الصحافه

التفاؤل يسود أوساط الاقتصاديين بعد زيارة السيسي لتركيا… وتقسيم الثروات الطبيعية نجاة من النكبة الاقتصادية

التفاؤل يسود أوساط الاقتصاديين بعد زيارة السيسي لتركيا… وتقسيم الثروات الطبيعية نجاة من النكبة الاقتصادية

حسام عبد البصير

القاهرة ـ يبدو العالم بأسره وكأنه يمثل على الفلسطينيين دور المخلص الأمين الخائف عليهم من المستقبل، وتطورات الحرب. غير أن الفلسطينيين المراد لهم أن يختفوا على الأنظار نهائيا لينفرد أشرار الكون بسائر العرب والمسلمين لاحقا، يعرفون حجم المؤامرة التي تعد لهم منذ زمن، ولا سبيل يحول دون نجاحها، سوى قدرة الشعب الفلسطيني غير المحدودة على الصمود والدفاع عن وطنهم، مهما ابدعت قوى الشر في تمديد زمن الحرب والحيلولة دون وصول حبة دواء أو كيلو طحين للشعب المبتلى الصابر. وأكد مصدر مصري رفيع المستوى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفتقد الواقعية، ويسعى من خلالها إلى تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه في قطاع غزة، الذي شهد إبادة جماعية. وأوضح المصدر، أن الأشهر الماضية أثبتت أن نتنياهو لا تهمه عودة المحتجزين الإسرائيليين أحياء، ما دام ذلك يتعارض مع أهدافه ومصالحه الشخصية. من جانبها قالت الدكتورة تمارا حداد الباحثة السياسية، إن نتنياهو يصمم على استمرار الحرب على غزة لأكثر من هدف، منها إبقاء واقعه السياسي وحكمه حتى 2026، والهدف الثاني يتعلق بتفتيت الوحدة الوطنية. وأضافت خلال تصريحات تلفزيونية، أن نتنياهو يهدف إلى التموضع الأمني والعسكري في قطاع غزة إلى جانب بقائه في محور فيلادلفيا لإنهاء أي وجود فلسطيني في أرض القطاع.. وتابعت: «نتنياهو يتحدى مصر ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، ومصر أفشلت كل مخططاته، التي منها تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، فضلا عن أن نتنياهو يتهم غيره ويلقي اللوم على غيره بالفشل».
ومن المحاولات الرامية لتغلب الحكومة على الأزمة الاقتصادية: أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن الحكومة تدرس إصدار سندات خضراء وصكوك محلية في إطار استراتيجية خفض معدل وأعباء الدين للناتج المحلي الإجمالي، ونتطلع للاستفادة من خبرات وتجارب المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص في تطوير عملية إصدار الصكوك المصرية. وقال الوزير، في لقائه مع المهندس هاني سالم سنبل الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة، والرئيس التنفيذى بالإنابة للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، إننا ندعم الأنشطة الإنتاجية والتصديرية ومشروعات التنمية الزراعية والأمن الغذائي، موضحا أننا نعمل على استعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، في إطار منظومة متكاملة للإصلاح الاقتصادي وسوف تتضمن الحزمة الجديدة من الإصلاحات الضريبية المتوقع إعلانها خلال الفترة القليلة المقبلة، حلولا عملية مبسطة لتحديات كثيرة تواجه المجتمع الضريبي، بما في ذلك تسهيل المعاملات الضريبية والإجراءات التنفيذية لضرائب الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ومقدمي الخدمات و«الفري لانسرز»، استهدافا للتيسير على مجتمع الأعمال بكل مكوناته.
ومن أخبار الحوادث أقدم مستشار في العقد الخامس من العمر في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة، على التخلص من حياته بإطلاق النار على نفسه من سلاحه الخاص داخل منزله، وتم نقل الجثة إلى ثلاجة حفظ الموتى في مستشفى دمنهور التعليمي تحت تصرف جهات التحقيق.
هواننا أغراهم

باستثناء بضع بيانات روتينية، وصفها الدكتور يحيى عبد الله في “الشروق” بالعقيمة، أصدرتها وزارات الخارجية في بعض الدول العربية لمجرد إبراء الذمة، مرت التصريحات التي أدلى بها بن غفير، بشأن عزمه بناء كنيس في المسجد الأقصى مرور الكرام، رغم خطورتها، ورغم ما بها من جوانب كاشفة للموقف الحقيقي، الذي يتبناه نتنياهو بشأن الأقصى. ليست هذه المرة الأولى التي يقتحم فيها بن غفير ساحات الأقصى، أو يدلى فيها بتصريحات حول هذا الموضوع الحساس. فقد سبق ونظم في الثالث عشر من شهر أغسطس/آب لهذا العام، هو ومجموعة من الوزراء والناشطين اليمينيين، اقتحاما جماعيا لساحات المسجد الأقصى ضم ما يقارب الثلاثة آلاف شخص، وثقت الصور التي بثتها وسائل الإعلام العشرات منهم وهم يؤدون صلوات ويسجدون على الأرض، وينشدون النشيد القومي الإسرائيلي، ويرقصون، ويرفعون الأعلام الإسرائيلية. وصرح بن غفير، ساعتها، بأن سياسته ـ أي سياسة وزارة الأمن القومي التي يرأسها ـ هي «تمكين اليهود من الصلاة في (جبل البيت)»، وبأن اقتحامه للأقصى تم «بعلم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وبتصديق منه». ثمة إشارات عديدة على أن هناك توجها رسميا إسرائيليا لتغيير المعادلة في الحرم القدسي الشريف. منها: تعقيب وزير التعليم، يوآف كيش، على اقتحام بن غفير للأقصى، وتصريحاته بشأن إقامة كنيس في ساحته، الذي قال فيه «أي تغيير في الوضع الراهن في (جبل البيت)، خاصة في وقت حرب، يجب أن يتم باحترافية داخل الكابينيت مع دراسة كل الدلائل والتداعيات»، ومنها تضمين حزب «الليكود»، الحاكم، برنامجه الانتخابي فقرة تقول: «سيعمل الليكود في الولاية المقبلة على إيجاد حل يتيح لليهود حرية ممارسة الشعائر الدينية في (جبل البيت)»، ومنها، تقديم عضو الكنيست، عن حزب «الليكود»، ميري ريجف، بالتعاون مع عضو الكنيست عن حزب «العمل»، حيليك بار، مشروع قانون إلى الكنيست، في شهر مايو/أيار من هذا العام، يطالب بتغيير «الوضع الراهن» في الحرم القدسي، ومنها تحريض أفراد من المؤسسة الدينية الرسمية، علنا، على محو المسجد الأقصى من الوجود. ومنها إصدار أعلى هيئة قضائية في إسرائيل ـ محكمة العدل العليا ــ فتوى قانونية عام 1993 تجيز، (حق) كل يهودي في الصلاة في ما يُسمَّى (جبل البيت).

لو يستطيع

الأمر، إذن، كما يراه الدكتور يحيى عبد الله، ليس خبط عشواء من شخص حرفته الاستفزاز، مثل بن غفير، وإنما أمر مدروس، وممنهج، يحظى بتوافق. يتصاعد من وقت لآخر. هدفه تهيئة البيئة الداخلية والخارجية، أيضا، ليوم سيتغير فيه، حتما، «الوضع الراهن» في الحرم القدسي، إذا لم يكن هناك تحرك عربي وإسلامي جاد يلجم بن غفير ومن وراءه. لقد ضم نتنياهو بن غفير إلى ائتلافه الحاكم وهو يعرف أن ماضيه إجرامي، وأنه سبق أن أدين بالانتماء لتنظيم إرهابي ـ تنظيم «كاخ» العنصري، بزعامة المأفون، الحاخام، ميئير كهانا ـ وبالتحريض على العنصرية. لم يكن ضمه للائتلاف الحكومي خيار ضرورة، كما يقال، وإنما فرضه التجانس الأيديولوجي، والتناغم الفكري بين أجندة الحزبين اللذين يتزعمهما الرجلان، «ليكود»، و«عوتسما يهوديت». يخدم وجود بن غفير في الائتلاف الحكومي أهداف ونوايا نتنياهو. بن غفير أهم لديه، في نظر مامي بئير، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أحد الأشخاص الأكثر تأثيرا في الحكومة الإسرائيلية، طبقا لبن درور يميني. يتجاوز رد الفعل، الضعيف، من جانب نتنياهو على تصرفات بن غفير، مسألة الخوف من انفراط عقد ائتلافه الحكومي، كما يقول البعض، إلى الرضا التام عن هذه التصرفات المنفلتة. ويذهب، يوفال كرني، إلى أن نتنياهو «يطبَع، بالفعل، تغيير الوضع الراهن الذي يحدده بن غفير» في الحرم القدسي. تكشف التصريحات الأخيرة لبن غفير، أن نتنياهو، نفسه، يسعى إلى تغيير «الوضع الراهن» في الحرم القدسي؛ إذ قال بن غفير، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن «سياسة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خلافا لما يقوله (ويصرح به في العلن)، هي أن بوسع اليهود أن يصلوا في (جبل البيت)»، وحين سُئل عن إمكانية إقامة كنيس في المكان أجاب: «لو كنتُ أستطيع فعل ما أريد لأقيم هنا، أيضا، كنيسا في (جبل البيت)».

أضعف الإيمان

متضامن بشدة مع بيان الأزهر الذي أصدره مؤخرا بشأن ضرورة تفعيل مقاطعة السلع والمنتجات الصهيونية من أجل حماية الدم الفلسطيني، والمسجد الأقصى المبارك، ومدينة القدس، وردا للعدوان عن الأشقاء في فلسطين. بيان الأزهر حسب عبد المحسن سلامة في “الأهرام” صدر بمناسبة العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، الذي حذر فيه من المخطط الصهيوني هناك، بهدف انتزاع ملكية الأراضى الفلسطينية، وتهويد معالمها، وقتل أصحابها ومواطنيها الفلسطينيين، وارتكاب إبادة جماعية جديدة، في ظل توحش هذا الكيان، وتواطؤ دولي، وعجز أممي على ما يحدث من مجازر في غزة والضفة وجميع الأراضي الفلسطينية. ما قام به الأزهر من ربط بين العدوان الإسرائيلي والمقاطعة للمنتجات الصهيونية صحيح تماما، فهناك شركات عالمية كبرى تدعم الكيان الصهيوني مثل بيبسي، وكوكاكولا، وماكدونالدز، وكنتاكي، وبيتزا هت، وستاربكس، ودانون، ونايك، ومارلبورو، وشويبس، وغيرها، من تلك الشركات التي تقدم للكيان الصهيوني دعما سنويا سخيا بما يساعد هذا الكيان على أفعاله الإجرامية وقتل الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في الأراضي المحتلة. هذه الشركات هي بمثابة الحبل السري للكيان الصهيوني الذي يمدها بنصيب وافر من احتياجاتها المالية الضرورية واللازمة لشراء الأسلحة والمعدات، وإقامة المستوطنات، ودعم العدوان، والتوسع على حساب السلام العادل والشامل. بعض هذه الشركات تلجأ الآن إلى تخفيض أسعار منتجاتها في إطار التحايل للخروج من مأزق المقاطعة، بعد أن أثبتت تلك المقاطعة جدواها، وتكبدت تلك الشركات خسائر فادحة نتيجة المقاطعة، وهي تعمل الآن بكل الطرق والوسائل لتخطي تلك الأزمة بتخفيض الأسعار، أو الادعاء كذبا بأنها لا تساند الكيان الصهيوني. أعتقد أن تفعيل المقاطعة، وتأكيدها، ورفض إغراءات هذه الشركات بمثابة الرد العملي الرافض للعدوان الإسرائيلي، حتى يتوقف ذلك العدوان، وتعود الحكومة الإسرائيلية إلى صوابها المفقود، والإيمان بالسلام العادل والشامل، والانخراط بكل جدية في تحقيق هذا السلام من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إذا كان الكيان الصهيوني راغبا حقا في التعايش والسلام.

أشد من النكبة

أيهما أشد وقعا، نكبة 1948 أم حرب غزة 2023؟ سؤال جدير بالبحث عن إجابة له، وهو ما قام به عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم”: يا الله، أصبحنا نتنافس في المأساة. أصبح عداد الضحايا والشهداء ومعدلات التهجير وفظاعة الأحداث مجالا للمقارنة بين حدث أليم، وآخر أشد ألما منه، أصبحنا نقارن بين ذكريات سيئة وأخرى أسوأ. هذا ما دفعتنا إليه الظروف، للأسف. النكبة الأولى لم يكن في يد الفلسطينيين شيء ليفعلوه. هُزمت الجيوش العربية لأسباب لسنا في مجال لاستعراضها، فقاوم أبناء الأرض حتى آخر نفَس. استُشهد منهم مَن استُشهد، وهُجِّر منهم مَن هُجِّر، سكنوا مخيمات بعيدة عن أراضيهم، فطلبوا حق العودة، فوُعدوا بها، ولكنها لم تُنفذ. النكبة الأولى كان وقعها على النفوس صعبا وأليما. تخيل أن يُخرجوك من ديارك، إلى بلاد وأماكن أخرى، ومَن يرفض فمصيره الموت أو الأسر أو التعذيب. النكبة الأولى كان ألمها شديدا لأن العالم كله تواطأ مع تلك الدولة الجديدة الناشئة التي بحثت لها عن وطن، فلم يجدوا لها سوى فلسطين. النكبة الأولى لم يكن هناك سوشيال ميديا، ولا بث تلفزيوني مباشر، ولا طائرات درونز، ولا حرب روسية أوكرانية. النكبة الأولى كانت هي الحدث، الذي تم بعيدا عن الأضواء والصور، فتخيلوا فداحة ما ارتكبوه من فظائع، ظهرت آثارها في ما بعد في مقابر جماعية، والعالم حسبما يلاحظ ويتألم كل منا يتفرج.

