الصحافه

صحيفة إسرائيلية: ما مدى احتمالية انضمام بريطانيا لـ “نادي الاعتراف بالدولة الفلسطينية”؟

صحيفة إسرائيلية: ما مدى احتمالية انضمام بريطانيا لـ “نادي الاعتراف بالدولة الفلسطينية”؟

أي تفصيل في زيارة التعارف التي قام بها وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، لإسرائيل ولمناطق السلطة الفلسطينية في الأسبوع الماضي، تم التخطيط له بعناية بهدف بث التوازن. صور المصافحة مع رئيس الحكومة نتنياهو، ورئيس الحكومة في السلطة الفلسطينية محمد مصطفى، تم نشرها معاً في التغريدة نفسها. بياناته العلنية دعت لوقف إطلاق نار فوري، وأيضاً تحرير فوري للمخطوفين. والتقط صورة وهو يحتضن أبناء عائلات المخطوفين. وبعد ذلك، في لقاء مع فلسطينيين في الضفة التقط صورة مع من يعانون من أعمال عنف المستوطنين.

النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني نقطة خلاف سياسية في بريطانيا بشكل عام، وفي حزب العمال بشكل خاص، والحرب في غزة احتلت مكانة رئيسية في الانتخابات في 4 تموز. كانت الزيارة فرصة لتحويل مقاربة حكومة بريطانيا الجديدة إلى مقاربة متزنة ومنطقية أكثر.

رئيس الحكومة كير ستارمر، يواجه إرث حكومة المحافظين، التي اعتبرها اليسار البريطاني مؤيدة لإسرائيل بشكل أعمى وتؤيد استمرار الحرب. في الوقت نفسه، هو يبذل كل ما في استطاعته للابتعاد عن ظل سلفه في قيادة الحزب جيرمي كوربن، الذي عرّف ممثلي حماس وحزب الله بالتعريف البائس “أصدقائي”، وتمركز في الطرف الثاني – العداء الواضح لإسرائيل. بدلاً من ذلك، تعلن حكومة ستارمر بأنها تنوي اتباع سياسة خارجية مبنية على “الواقع – التقدمي”.

في مقال نشره لامي في بداية السنة الحالية في صحيفة “الغارديان”، وصف سياسته الخارجية بأنها نموذجية، لكن بدون أوهام وأهداف غير منطقية. “الاعتراف بوجوب الدفاع عن مصالح المملكة المتحدة لتشكيل قوة خير”. في كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، أوضح لامي بأن “الواقع التقدمي له نفس الحلم بخصوص أوكرانيا وإسرائيل وفلسطين. كل واحدة منها ستكون دولة ذات سيادة، آمنة ومعترفاً بها من قبل العالم، وتعيش بسلام مع جيرانها”. طريقة تحقيق هذا الهدف أو الدور الذي يمكن للندن أن تلعبه في ذلك واضح بدرجة أقل.

       موضوع “الأونروا”

القرار الأول الذي اتخذته بريطانيا هو استئناف تحويل الأموال للأونروا. الحكومة السابقة جمدت التمويل للمنظمة في كانون الثاني عقب اتهامات إسرائيلية بأن موظفيها متورطون بشكل مباشر في مذبحة 7 تشرين الأول. الجمعة الماضي، أعلنت الحكومة بأنها ستخصص ميزانية تبلغ 21 مليون جنيه إسترليني للأونروا. وقال لامي في البرلمان إنه حصل على تعهد باتخاذ الأونروا خطوات “لضمان الحرص على الحيادية بأعلى مستوى”.

تصرفت لندن كما تصرفت الـ 16 دولة المانحة للأونروا، باستثناء الولايات المتحدة، حيث استأنفت تقديم المساعدات للأونروا. حتى إن المجموعة في البرلمان، “أصدقاء إسرائيل في حزب العمال”، أيدت هذه الخطوة وقالت بأنه يجب استئناف التمويل على خلفية الوضع الإنساني في القطاع. ولكنها أشارت إلى أنه يجب الحرص على إجراء فلترة شفافة ومتشددة أكثر تجاهها. وقال هـ.أ هيلر، الخبير الأمني في شؤون الشرق الأوسط في صندوق كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن وفي معهد رويال يونايتد سيرفس في لندن، إن “استئناف التمويل خطوة عملية ورمزية في الوقت نفسه. وهو إعلان سياسي يرفض محاولة حكومة إسرائيل تغيير الوضع الراهن عن طريق تحييد مؤسسات مثل الأونروا والسلطة الفلسطينية”.

ثمة موضوع آخر، وهو: هل سيتم عكس جهود الحكومة السابقة في معارضة تقديم لوائح اتهام بسبب جرائم الحرب ضد زعماء في إسرائيل من قبل محكمة الجنايات الدولية؟ في أيار الماضي، طلب المدعي العام الرئيس في المحكمة، كريم خان، تقديم أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع غالنت. في الشهر الماضي، عارضت وزارة الخارجية البريطانية هذا القرار وطرحت على المحكمة سؤالاً حول ما إذا كانت لها صلاحية إصدار أوامر اعتقال لإسرائيليين.

يبدو أن حكومة ستارمر لن تستمر في معارضة الطلب. وأعلن دبلوماسيون بريطانيون بأن الاعتراض “قيد الفحص”. النائب العام الجديد في المملكة المتحدة، ريتشارد هيرمر، وهو محام متخصص في حقوق الإنسان والقانون الدولي، طلب في السابق من إسرائيل العمل حسب القانوني الدولي في حربها على غزة.

     تعليق رمزي

ثمة مجال آخر سيتم فيه استخدام الضغط على حزب العمال لفحص سياسته، وهو بيع السلاح لإسرائيل. بريطانيا مزودة مهمة للسلام، لكن مبيعاتها لإسرائيل قليلة. ورغم ذلك، سمعت منذ بداية الحرب في غزة دعوات، ليس فقط في اليسار، لتجميد تزويد السلام. وعد لامي بإعادة فحص الاستشارة القانونية التي قدمت للحكومة السابقة والتي بحسبها لا يوجد خطر، من خلال استخدام السلاح البريطاني الذي تم تزويده لإسرائيل، من خرق القانون الدولي.

عبر هيلر عن شكوك حذرة فيما يتعلق بإمكانية حظر إرساليات السلاح. “لدي شعور بأن حزب العمال سيمتنع عن ذلك بسبب سياسة هشة لمثل هذه الخطوة. ولكن سيتم إجراء نقاش موسع في هذه الاحتمالية داخل الحزب”، قال.

قضية الإجماع

السؤال الأكبر: هل ستدفع حكومة حزب العمال قدماً باعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية؟ هذا السؤال ما زال مفتوحاً. حزب العمال أيد التمسك بما تجمع عليه الولايات المتحدة والحلفاء الآخرون الذين أيدوا التقدم نحو حل الدولتين، والامتناع عن الاعتراف الفوري أو المبكر بالدولة الفلسطينية. ولكن خطوة إسبانيا وأيرلندا والنرويج، وهي الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية في أيار الماضي، يشكل ضغطاً آخر على بريطانيا من أجل الانضمام لنادي الاعتراف الرسمي الآخذ في التوسع. يعتقد المحللون أن هذا الأمر سيكون مطلوباً لو أرفق بتطلع سياسي لتسويق مبادرة، لكنه بعيد عن رأس سلم الأولويات.

مع ذلك، من غير المؤكد أن يتخذ حزب العمال موقفاً متصلباً أكثر فيما يتعلق بالمستوطنات ورؤساء اليمين المتطرف في إسرائيل، وهو موقف حوله إجماع، ويمكن الافتراض بأنه لن يثير أي معارضة.

حزب العمال يستمر في سياسته المعتدلة والمتزنة فيما يتعلق بالنزاع، رغم الغضب الذي وجه للحزب بسبب التأخر في إدانة العملية الإسرائيلية في غزة، ورغم أنه فقد أربعة مقاعد لمرشحين يؤيدون الفلسطينيين بشكل واضح، وانخفاض عدد المصوتين له في مناطق انتخاب فيها عدد كبير من المسلمين.

“هذا الموضوع ليس على رأس الأولويات. من الواضح أنه لم يكن لستارمر وحكومة الظل أي رغبة في الاقتراب من هذا الموضوع”، قال يو لابيت، وهو زميل كبير في مجلس أوروبا للعلاقات الخارجية، “هذه قضية تعمل على الانقسام، لا سيما على خلفية الإرث السلبي لعهد كوبين، ولكن لا يمكن التهرب من النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، هذا درس تعلمته جميع الحكومات حتى الآن”.

دانييلا بيلد

 هآرتس 24/7/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب