ترامب يقلب الطاولة: أيزاكمان يلتحق بماسك

ترامب يقلب الطاولة: أيزاكمان يلتحق بماسك
فجّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أول من أمس السبت، مفاجأة من العيار الثقيل عبر سحب ترشيح الملياردير جاريد أيزاكمان، القريب من إيلون ماسك، لرئاسة «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا)، قبل أيام معدودة من التصويت المرتقب على تأكيد تعيينه في مجلس الشيوخ. القرار، الذي لم تُعلن أسبابه بشكل مباشر، أثار صدمة في أوساط الفضاء والسياسة، وسط تساؤلات لم تلقَ الأجوبة النافعة.
مرشّح مدعوم… مرفوض
قاد أيزاكمان، وهو رجل أعمال وطيّار مقاتل سابق، بعثتين فضائيتين خاصتين عبر «سبايس إكس»، وكان يُنظر إليه كأحد أبرز الداعمين لرؤية ترامب الفضائية. وكان ترامب قد أعلن عن ترشيحه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لرئاسة الوكالة، كما استطاع إحراز تقدّم كبير في جلسات الاستماع أمام مجلس الشيوخ، رغم القلق الذي أبداه بعض النواب بشأن علاقاته التجارية مع ماسك وشركته.
لكن في 31 أيار (مايو) الماضي، كتب ترامب على منصته «تروث سوشال»: «بعد مراجعة شاملة للارتباطات السابقة، أعلن سحب ترشيح جاريد أيزاكمان لرئاسة ناسا. سأُعلن قريباً عن مرشّح جديد يتماشى مع المهمة ويضع أميركا أولاً في الفضاء».
علاقاته مع ماسك… العامل الخفي؟
جاء قرار الانسحاب بعد يوم واحد من انتهاء المدة الرسمية لتعيين إيلون ماسك كمستشار خاص في البيت الأبيض، حيث كان يقود «وزارة كفاءة الحكومة» المكلفة بتقليص التكاليف والإجراءات. وتُعدّ علاقة أيزاكمان الوثيقة مع ماسك، الذي دعمه علناً بعد القرار وكتب عنه: «من النادر أن تجد شخصاً كفؤاً وطيّب القلب بهذا الشكل»، واحدة من أبرز خيوط التحليل حول سبب سحب الترشيح.
وتشير تقارير متعددة إلى أن سجلّ أيزاكمان السياسي، الذي تضمّن تبرعات سابقة لمرشحين ديموقراطيين، من بينهم زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، ربما أثار تحفظات داخل الإدارة.
-
قاد أيزاكمان بعثتين فضائيتين خاصتين عبر «سبايس إكس».
انقسام بين الجمهوريين
أثار القرار انتقادات حادة من بعض أعضاء الحزب الجمهوري، فقد كتب السيناتور الجمهوري، تيم شيهي، على منصة «إكس»: «جاريد كان اختياراً قوياً من الرئيس ترامب لرئاسة ناسا. كنت فخوراً بتقديمه في جلسة الاستماع وأعارض بشدة أي محاولات لإفشال ترشيحه».
في المقابل، رحّب بعض المقرّبين من البيت الأبيض بخطوة الرئيس، معتبرين أن أيزاكمان لم يكن متماشياً بما يكفي مع أولويات «أجندة أميركا أولاً» في الفضاء، والتي تتضمن وضع العلم الأميركي على سطح المريخ وتخفيض ميزانية «ناسا» لمصلحة برامج أكثر «كفاءة».
ميزانية ناسا تحت المجهر
تزامن سحب الترشيح مع كشف إدارة ترامب عن خطط خفض ميزانية «ناسا» لعام 2026، من 24.8 مليار دولار إلى 18.8 ملياراً، بنسبة تقارب 25%. وتشمل الخطة إلغاء عشرات البرامج العلمية، مثل بعثات «جونو» نحو المشتري و«نيو هورايزنز» نحو بلوتو، وتسريح آلاف الموظفين.
وكان أيزاكمان قد حاول خلال جلسات الاستماع الدفاع عن رؤية متوازنة للوكالة، تجمع بين استكمال برنامج العودة إلى القمر والاستعداد لبعثات مأهولة إلى المريخ. وقال في إحدى جلساته: «الولايات المتحدة قادرة على التخطيط لكلتا الوجهتين».
لمعرفة المزيد عن الفضاء، اقرأ أيضاً: ماسك يحلم… و«ستارشيب» يحترق
مستقبل «ناسا» على المحك
مع انسحاب أيزاكمان، تترقب أوساط الفضاء هوية المرشّح الجديد. وتُطرح أسماء عدّة، من بينها الضابط المتقاعد في سلاح الجو الأميركي ستيفن كواست، المعروف بدعمه القوي لإنشاء «قوة الفضاء» الأميركية ومواقفه المؤيدة لترامب.
غير أن الغموض لا يزال يكتنف مستقبل الوكالة، التي تواجه تقليصات حادة، وعدم استقرار إداري، وتوترات متزايدة بين البيت الأبيض والكونغرس.
من جهته، حذّر عالم الفضاء في جامعة هارفرد، جوناثان ماكدويل، من أنّ «عدم وجود أيزاكمان في قيادة ناسا أمر سيّئ لها. ربما هو أمر جيد له شخصياً، لأن رئاسة الوكالة الآن تشبه سيناريو كوبايشي مارو»، في إشارة إلى اختبار بلا حلّ في سلسلة «ستار تريك».
أيزاكمان: ممتن رغم كل شيء
في بيان شخصي، عبّر أيزاكمان عن امتنانه للرئيس ترامب ومجلس الشيوخ، قائلاً: «لقد كانت الأشهر الستة الماضية كاشفة ومليئة بالتحديات. أصبحت أُقدّر أكثر مدى تعقيد الحكومة والمسؤولية الملقاة على قادة البلاد». وأضاف: «الرئيس، وناسا، والشعب الأميركي، يستحقون الأفضل، مديراً مستعداً لإعادة التنظيم والبناء وتحفيز ألمع العقول لإنتاج الإنجازات التي خُلقت ناسا من أجلها».