يصفقون ونبكي

أما النكبة الثانية أو الثالثة أو الرابعة عشرة، قل ما شئت من حيث الأرقام، فيعرف بها العالم، ويراها كما يخبرنا عبد اللطيف المناوي، فقد صارت بثّا مباشرا. الضحايا في الشوارع، وحالات التعذيب بالصوت والصورة. عَدّاد الشهداء مستمر في العد، غزة صارت ركاما، ولا تصلح للعيش. قطاع كامل تمت تسويته بالأرض. مشاهد التهجير تصلح لأن تكون مشاهد في فيلم سينمائي عالمي، يصفق له الجمهور. هم يصفقون بالفعل، ونحن نبكي بالفعل. الفارق الوحيد بين النكبتين هو المغامرة غير المحسوبة التي أقدمت عليها “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. المغامرة التي جلبت لأهل غزة أحداثا أليمة أخرى تُضاف إلى سجل آلام الفلسطينيين. مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، قال أمام اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في الكاميرون: «إن الشعب الفلسطيني يعيش أحد أخطر الفصول في تاريخه منذ نكبة عام 1948، عندما تعرض للمجازر والذبح والتهجير القسري من أرضه وتجريده من ممتلكاته وتركه في مواجهة ظلم تاريخي لا يمكن محوه أو التغاضي عنه». هذه حقيقة ثقيلة لا بد أن نواجهها ونعترف بها حتى لا نكذب على أنفسنا. وكما دعونا في النكبة الأولى أن يخفف الله عن الفلسطينيين، الذين فقدوا أهلهم وديارهم في سنة 1948، وسنوات ونكبات أخرى طوال، ندعو الآن أن يخفف الله عنهم معاناتهم، كما ندعو أن يؤلف الله قلوب قادة العالم من أجل تقديم الدعم السياسي الكافي لإنهاء نكبة أخرى في حياة الفلسطينيين.

قتلة بالوراثة

لم يحدث في تاريخ إسرائيل وفق ما يرى محمد الشماع في “الأخبار” أن أصيب الشعب بحالة من الغضب مثل هذه الأيام، العادة أن حكام إسرائيل يتبجحون بالقوة ويتطاولون بأكثر مما تسمح به التوازنات السياسية، ولم يحدث أن أصيب الشعب الإسرائيلي بالحسرة إلا في حرب 1973 التي فاجأ الجيش المصري العالم كله بتحطيم خط الدفاع الإسرائيلي، الذي روجت له إسرائيل واعتبرته أمنع خط دفاعي في التاريخ، فإذا به يتكسر ويتضعضع تحت طرقات البيادة المصرية. وما أن انتهت تلك الحرب شكلت إسرائيل لجنة «أجرانات» للتحقيق في أسباب الهزيمة الإسرائيلية وانتهت إلى إصدار تقرير جعلت عنوانه «التقصير» وحينها أصاب الوجوم مواطني دولة إسرائيل لكن المقاومة الشعبية التي تقودها المقاومة الفلسطينية في غزة ألحقت بالكيان الصهيوني خسائر فوق كل التوقعات وأكدت أن المجتمع الإسرائيلي لا يستطيع أن يتحمل مواجهات من هذا المستوى، ثم إن الغرور العسكري الإسرائيلي ذهب مع الريح ولم تبقَ إلا الحقائق على الأرض، وأهم تلك الحقائق التي سمع بها وأدركها العالم كله أن الفلسطينيين يطلبون كيانا سياسيا مستقلا مثل معظم شعوب العالم، التي تعيش في أوطاننا وأنهم لن يقبلوا الاستبداد الإسرائيل. وثاني تلك الحقائق أن أفرادا من الشعب والجيش الإسرائيلي ظنوا أنهم بمأمن تحت حماية القوى الإسرائيلية فإذا هم أسرى في أنفاق “حماس” لكن نتنياهو في هذه الحرب أثبت لشعبه أنه ليس مهتما بجثث الأموات ولا حياة الأحياء، لأنه يدرك أن استمراره في منصبه مرهون باستمرار الحرب. لذلك فهو أحرص على تفجير القنابل وإطلاق الصواريخ وقتل المدنيين العزل، أكثر من حرصه على الوصول إلى تسوية يستعيد بها أسراه ويحمى بها كيانه. وأهم عنده من أرواح البشر وأهم عنده من الاقتصاد الإسرائيلي الذي ينزف ليل نهار. كل تلك العوامل تجمعت لكي تفجر الوضع الداخلي في إسرائيل ولأول مرة نشهد في إسرائيل مظاهرات بهذا العدد وهذا الصخب الذي يطالب بعزل نتنياهو والوصول إلى تسوية سلمية، ما يؤكد أن تحولا أساسيا طرأ على الذهنية الإسرائيلية التي ذاقت طعم الألم، فأصبحت أكثر تواضعا ومرونة، وهذا يؤكد أن زمن نتنياهو أو من يسمون أنفسهم بالصقور في دولة إسرائيل مضى وولى.

كيف أصبحنا؟

كان المثقف المصري أغلى ثروات مصر، وكان دائما يتصدر المشهد ويجد أمامه كل فرص الانطلاق والتقدير والمكانة.. لم يكن المثقف فقط من حصل على الشهادات العليا، ولكن كل إنسان تميز في مجاله كان مثقفا يتمتع بمكانة خاصة بين الناس.. كان وفقا لفاروق جويدة في “الأهرام”، أستاذ الجامعة مثقفا، وكان المدرس والطبيب والفنان والقاي والعالم مثقفا، وكان المجتمع يضع المثقف في مكانة خاصة. لم يكن غنيا، ولكنه كان مكتفيا وقانعا، ولم يكن صاحب سلطة أو نفوذ، ولكن كانت له هيبة العالم ووقار المجتهد.. رغم أن مصر لم تكن دولة غنية بالمال، فإنها كانت غنية بالرقي والكرامة، وكان العالم ينظر إلى مصر كدولة متحضرة وشعب مبدع.. وكل من هبط على أرضها أحب فيها الشموخ والاعتزاز بالوطن.. عندما خربت الحرب العالمية الثانية أوروبا، هاجر الملايين من شعوبها إلى مصر طلبا للأمن والحماية، ولا يوجد مثقف عربي كبير إلا وعبر من بوابة مصر كاتبا أو معلما أو طبيبا. في العالم العربي، تجد الأجيال القديمة تتحدث عن دور مصر في نهضة الشعوب العربية ثقافة وتعليما وصحة وبناء.. حتى العامل المصري الذي شيد وأبدع في هذه الدول كان مثار تقدير وعرفان من شعوبها.. كان هذا حال مصر الثقافة، حين أضاءت العقل العربي، حتى في سنوات الاحتلال والتبعية، كانت مصر هي التي قدمت دروس الوطنية والدفاع عن حرية الإنسان وكرامته، وقدم المثقف المصري أروع الدروس لشعوب الأمة العربية في تحرير إرادتها.

تاج المصريين

كانت هذه مصر الثقافة التي حدثنا عنها للتو فاروق جويدة أبدعت وعلمت واستحقت الريادة، وقدمت للعالم نماذج فريدة في الإبداع والرقي والتميز.. ومنذ تراجع دور المثقف المصري في وطنه، انعكس ذلك على دوره خارج حدوده.. لقد تراجع هذا الدور اجتماعيا فلم يعد في صدارة المشهد كما كان، فلم تعد الثقافة درة مصر وتاجها، وانزوى كل أصحاب الفكر والرؤى بعيدا.. لم يعد المجتمع يقدر دورهم، فلم يعد الكاتب مطلوبا كصاحب رأي، ولم يعد الطبيب مهيبا كصاحب رسالة، ولم يعد المدرس رسول المعرفة.. سقطت رموز كثيرة، حتى المجتمع لم يعد يعطي هذه الرموز حقها من التقدير والهيبة.. كانت النتيجة أن انسحب صاحب الكلمات، وهاجر الطبيب، وجلس المدرس في بيته للدروس الخصوصية، وانزوى أستاذ الجامعة بعد أن رأى الآلاف حوله من حملة الدكتوراه بلا عمل.. ظهرت فئات وجماعات أخرى تصدرت المشهد، ودفعت أهل الفكر والثقافة إلى آخر الصفوف، وفرضت على المجتمع كله واقعا جديدا.. لم يعد الفكر صاحب الكلمة، ولكن المال سيد الجميع.. وسط هذا المناخ، اختفت رموز الإبداع الحقيقي، وسادت أشباح من الغوغائية أفسدت أذواق الناس وشوهت عقولهم، فسادت في الدين موجات التطرف والفكر المريضة، وفقد الذوق المصري أهم مقومات الترفع والرقي فيه، وفقد العقل المصري أهم ثوابته في الموضوعية والحوار.. وقبل هذا كله، فقدت مصر أهم عناصر وجودها ودورها، وهو المثقف المصري.. الأسباب واضحة وليست في حاجة إلى اجتهادات كثيرة.. لا بد من أن تعود الثقافة إلى صدارة المشهد، وأن يستعيد المثقف دوره فكرا ومشاركة وإنجازا، وأن نستعيد إيماننا القديم بدور الثقافة وأنها تاج مصر الحقيقي..

في حضرة أنقرة

الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي مؤخرا لتركيا هي الأولى من نوعها منذ أن تم خلع نظام الإخوان المسلمين من الحكم في مصر عام 2013. فوق الملفات السياسية المرتبطة بالسياسة الخارجية خاصة عدوان إسرائيل على غزة والصومال وإثيوبيا وليبيا، كان الملف الاقتصادي كما أخبرنا عمرو هاشم ربيع في “الشروق”، على رأس المباحثات بين البلدين. ففي مجال التجارة الخارجية، يبدو أن البلدين مقبلان على طفرة في حجم التبادل التجارى بينهما. فوفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن صادرات مصر إلى تركيا كانت خلال عام 2023 تبلغ 2.8 مليار دولار وصادرات تركيا لمصر خلال العام نفسه بلغت 3.8 مليار دولار، ويتوقع العديد من الدوائر الاقتصادية أن تقفز التجارة بين البلدين سنويا خلال الفترة المقبلة إلى ما يقارب الـ15 مليار دولار، وهو ما اتفق عليه الرئيسان السيسي وأردوغان، كهدف خلال الخمس سنوات المقبلة خلال زيارة أردوغان إلى مصر في 14 فبراير/شباط الماضي. والمعروف أن تركيا هي أكبر شريك تجاري لمصر في القارة الافريقية، وأنها سبق ووقعت اتفاقا للتجارة الحرة عام 2005 دخل حيز التنفيذ 2007 ليأخذ تطبيقه كاملا في مدى لا يزيد عن 12 عاما، وبموجب هذا التطبيق أصبحت تركيا مجالا لتجارة مصر إلى تركيا والاتحاد الأوروبي معا، من خلال دمح الصناعات التركية والمصرية، ومن خلال التطبيق أيضا، تمت إزالة القيود الجمركية على العديد من المنتجات المصرية في تركيا، وأصبحت مصر سوقا للسلع التركية داخل مصر وعبر افريقيا عبر اتفاقية الكوميسا وغيره من الاتفاقات المصرية الجماعية مع البلدان الافريقية، وكل ذلك يسهل لتركيا الوصول لأسواق افريقيا.

التفاؤل مطلوب

واحد من أهم ما ينتظر سريانه في الأيام المقبلة أن يتم الاتفاق بين مصر وتركيا على التبادل التجاري بالعملات المحلية بدلا من الدولار، الذي يلقى أزمة كبيرة في التعامل في اقتصاد البلدين، ما أفرخ أزمة تضخم كبيرة في الأسواق الداخلية في البلدين. من خلال الاستثمارات التي يتابع تفاصيلها عمرو هاشم ربيع سعت القاهرة خلال الزيارة لدعم حركة الاستثمار المشترك مع تركيا، جدير بالذكر أن الاستثمارات التركية في مصر وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغت 167.2 مليون دولار خلال العام المالي 22/2023 وأن تحويلات العمالة المصرية في تركيا في العام المالي السابق لذلك ـ وفق المصدر ذاته – وصلت إلى 29.1 مليون دولار، مقابل 10.3 مليون دولار تحويلات تركيا من مصر. ورغم قلة تلك الاستثمارات إلا أن الشركات العاملة التركية في مصر كأركليك وسيسكام وتمسا ويلديز يعمل فيها نحو 70 ألف عامل مصري، وهو أمر مهم يساهم في زيادة التشغيل، ولربما فتح زيادة تلك الأعداد في الأجل القريب. وفي مجال الطاقة ستكون هناك مباحثات بشأن الغاز والطاقة المتجددة والنووية. والمعروف أن مصر في ظل مناكفات تركيا لمصر منذ عدة سنوات سعت إلى الهيمنة على ثروات الغاز في المتوسط، الأمر الذي اضطر مصر للتعاون مع كل من اليونان وقبرص لمواجهة هذا الموقف. اليوم يبدو أننا مقبلون أيضا على تفاهمات مهمة في تقسيم الثروات الطبيعية في شرق المتوسط. وهكذا فإن مصر وتركيا سيكون لهما موعد جديد لنبذ الخلافات وإجراء تعاون مثمر في الملف الاقتصادي، ومن ثم فتح صفحة جديدة بينهما.

ثمار مؤجلة

لا يمكن لأي منصف، على حد رأي ياسر شورى في “الوفد” إلا أن يشيد بالتحركات والمواقف المصرية الأخيرة، سواء في غزة أو القرن الافريقي، وأخيرا زيارة الرئيس السيسي إلى تركيا، وتوقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين، حيث إن موقف مصر الصلب تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة ورفض أي وجود لجيش الاحتلال في محور فيلادلفيا دفع نتنياهو إلى مهاجمة مصر وحاول إلصاق تهمة مساعدة “حماس” بها وانقلب الأمر إلى تأييد عربي ودولي لمواقف مصر، ورفض تصريحات نتنياهو، بل أعطت تصريحات نتنياهو، صك البراءة لمصر من تلك الإشاعات التي روجتها جماعة الإخوان وحلفائها حول الموقف المصري من غزة. أما الاهتمام المصري بمنطقة القرن الافريقي، خاصة في الصومال والعلاقات المتميزة التي دشنتها الدولتان في الأيام الأخيرة، فهي بحق “ضربة معلم” ألقمت إثيوبيا حجرا، بل محجرا كاملا وأعادت مصر إلى التأثير الكبير في منطقة باب المندب مدخل البحر الأحمر، وبوابة قناة السويس، وامتداد الأمن القومي المصري. وهذا التحرك المصري أزعج إثيوبيا تماما، وجعل رئيس وزرائها آبي أحمد يترنح بعد أن لعب على إقليم أرض الصومال الانفصالي، في محاولة للوصول لمنفذ على البحر الأحمر. أما زيارة الرئيس السيسي لتركيا مؤخرا، التي أعادت العلاقات إلى أعلى مستوى وهو المستوى الاستراتيجي، فقد أنهى تماما وفقا للكاتب على آمال جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها بالإضافة إلى أن وجود مصر وتركيا معا سوف يعيد التوازن في المنطقة. مصر صنعت سياسة إزعاج الخصوم على ثلاثة محاور مهمة، وهذه السياسة سوف تأتي بثمارها قريبا على مستوى السياسة والاقتصاد.

طويل التيلة

أرض مصر الطيبة دائما تأتي بالخير والدليل بحوزة محمد الهواري في “الأخبار”: الحصاد بدأ لمحصول الأرز وتؤكد المؤشرات ارتفاع الإنتاجية في المساحات التي زرعت بالمحصول الجديد، بما يغطي الاحتياجات المحلية من خلال التسويق الجيد للمحصول وتقديم أسعار جيدة تعكس الجهود الضخمة التي بذلها المزارعون في زراعة ورعاية المحصول بما يغطي الاحتياجات، خاصة أن الأرز المصري يتميز بالجودة والعمل على استخدام معدات حديثة في المضارب لضمان إنتاج أرز عالي الجودة والحد من تكسير حبوب الأرز، خاصة أن المزارعين يلجأون لمضارب محلية تزيد من نسبة الكسر في الحبوب. الأرز تجود زراعته في الأراضي الملحية، خاصة في شمال الدلتا لدوره في تحقيق التوازن بين مياه البحر وعدم الإضرار بالتربة، وهو من أهم المحاصيل الغذائية في الأسرة المصرية، وبدأ أيضا جني محصول القطن الجديد، خاصة في المحافظات الجنوبية مع مؤشرات بزيادة الإنتاج هذا العام بعد الأسعار الجيدة التي أعلنت لتسويق المحصول، خاصة مع بدء تشغيل أحدث وأكبر مصانع الغزل الجديدة لتحقيق قيمة مضافة للقطن المصري، بدلا من تصديره كخام.. فالقطن المصري هو ملك الأقطان على مستوى العالم، بسبب طول التيلة والنعومة التي يتميز بها، وهناك العديد من الدول المنتجة للقطن لا تحدد أسعارها إلا بعد إعلان أسعار القطن المصري، إضافة إلى احتياجنا لبذور القطن في صناعة زيت الطعام والعلف الحيواني والمنظفات واستخدام عيدان القطن في الصناعات الخشبية، فهو محصول استراتيجي بالغ الأهمية لقطاع كبير في الريف المصري، خاصة مع استمرار البحوث الزراعية لإنتاج أصناف جديدة عالية الإنتاجية. لا شك في أن خبرات الزراعة المصرية وراء اهتمام الدولة بالحفاظ على الأراضي الزراعية القديمة ومنع الاعتداء عليها، لأنها ثروة كبيرة تحتفظ بها مصر للأجيال المقبلة مع استمرار سياسة الدولة في التوسع في استصلاح الأراضي الجديدة وإضافتها للرقعة الزراعية والاهتمام الكبير بأراضي توشكى وشرق العوينات والدلتا الجديدة في تنويع الإنتاج الزراعي وتوفيره لاحتياجات المواطنين.

فوق الخمسين

التقت صفية مصطفى أمين في “المصري اليوم” ببعض الصديقات اللاتي تعدين سن الخمسين، كل واحدة منهن عاشت تجربة خاصة اكتسبت منها خبرة وحكمة، وقررن أن يلتزمن بها في ما تبقى من العمر. قررت أن أنقل لكم بعضها لعل كلا منكم يختار ما يناسب أفكاره وقدراته النفسية. قالت إحداهن للكاتبة تعلمت من الحياة أن أعيش اللحظة التي بين يديّ مع الأشخاص الذين يعيشون معي الآن لقد عشت حياتي كلها في حالة انتظار: انتظار عندما يكبر الأبناء لكي أمارس هواياتي، انتظار عندما تتحسن الظروف لأشتري ما أريد، انتظار أن أستطيع ادخار مبلغ من المال، انتظار الشتاء، انتظار الصيف، انتظار المحيطين أن يهتموا بي. فنحن نعيش دائما في حالة انتظار، وننسى أنه في حالة الانتظار العمر يمضي، ينقص ولا يزيد، والأبناء الذين ننتظرهم ليكبروا، قد كبروا ولم يعودوا صغارا، ونحن أيضا قد كبرنا معهم، والناس من حولنا ينقصون، إما بالرحيل وإما بالبُعد. حالة الانتظار الدائم تُنسينا أن لحظات الانتظار محسوبة من عمرنا، واللحظة التي لا نعيشها محسوبة علينا.. الوقت يمر ولا ينتظر أحدا. يجب أن نعيش اللحظة التي بين أيدينا، لأن الوقت لا يعود. أما السيدة الثانية فقالت: أصبحت لا أقول لو حدث ذلك، فلا يمكن أن أتحمله. كنت دائما أقول لو بابا مات سوف أموت، ولكن الحقيقة أنه عندما فارقنا أبي، قواني الله وسندني، وما زلت أعيش حتى الآن من دونه. كله يمر وربنا هو الذي يقوينا، ويجب أن نساعد أنفسنا ونقوى أنفسنا ذاتيّا. التجربة الثالثة حكتها سيدة سافرت إلى المانيا، من دون أن تعرف اللغة الألمانية. وكانت لها جارة ألمانية تبلغ من العمر 75 سنة، كانت تحاول أن تتحدث معها لتلتقط منها بعض الكلمات الألمانية. فهمت منها أنها كانت عارضة أزياء، ولكي تحافظ على رشاقتها كانت تحرم نفسها دائما من أنواع الطعام التي تشتهيها، فحاولت السيدة المصرية أن تقول لها إن الريجيم الدائم مستحيل، فكان ردها الحاسم: من يريد أن يكون جميلا لا بد من أن يعاني. من يريد أن يصل إلى هدف معين ليس له أن يتأفف: الأم تعاني من آلام الولادة لتخرج فرحة جديدة في الحياة، والحديد يجب صهره ليصبح ذا فائدة. كل معاناة في الحياة تخرج أفضل ما فينا، يجب أن نعاني في الحياة لكي نزداد تألقا وخبرة. المعاناة قرار يمكن أن نراه نعمة أو نراه نقمة.. والواقع أنه نعمة لأن رب الخير لا يأتى إلا بالخير.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب