الصحافه

صحافي إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات: التلاعب لم يأت من طرف عربي

صحافي إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات: التلاعب لم يأت من طرف عربي

“شروط إعادتهم تنضج”، قال رئيس الوزراء عشية سفره لواشنطن الإثنين. تنضج، أي لم تنضج بعد. هذا الأسبوع اكتملت خمسة أشهر من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، وأقوال رئيس الوزراء تحتاج إلى إيضاح. لماذا النضج بطيء بهذا القدر، وعم يتحدثون؟

جواب لا اتفاق عليه. لا حاجة لإنضاج آخر ولا يوجد الكثير مما يمكن عمله. المقترح يتضمن عشرات البنود الواضحة جداً، التي بحثتها الأطراف في عدد لا يحصى من الجولات، تأكدت، اختلف فيها، وفحصت صبح مساء من كل الأطراف. إسرائيل وحماس تعرفان جيداً ما الذي تريده كل واحدة من الأخرى. عندما لم تعرفا طلبتا إيضاحاً وتلقتاه. كان لهما الوقت.

قبل بضع ساعات من خطابه في الكونغرس أول أمس، أعلن نتنياهو بأنه سيلتقي الرئيس بايدن، وأضاف بأن أحد أسباب اللقاء هو المضي بمنحى اتفاق لتحرير المخطوفين. هذه أقوال تثير السؤال أيضاً: ما الذي يحتاجه الزعيمان كي يحققا اختراقاً في الطريق؟ لو كان لدى أي من الطرفين أسئلة، لأمكن حلها منذ زمن بعيد.

خمسة أشهر زمن كثير لمحادثات بهذا القدر من الكثافة. وليست مكثفة فحسب، بل وتجرى أيضاً على المستوى الأعلى. لا يوجد مستوى أعلى من هذا: من الجانب القطري – رئيس وزرائهم محمد بن جاسم، ابن عائلة الأمير. مصر بعثت برئيس المخابرات العامة عباس كامل، وهو من المقربين للغاية من الرئيس السيسي. الولايات المتحدة يمثلها واحد ليس غير رئيس الـ سي.اي.ايه وليم بيرنز. ويدير الوساطة من الجانب الإسرائيلي رئيس الموساد دادي برنياع، وإلى جانبه مندوبون من الجيش الإسرائيلي ورئيس “الشاباك” روني بار.

يمكن بالطبع مواصلة هذه الاتصالات لخمسة أشهر أخرى والقول للجمهور إنها تنضج. كما يمكن اتهام الطرف الآخر بأنه لا يريد صفقة. هكذا فعلت حكومات إسرائيل في محادثات السلام طوال سنين. ألقت بالمسؤولية على العرب، وهكذا امتنعت عن اجتياز الروبيكون. يمكن وصف مطالب الطرف الآخر بأنها غير منطقية، وبذلك تبرير عدم القفز إلى الماء. وهو ما فعلناه أثناء المفاوضات الحالية. لكن الحقيقة أن في هذه الاتصالات، التي لا تجرى لأجل اتفاق سلام بل لأجل إنقاذ حياة أسرى إسرائيليين، هي حقيقة ليست بحاجة للتباحث أو لعملية إنضاج مرة أخرى. الأمر الوحيد الذي نحتاجه لاختراق الطريق هو قرار، وهو في يد إسرائيل ويد حماس. حماس ليست مطالبة بتقرير شيء، فهي ليست في مكانة من يقرر. إسرائيل هي التي ينبغي لها أن تقرر، وتجد صعوبة في ذلك.

القرار الذي ينبغي اتخاذه هو هل نوقف الحرب. ببساطة أن ننهيها. جهاز الأمن يقول إنه يمكن إنهاؤها وإنه إذا كانت هناك حاجة فسنعرف كيف نتصدى للتحديات التي تأتي بعد ذلك. والآن، ثمة قرار في يد رئيس الوزراء. وقف الحرب معناه أيضاً الانسحاب من محور فيلادلفيا المحاذي لرفح، والانسحاب من محور نتساريم، الذي شطر القطاع من وسطه، وإلى إخراج القوات من القواعد والمواقع في أرجاء القطاع. كما أنه ينطوي أيضاً على تحرير سجناء قتلة. بالمقابل، تتلقى إسرائيل عشرات الرهائن الأحياء وجثث المقتولين.

“نحن في ذروة جهود حثيثة لإعادتهم إلى الديار”، قال نتنياهو في خطابه أمام مجلس الكونغرس. “أؤمن أنها ستنجح”. لم يذكر موعداً، ولا حتى بالتقدير. هكذا قال في شباط، وفي آذار وبعد ذلك أيضاً.

هذه صفقة عسيرة على الهضم، ولهذا السبب يتردد رئيس الوزراء من السعي إليها. فهي تعيد للسنوار حياته، مؤقتاً بالطبع. وهكذا أيضاً لآلاف المسلحين من حماس الذين لم تصل إليهم بعد ذراع الجيش الإسرائيلي. وهي تمنح الحرية لمئات السجناء الأمنيين الذين حكموا بالمؤبدات أو بسنوات حبس طويلة. بسبب كل هذا، ستثير فينا حفيظتنا، لكن كيف قالت تاليا، حفيدة أليكس تنتسيك عضو كيبوتس “نير عوز” الذي قتل في أسره في غزة – حان الوقت لإعادة القلب إلى المكان.

في هذه الأشهر استعرضت بصفتي صحافياً، المفاوضات عبر الطرف العربي. جئت بالمعلومات من مصادر بشرية ليست إسرائيلية، وكذا من وسائل إعلام عربية. على عادة الاتصالات العصبية وعديمة الثقة، ترافقت المفاوضات في مناورات التأثر، والتسريب لأغراض التنويم (سواء للجمهور أو للطرف الآخر) وخطوات استهدفت تخريب المحادثات أو إخضاع الطرف الآخر.

انهارت المحادثات مرات عديدة، وكان مشوقاً رؤية عدم يأس الوسطاء والعمل مجدداً على إحيائها. من وجهة نظري، يمكن أن أقول بأسف، بعد خمسة أشهر من الحشر والتلوي، بأن التسريبات التلاعبية للغاية لم تأت من الطرف العربي.

جاكي خوجي

معاريف 26/7/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب