
في رواية ( كوكب الرماد) للكاتب ( كا.تستنيك) ثمة سمة استعارية تبدأ من العنوان ، فالمؤلف استخدم مفردة كوكب في غير المكان الذي حددها لها علماء الفلك ، وأعطاها نسيجا خاصا بها ، يختلف عن الانسجة التي تتكون منها الكواكب الاخرى غير المأهولة بالبشر . أي أن ( تستنيك) يضع القارئ أمام كوكب بشري ، وأحسب أنه قد نجح في منحه هذه القيمة الاستعارية ، ذلك لأن المعتقلات عموما ، وفي أي زمان ومكان ، تبقى عصية على الادراك العام ، ولا يمكن أن يدرك أسرارها إلا رجل الفضاء الذي يمكنه أن يحل َقيها ، كما يحل فوق القمر، أو المريخ. ولقد كان ( تستنيك)! رجل الفضاءالذي يهبط فوق معتقل ( أشفيتس) لينقل لنا ما يراه لا ما نراه نحن ، الاغيار، وأحسب أيضا أنه لولا ما توصلت اليه التحقيقات ، فإن المعلومات التي زودنا المؤلف بها وغيره ممن صوروا المعتقلات النازية، ستبقى هي الحصيلة الوحيدة لمعارفنا في هذا الجانب ، ذلك لانهم وحدهم رواد الكتابة عنها .
ولقد جعله تستنيك نسيجا من رماد ، أي أن كل نزلائه من اليهود قد أبيدو ، باستثناء بطله فيربر الذي استطاع ان يهربه معه فوق عربته ، لينقله الى كوكب اخر ، هو نفسه الذي يقول عنه : عشرة عيون من الازواج المحدقة ، كل زوج في اللوح الذي فوقه، حيث تطل عليه صورة حياته التي كانت ، ذات يوم ، في زمن اخر، ومكان اخر، فوق كوكب اخر ، ربما كان ذلك قبل الاف السنين .
إن المؤلف الذي يحلم بأرض الميعاد، بفلسطين باعتبارها معادلا موضوعيا للكوكب الاخر ، الذي يهرب بطله اليه ، ولكنه قبل ان يفعل ذلك ، يكون قد وضعه في أوشفيتس ، مركز الصدمة الأول ، وحيث يرى القارئ ابادات اليهود المختلقة.
تدخل مفردة العيون في ١٣٥ استخداما ، والثكنة في ١٠٥ استخداما ، ورأس في ٤٥ استخداما ، واوشفيتس في ٨٧ استخداما وهياكل في ٦٤ استخداما ومعسكر في ٥٩ استخداما وفرن في ٤٠ استخداما … اله،
فالتكرار اللفظي لم يأت عبثا ، وفي اعتقادنا فان الكاتب يود محاصرة المتلقي ومحاولة اقناعه بواقعية الرواية وصدقها .
واذا كان كل ما يتأسس على الباطل باطل هو الاخر ، فإن رواية كوكب الرماد التي يتقنع صاحبها بتقديم ما يسميها عذابات اليهود ، تهدف ايضا الى اعطاء القارئ اليهودي كبسوله لانعاش الذاكرة ، باستدراجه عذابات فيربر المتخيلة