الصحافه

غزاويون يؤكدون وقوعهم ضحية.. والعرجاني نافياً ومتفاخراً بعلاقته بالسيسي: “إعلام إخوان”

غزاويون يؤكدون وقوعهم ضحية.. والعرجاني نافياً ومتفاخراً بعلاقته بالسيسي: “إعلام إخوان”

آدم ريسجون

بالنسبة لأغلبية سكان غزة، السبيل الوحيد للهرب من فظائع الحرب هو عن طريق مصر. يدور الحديث عن عملية مليئة بالمعانيات ومعقدة وباهظة الثمن، تتضمن دفع آلاف الدولارات لشركة مصرية تنقل فلسطينيين إلى ما وراء الحدود، الذين تظهر أسماؤهم في قائمة المسموح لهم الخروج من القطاع. من أجل التمكن من دفع التكاليف الباهظة التي تجبيها الشركة، وإزاء استمرار الحرب ونقص الغذاء والسلع الأساسية، يشعر كثير من الغزيين يشعرون وبدأوا بمحاولة جمع تبرعات عبر منصات رقمية مثل مولني.

د. سليم رضا، وهو طبيب أطفال يسكن في شمال إسكتلندا، غادر غزة في 2003، نشر توسلاً كهذا على الشبكة في كانون الثاني من هذا العام، بعد أن أرسلت له أخته رسالة قصيرة من القطاع قالت فيها إن والدها عانى من جلطات. نجح الوالد في الوصول للمستشفى وظل على قيد الحياة، ولكن الدكتور رضا ابن الـ 50 عاماً، أقنعته الحاجة الملحة بإخلاء عائلته من المنطقة التي تتعرض لحرب بأي ثمن. “اعتقدت أنني سأذهب في إحدى الليالي للنوم، وعندما أصحو أكتشف أن عائلتي لم تعد موجودة” قال، وأضاف: “شعرت بأنني عاجز وعديم الأمل، ولكنني عرفت بأن عليّ فعل شيء ما“.

حسب أقوال السفير الفلسطيني في مصر، دياب اللوح، غادر غزة منذ بداية الحرب حوالي 100 ألف شخص. نجح بعضهم بالخروج بفضل علاقات مع منظمات أجنبية أو حكومات، ولكن غزيين كثيرين لم يكن الخروج ممكناً إلا بواسطة شركة “هلا”، التي يبدو أنها ذات علاقات وطيدة مع الحكومة المصرية، إن مستقبل مسار الخروج هذا ليس واضحاً، خاصة بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي عملية عسكرية في رفح، وسيطر على المعبر الحدودي مع مصر، بقي المعبر مغلقاً منذ ذلك الحين، ولا يسمح للفلسطينيين بالمرور عبره، وليس واضحاً متى سيعاد فتحه. تحدثت “نيويورك تايمز” مع حوالي 10 أشخاص في غزة وخارجها حاولوا مغادرة القطاع أو مساعدة أبناء عائلتهم أو أصدقائهم للقيام بذلك، وجميعهم باستثناء واحد تحدثوا مع عدم ذكر أسمائهم لخوفهم من انتقام السلطات المصرية، سواء منهم أو من أقاربهم.

ثمة مسارات أخرى للخروج من غزة، ولكن العديد منهم بحاجة إلى أموال كثيرة. 4 من الذين أجريت مقابلة معهم قالوا إنهم غادروا القطاع أو حاولوا فعل ذلك بواسطة دفع أموال لوسطاء غير رسميين والذين طلبوا ما بين 8 آلاف إلى 15 ألف دولار للشخص الواحد (حوالي 30-56 ألف شيكل). إن الوسطاء، وهم من سكان غزة ومصر، يؤكدون أنهم سيجدون مسار خروج لزبائنهم خلال أيام معدودة، من نجحوا في المغادرة بدون حاجة لدفع رسوم عالية هم غزيون لديهم علاقات مع منظمات دولية أو حكومات أجنبية، ولديهم جوازات سفر أجنبية أو تأشيرات للسفر، وجزء من الجرحى، وكذلك طلاب سجلوا للدراسة في الخارج. ولكن الأغلبية العظمة لأكثر من مليوني مواطن في القطاع ليسوا محسوبين على هذه المجموعات.

خدمة  VIP

الغزيون السبعة الذين توجهوا لـ هلا” من أجل الخروج من القطاع، قالوا إنه طلب منهم دفع 5 آلاف دولار (حوالي 18 ألف و800 شيكلعن البالغين فوق سن 16، ونصف المبلغ عن الفتيان تحت هذا العمر. جهات في الشركة المصرية لم يردوا على الأسئلة التي أرسلت لهم عبر البريد الإلكتروني. إبراهيم العرجاني صاحب شركة “أورجان جروب” والتي تمتلك الشركة ويعتبر نفسه واحداً من أصحاب الأسهم فيها، ادعى بأن المبالغ المذكورة آنفاً ليست صحيحة. حسب أقواله، الشركة لا تجبي أموالاً مطلقاً مقابل تنسيق خروج الأطفال من غزة، والثمن للبالغين هو 2500 دولار، وأن الأمر تعلق بخدمة في آي بي”، وأن تكاليف تشغيل الشركة ارتفعت منذ بداية الحرب.

العرجاني هو رجل أعمال كبير، ساعد مصر في محاربتها منظمات جهادية في شبه جزيرة سيناء، لديه علاقات وطيدة مع موظفي حكومة كبار في القاهرة. هكذا حسب أقوال 3 مصادر حققت في علاقاته مع النظام المصري. هو نفسه نفى بأنه يجني أرباحاً بصورة غير منطقية بفضل هذه العلاقات. حسب أقوال أحد الغزيين الذين يسكنون في خيمة على شاطئ دير البلح، فإنه توجه إلى “هلا” مضطراً ويشعر أنه تم ابتزازه بأيدي سماسرة حرب، وبالتحديد في الفترة الأقسى من حياته. هذا الرجل وهو ابن 48 عاماً، أراد تجنيد أموال عبر الشبكة من أجل زوجته وأولاده الـ 7 الذين منهم طلب منه من أجل بعضهم أن يدفع الرسوم الكاملة. حسب أقواله، هو بحاجة إلى 37500 دولاراً (حوالي 141 ألف شيكل) ولكنه نجح في تجنيد خمس هذا المبلغ فقط بواسطة  Go fund me ما الخيار الذي أمامي؟ لا خيار”، أضاف بيأس.

مطلوب من زبائن “هلا” اجتياز إجراء بيروقراطي معقد لتسجيل أقاربهم. عليهم الوصول إلى مكاتب الشركة في القاهرة، وأن يدفعوا بواسطة قطع نقدية ذات المئة دولار والتي صدرت في سنة 2013 أو بعدها. هكذا قال د. رضا، وثلاثة أشخاص آخرون أجريت معهم المقابلة. ادعى العرجان بأنه لا يعرف أي تفاصيل عن إجراءات التسجيل. حسب أقواله، فإن من دفع بفئات نقدية من 100 دولار، سقط ضحية لوسطاء غير قانونيين. في شباط، سافر د. رضا إلى القاهرة لتسجيل والديه وأخته وابن أخته. أحضر معه ابنه ذا الـ 23 عاماً لأنه لم يرغب في التجول وحده حاملاً أموالاً نقدية بهذا الحجم. حتى ذلك الحين، نجح في تجنيد 25 ألف دولار.

في شباط، عندما سافر إلى القاهرة لتسجيل والديه وأخته وابن أخته، أحضر معه ابنه الـ 23 عاماً لأنه لم يرغب في حمل أكثر من 10 آلاف دولار معه. وقال: “كانت عملية طويلة جداً ومعقدة ومليئة بعدم اليقين”. في مقابلة في مكاتبه بالقاهرة، تحدث العرجاني بالتفصيل عن نشاط الشركة، ولكنه أوضح بأن تدخله الشخصي محدود. رجل الأعمال هذا أشار إلى أنه واحد من أصحاب الأسهم الكثيرين في الشركة. ظهرت “هلا” طوال فترة طويلة في موقع الإنترنت للمجموعة القابضة التي يمتلكها، ولكن يبدو أنها حُذفت من هناك مؤخراً. في “أورجاني جروب” لم يردوا على سؤال لماذا تم حذف الشركة من قائمة ممتلكات الشركة القابضة في الموقع.

العرجاني يعتبر “هلا” شركة سياحة “شبيهة بأي شركة تعمل في المطارات” والتي أقيمت في 2017 لتقديم خدمات VIP لمسافرين فلسطينيين يريدون تطوير تجربة سفرهم عبر المعبر الحدودي لرفح “أساعدهم حين يريدون الدخول إلى قاعة الـVIP  في المعبر ويتناولون وجبة إفطار ويسافرون للقاهرة بسيارة BMW ويتوقفون للاستراحة ويواصلون نحو هدفهم”، وأضاف: “دورنا هو توفير الخدمات الأفضل لهم. هذا كل ما في الأمر”.

لكن فلسطينيين كثيرين من الذين استفادوا من خدمات الشركة في فترة الحرب والذين قالوا إنه لم تقدم لهم خدمات VIP – وإنهم نقلوا للقاهرة بباصات صغيرة وتلقوا طعاماً أساسياً. حسب أقوال العرجاني، فإن الطلب المتزايد منذ بداية الحرب على خدمات مثل النقل من رفح إلى القاهرة، أجبر الشركة على رفع الأسعار. على حائط المكتب الذي أجريت فيه المقابلة معه، كانت هنالك صورة كبيرة ظهر فيها إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عندما سئل عن العلاقات بين “هلا” والحكومة المصرية، وعن ادعاءات بأن الشركة تكسب من الاتفاقات التي تقدم تسهيلات لها، أصر العرجاني على أن الأمر يتعلق بتشويهات مصدرها وسائل إعلام مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين في مصر.

اتحاد حلو- مر

في زيارة لوسط القاهرة شهر نيسان، خارج مبنى عال مغطى بزجاج قاتم تقع فيه مكاتب “هلا”، انتظر حوالي 40 شخصاً في صف طويل وبأيديهم رزمة وثائق مصورة وأوراق نقدية. تحدثوا بصوت عال عن سعر الصرف لعملات أجنبية، في الوقت الذي انتظروا فيه موظفين مصريين ليسمحوا لهم بالدخول. وطوال ذلك الوقت، وصل زبائن آخرون وانضموا للصف الممتد في مدخل البناية. رد حكومة مصر على التهم التي طرحها من أجريت معهم المقابلات من أجل هذه المقالة، أشار إلى تصريحات سابقة لممثلين رسميين، من بينهم وزير الخارجية سامح شكري. وفي مقابلة مع شبكة “سكاي نيوز” البريطانية في شباط الماضي، قال شكري إنه لا يؤيد الأسعار التي تفرضها الشركة، وإن حكومة القاهرة تعتزم اتخاذ خطوات لإلغاء الرسوم، ولم تقدم أي إجابة عن سؤال مباشر حول العلاقة مع “هلا”.

شركة GO found me قدمت الشهر الماضي تصريحاً يقول إن أكثر من 150 مليون دولار (حوالي 564 مليون شيكل) جمعت في إطار حملات لتجنيد أموال مرتبطة بالحرب في غزة. حوالي 19 ألفاً كهؤلاء سجلوا في الموقع حتى ذلك التاريخ، لغايات مثل إخلاء مدنيين، ومعالجة طبية وأغذية. وشملت التبرعات أصدقاء وأقارب وأشخاصاً من الدائرة الاجتماعية الأوسع من الغزيين الذين يريدون الخروج، أو أولئك الذين يراد إخراج أقاربهم من القطاع، ولكنها شملت أيضاً أشخاصاً لم يعرفوا مطلقاً من هم الذين بادروا بتجنيد عملية التبرعات.

 سافر رضا في نيسان إلى مصر للمرة الثانية، هذه المرة لجمع شمله مع والديه وأخته وابنها، الذين نجحوا في الخروج من غزة في الوقت المناسب للاحتفال بعيد الفطر. طبيب الأطفال قال إنه كان مضطرباً من مشاعر الفرح التي كانت مختلطة بمشاعر ثقيلة لأن 28 من أبناء عائلته الممتدة ما زالوا في رفح ومدينة غزة. في الشهر الماضي، نجح في الاهتمام بخروج 4 منهم “هذا حلو- مر” قال رضا. “كان مهماً جداً أن أرى والدي وأختي وابنها، ولكنني ما زلت أشعر بالخوف على أبناء عائلتي الذين ما زالوا في غزة. لا أعتقد أنني أستطيع الخروج وبأنني أستطيع التنفس كالمعتاد إلى أن أعرف بأنهم في مكان آمن.

 هآرتس 23/6/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب