مقالات

قصّة حبّ غريبَة..

قصّة حبّ غريبَة..

بقلم علي عمو

أنهت فاطمة امتحاناتها
الجامعيّة في أواخر شهر
يونيو، قررت عائلتها
الذهاب للمصيف، صمموا
قضاء بضعة أيام في أحد
أجمل المصطفات، في طريق
الأسرة إلى المكان المعهود،
أخذت فاطمة تُطِلّ من نافذة
السيارة و أخذت تفكر في
سعيد جارهم الجميل
الوسيم، الذي يميل قلبها
إليه، منذ الصيف الماضي
عندما تقابلت معه في إحدى
شوارع المدينة التي
يقطنانها كان يميل بعينه كما
تميل الورقة تحت تأثير
هبوب النسيم العليل، ابتسم
لها فخجلت ثم ذهبت في
طريقها .
توالت الأيام بين نظرات
حادّة منه وخجل شديد
منها، وفي أحد الأيام اقترب

منها هامساً: أحبك .. يا مجهولة الاسم، أخبريني اسمك وداوي قلبي الملهوف للقائك يا حبيبتي .
بابتسامة منقبضة وحمرة الخجل التي تُزيِّن وجهها الرفيع أجابت :اسمي فاطمة.
سعيد : أما أنا فاسمي سعيد جاركم يا فاطمة قلبي المختارة.
جاء الليل واشتاق سعيد لرؤية فاطمة فأخذه الحنين لطُرُقات شارع بيتيهما، نزل لاستنشاق الهواء في ليلة مقمرة
رائعة، وهبوب رياح خفيفة، حدّث نفسه قائلاً: أحبها ولا أراها كثيرا، يا تُرى هل تُحبني وتشعر بنبَضات قلبي التي تحِنُّ
إليها ؟..
مثلت صورتها أمام عينيه وهو يسير الهُوَيْنى في طريقه، فاطمة ذات الشعر الأسود وخصلات بُنية اللون تمتزج معه في
نَسَقٍ عجيب هائل مُثير، و وجهها الرفيع الأسمر، كأنها ملكة مُتوَّجة، تقبَع جالسةً على عرش مُلْكها في أوجِّ سُلطانه.

هطلت الأمطار الخفيفة عليه وأخذ يُهروِل ناحية الرصيف ليحتمي به قائلا: عندما تذكرتك فاطمة هطلت أمطار قلبي
شوقا لك حبيبتي…
أخذ سعيد يركض على الرصيف قائلاً: يا ليتها تحبني كما أحبها، أسئلة كثيرة تروج في ذهنه و يحاول معرفة جوابها، يا
حبيبتي أنا هنا تحت المطر.
من الشرفة تطل تشاهد تساقُطَ الأمطار، ابتعد عنها سعيد و لم يعد حتى الآن..
في شُرفة منزلها كانت تنتظره بالساعات وفي يدها باقة الياسمين، تستنشقها وتحن له، فتأمُل أن تراه ويتغزَّل قلبُها في
ملامحه، لكن الوقت يمرّ دون توقف وهذا الحبيب لا يظهر إلا من وراء حجاب، كأنه يتحدى حُبَّها بقول واحد: لن تريْني
بعد الآن، فقد حان وقت الوداع!!..
أرسلت فاطمة سلامات براحة اليد ودمعاتها على خدها، ولمّا رأته يُحكِم إغلاق النافذة، تبعثر قلبها على شريط الأيام..
تخلَّص سعيدٌ من توتُّره بعد أن أغلق النافذة، وأظهر نبْرةَ سعادة بسيطة وحدَّث نفسَه: لم يعُد لفاطمة مكان في القلب
سُعاد هي حبيبتي، وعليّ ألّا أُورِّطَها في الحب أكثر من هذا…
لمح قُبلتها له في الهواء فتكدَّر وجهه نادِماً على هذا الحب الذي تسرَّع فيه ووضع يده على قلبه و هو يقول في نفسه:
أنت فاطمة ذكرى عابِرة في دفتر أيامي..
حاولتْ أن تلتقيَه في البهْو كالعادة، لكنّه كان يتهرّب منها، ويتجه بوجهه للناحية الأخرى كما لو كان لا يعرفها، ولم
يُحبَّها قلبُه في يوم من الأيام، وآخر مرة قال لها : فاطمة.. لم يعد قلبي يحبك صدِّقيني، لن أخادعك وأقول أن هواكِ في
قلبي، بل كنتُ وما مضى قد مَضى .
و في صبيحة يوم العيد رأته يسير خلف سعاد هاتفاً: أُحبُّكِ يا سعادُ.. أحبك بحجم بُعد السماء عن الأرض…
هذه الذكريات جعلتها تضحك و تبكي حتّى بلّلتْ ستار رأسها الذي ارتدتْه منذ أيام قليلة.. مَسَحت فاطمة دموعها ثم
تنَهَّدت و في سرّها قالت: ياحبيبي، يا مَن فارقتُه رغْم حُبي، قلبي يحبك و لكن قلبك يُحب أُخرى، فكيف أكون لك و أنت
مِلْكٌ لِغيري..
بصوت شجيّ قالتْ: يا قلبي قد خُدِعتَ.. يا قلبي لا تَمِلْ لِهَواهُ…
غادرت فاطمة مع أسرتها نحو المُصطاف الذي يبعُد عن المدينة التي تقطُنها عدة أميالٍ، و شوْق سعيد لم يغادر فؤادها،
لحظة واحدة. طيلةَ مقامها في الفندق، تحاول دوماً الاتصال بمحبوبها، عبر الهاتف، و لكن دون جدوى، الهاتف يرنّ و
لا جواب، و حينها تأكّدت فاطمة أنّ حبّ سعيد لها لم يكن حقيقيّاً و إنّما هي نزوة خادِعة…

كاتب من المغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب