يغيب بتاتا مثلما يراد له من قبل الكيان الغاصب الذي يدرك أن وجوده لا يتأكد إلا بتغييب الشعب الفلسطيني في المحافل والملتقيات الدولية. لقد كانت فلسطين حاضرة في هذا الحدث العالمي بفنانتين تشكيليتين لتؤكد أنها حجر الزاوية وأنه لا يمكن تجاهلها مهما فعل الكيان الغاصب لطمس هويتها واستهداف مبدعيها في شتى المجالات».

تحفة تاريخية

وقد كان اختيار متحف خير الدين بالمدينة العتيقة اختيارا صائبا لإقامة هذا المعرض باعتبار أهمية هذا الصرح الذي كان قصرا للمصلح التونسي خير الدين باشا ورممته وأعادت تهيئته بلدية تونس وحولته إلى متحف للمدينة يحافظ على ذاكرتها ويوفر فضاء للمثقفين والفنانين لعرض إبداعاتهم. وقد بنى خير الدين هذا القصر بالمدينة العتيقة للعاصمة بين سنتي 1860و 1870 وجمع في هندسته المعمارية بين الطراز العربي الإسلامي والأوروبي، وقد عبث الاستعمار الفرنسي عند قدومه بهذا القصر وأدخل عليه عديد التغييرات التي أساءت لجماليته واقتطعت أجزاء منه.
فقد تم تحويله بداية إلى محكمة ثم بيعت أجزاء منه لمالكين جدد وذلك مع بدايات القرن العشرين ثم وقع هدم جزء من القصر يسمى قصر الحفصية لبناء مدرسة على أنقاضه. أما الجزء الثاني والذي يدعي التريبونال أو المحكمة فقد تم استغلاله كمدرسة أخرى بقيت تحمل اسم مدرسة خير الدين إلى حدود سنة 1960. وفي سنة 1999 قامت البلدية بالتعاون مع جمعية صيانة مدينة تونس بتهذيب وترميم القصر وتّم تحويله إلى فضاء ثقافي تابع لبلدية تونس سمي بمتحف مدينة تونس وقد خصص لاحتضان التظاهرات الثقافية في مجال الفنون التشكيلية التونسية والأجنبية.

برنامج ثري

وتضمن البرنامج إضافة الى المعرض التشكيلي سهرة للتعارف بين الفنانين المشاركين وأعضاء هيئة التنظيم ورؤساء الوفود مع ندوة علمية قدم لها إبراهيم الخطيب رئيس الوفد الأردني الحاضر بتونس، وتضمن البرنامج أيضا محاضرتين لكل من سامي الفقي من تونس وهشام تقش من لبنان.
وقد مثلت هذه التظاهرة بالنسبة للكثيرين دليلا على مستوى التعاون الثقافي المرموق بين تونس والأردن والذي يبقى رغم كل شيء بحاجة دائما إلى مزيد تطويره والنهوض به في جميع القطاعات بما في ذلك مجال الفنون التشكيلية التي لديها جمهور هام في كلا البلدين. والأهم أن هذا التعاون الثنائي لا يعود بالنفع على فناني البلدين فحسب، بل شمل بمناسبة هذه التظاهرة فنانين تشكيليين من بلدان أخرى عربية وغير عربية تفاعلت وتلاقت في بيئة تحترم الفنون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب