مقالاتكتب

التزوير في الادب اليهودي بقلم الروائي يوسف يوسف (فلسطين )

في رواية ( كوكب الرماد) للكاتب ( كا.تستنيك) ثمة سمة استعارية تبدأ من العنوان ، فالمؤلف استخدم مفردة كوكب في غير المكان الذي حددها لها علماء الفلك ، وأعطاها نسيجا خاصا بها ، يختلف عن الانسجة التي تتكون منها الكواكب الاخرى غير المأهولة بالبشر . أي أن ( تستنيك) يضع القارئ أمام كوكب بشري ، وأحسب أنه قد نجح في منحه هذه القيمة الاستعارية ، ذلك لأن المعتقلات عموما ، وفي أي زمان ومكان ، تبقى عصية على الادراك العام ، ولا يمكن أن يدرك أسرارها إلا رجل الفضاء الذي يمكنه أن يحل َقيها ، كما يحل فوق القمر، أو المريخ. ولقد كان ( تستنيك)! رجل الفضاءالذي يهبط فوق معتقل ( أشفيتس) لينقل لنا ما يراه لا ما نراه نحن ، الاغيار، وأحسب أيضا أنه لولا ما توصلت اليه التحقيقات ، فإن المعلومات التي زودنا المؤلف بها وغيره ممن صوروا المعتقلات النازية، ستبقى هي الحصيلة الوحيدة لمعارفنا في هذا الجانب ، ذلك لانهم وحدهم رواد الكتابة عنها .
ولقد جعله تستنيك نسيجا من رماد ، أي أن كل نزلائه من اليهود قد أبيدو ، باستثناء بطله فيربر الذي استطاع ان يهربه معه فوق عربته ، لينقله الى كوكب اخر ، هو نفسه الذي يقول عنه : عشرة عيون من الازواج المحدقة ، كل زوج في اللوح الذي فوقه، حيث تطل عليه صورة حياته التي كانت ، ذات يوم ، في زمن اخر، ومكان اخر، فوق كوكب اخر ، ربما كان ذلك قبل الاف السنين .
إن المؤلف الذي يحلم بأرض الميعاد، بفلسطين باعتبارها معادلا موضوعيا للكوكب الاخر ، الذي يهرب بطله اليه ، ولكنه قبل ان يفعل ذلك ، يكون قد وضعه في أوشفيتس ، مركز الصدمة الأول ، وحيث يرى القارئ ابادات اليهود المختلقة.
تدخل مفردة العيون في ١٣٥ استخداما ، والثكنة في ١٠٥ استخداما ، ورأس في ٤٥ استخداما ، واوشفيتس في ٨٧ استخداما وهياكل في ٦٤ استخداما ومعسكر في ٥٩ استخداما وفرن في ٤٠ استخداما … اله،
فالتكرار اللفظي لم يأت عبثا ، وفي اعتقادنا فان الكاتب يود محاصرة المتلقي ومحاولة اقناعه بواقعية الرواية وصدقها .
واذا كان كل ما يتأسس على الباطل باطل هو الاخر ، فإن رواية كوكب الرماد التي يتقنع صاحبها بتقديم ما يسميها عذابات اليهود ، تهدف ايضا الى اعطاء القارئ اليهودي كبسوله لانعاش الذاكرة ، باستدراجه عذابات فيربر المتخيلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب