تحقيقات وتقارير

اليمن: تصعيد قبلي في حضرموت «لوضع اليد على الأرض والثروة»

اليمن: تصعيد قبلي في حضرموت «لوضع اليد على الأرض والثروة»

صنعاء/ أحمد الأغبري

في بيان «الحلف» الأخير، كانت النبرة والمطالب مرتفعة؛ وتتعلق بحق حضرموت من مبيعات الصادرات النفطية ومن يمثلها في مشاورات التسوية.

صنعاء ـ  انتهت مهلة حلف قبائل حضرموت للحكومة اليمنية المعترف بها، مساء الجمعة، بالتوازي مع بدء تحركات قوات قبلية تابعة للحلف باتجاه المواقع النفطية في المحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطًا في البلاد، وذلك تنفيذًا لتهديد الحلف بـ«وضع اليد على الأرض والثروة» في حال انتهت المهلة، ولم يتم تلبية مطالبه.

وطالب بيان الحلف، الصادر الأربعاء، «رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالاعتراف بحق حضرموت، وتفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية، ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع، أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد» محذرًا من «الإقدام على أي تصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها» مطالبًا بتنفيذ القرارات المتخذة خلال اجتماع استثنائي لقيادة مؤتمر حضرموت الجامع، والمزمنة والصادرة بتاريخ 13 تموز/يوليو، معتبرًا «المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء الضبة والمسيلة حقًا من حقوق حضرموت، ولن نتنازل عنه، على أن يسخر كامل قيمته لشراء طاقة كهربائية لحضرموت». وأمهل الحكومة 48 ساعة لتنفيذ مطالبه وفي حال عدم الاستجابة هدد بوضع اليد على الأرض والثروة.
حساب حلف قبائل حضرموت على «فيسبوك» نشر، مساء الجمعة، صورًا ومقاطع فيديو تُظهر انتشار مجاميع قبلية في مواقع مختلفة باسم «تدشين العمل الميداني»؛ في سياق تصعيد قالت قيادات في الحلف إنه «مستمر حتى تحقيق مطالب أبناء حضرموت التي تبناها حلف قبائل حضرموت» وفق عضو رئاسة الحلف، عزام بن عزام.
تأسس حلف قبائل حضرموت في تموز/يوليو عام 2013 برئاسة سعد بن حمد بن حبريش، ويضم الحلف عددًا كبيرًا من قبائل وعشائر وادي حضرموت. بعد ستة أشهر من تأسيسه قُتل رئيسه في اشتباكات مع قوات الأمن. ويطالب الحلف، حاليًا، برئاسة عمرو بن حبريش، بحقوق مطلبية تتعلق بحضرموت، وكانت لهجة الحلف قد خفتت في الشهور الماضية لتعاود التصعيد مؤخرًا. ويرأس بن حبريش حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع. ومن ضمن مطالب بيان الحلف الأخير ما طالب به «الجامع» في اجتماع 13 تموز/يوليو، والتي تتمثل في «إيجاد معالجات وحلول مع ممثلي المعلمين وإنهاء حرمان أبنائنا من حقهم في التعليم، والكشف بشفافية عن إيرادات حضرموت، وأوجه إنفاقها، وتشكيل لجنة مشتركة مع السلطة يكون فيها المجتمع شريكًا أساسيًا لإدارة الموارد المالية لحضرموت وأولويات الإنفاق، وإنهاء حالة التفرد بالسلطة والعمل بالتوافق في اتخاذ كافة القرارات، والإعلان عن رؤية تنفيذية مزمنة لإصلاح الكهرباء بعموم حضرموت، وإيجاد الحلول والمعالجات محليًا ومركزيًا لإيقاف التدهور المعيشي وانهيار قيمة العملة، وإنقاذ المواطنين من المجاعة والفقر».
وفي بيان «الحلف» الأخير، كانت النبرة والمطالب مرتفعة؛ وتتعلق بحق حضرموت من مبيعات الصادرات النفطية ومن يمثلها في مشاورات التسوية، وهدد «بوضع اليد على الأرض والثروة» وهو تهديد ينقل المشهد إلى مرحلة مختلفة، لاسيما مع بدء التحركات على الأرض هناك.

الأسلوب نفسه

الباحث السياسي اليمني، عادل دشيلة، قال لـ«القدس العربي»: «هذه التجمعات القبلية في ظاهرها ترتبط بمطالب أبناء حضرموت للحصول على حصتهم من موارد المحافظة، ولكنها قد تقود الأمور إلى منحى آخر، وهو العنف، وبالتالي سيتضرر الجميع، كما أن محاولة فرض المطالب بالقوة سوف يقود باقي المحافظات المنتجة للنفط والغاز مثل شبوة ومأرب إلى انتهاج نفس الأسلوب، وبالتالي خروج الأمور عن السيطرة، وتجريد الدولة من مواردها الأساسية».
وأضاف: «ولهذا، لا بد من إيجاد حل لهذه المعضلة؛ لأن حضرموت تمثل ثلث مساحة البلاد، وما تزال مؤسسات الدولة تعمل فيها بشكل سلس، كما يوجد فيها آخر ما تبقى من القوات النظامية في المناطق الجنوبية. وبالتالي، هناك أهمية استراتيجية لهذه المحافظة، وانزلاقها إلى مربع الفوضى لا يخدم أبناء المحافظة ولا الدولة».

الاحتجاجات سلمية

أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني، عبد الله عوبل، أشار إلى ما اعتبره صراعا اقليميا عبر الأدوات لكنه تحدث عن وجود «مظالم كبيرة في حضرموت مثل عدن. تسع سنوات ومطار الريان المكلا مغلق، وميناء المكلا يتحكم فيه التحالف. وانقطاع في خدمات الكهرباء ومجاعة. لأول مرة حضارم يأكلون من القمامة».
ويرى في تصريح لـ «القدس العربي» أن «حضرموت ليست مهيئة لحرب، وليس لها تاريخ في الحروب الأهلية، التي مر بها الجنوب بعد الاستقلال. عنوان الاحتجاجات الآن سلمية، فهناك نزعة قوية ضد الانتقالي والتحالف».
لكنه أشار إلى أن «هناك نزعة حضرمية للانفكاك عن الجنوب، وربما عن اليمن تغذيها جهات إقليمية».

الثقل الاقتصادي

الصحافي باسم الشعبي، رئيس مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية في عدن، يرى أن ما يحدث في حضرموت منذ 2015 هو في جوهره نتاج معاناة معيشية تتشابه مع ما يحدث في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى.
وقال لـ«القدس العربي»: لحضرموت باعتبارها مركز الثقل الاقتصادي والثروة بعض الخصوصية في المعاناة؛ إذ حُرمت خلال الفترة الأخيرة من حصتها من النفط، مع توقف تصدير النفط اليمني للخارج، كما حُرمت كثير من المناطق الساحلية في حضرموت من استخدام البحر للاصطياد، واستمرار إغلاق مطار الريان منذ 2015. وفيما يتعلق بالتصعيد الأخير فقد ارتبط كثيرًا بزيارة العليمي للمكلا، بالتزامن مع تسريبات عن اتفاق بشأن استئناف تصدير النفط.
وأضاف: هناك تحركات الآن للسيطرة على آبار النفط في حضرموت، بعد أن أمهل حلف قبائل حضرموت السلطة المركزية في عدن 48 ساعة لتحقيق المطالب التي تضمّنها بيانه الأخير. الآن هناك تحرك على الأرض بهدف الضغط على مجلس القيادة والحكومة، في ظل ظروف أكثر تعقيدًا زاد معها ضعف المجلس الرئاسي. وأرى أن يتم التفاوض بما يتم معه احتواء التصعيد ومنع استغلاله من قوى خارجية.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب