
العروبة الحديثة..تحليل في المضامين الحلقة السادسة
بقلم د.عزالدين دياب
وعلى وقع الرسائل المرسلة بالوحي،من السماء إلى الرسًول العربي،كان الإعداد التربوي للجيل العربي يمضي باتجاه تغيير النفوس ومغالبتها ومجاهدتها بالإيمان،والسمو بالأخلاق،حتى يصبح هذا الجيل على صورة الرسول العربي محمد(ص).
ًانتصر الإسلام على الجاهلية،ورفعت اياته من المدين إلى مكة،وأصبحت الثقافة الإسلامية أهم مكون من مكًونات الأمةً العربية،وتحوّلت العروبة الجاهلية،إلى عروبة إسلامية،مقرونة بدليل عملها القرآن المريم الذي أنزل بلغة عربية.
وكان الُسل بانتظار أمر من الرسول العربي لحمل رسائله إلى الحكام،يبلغهم فيها بالدين الجديد،ويدعوهم للإيمان به،
وأيقنت العروبة الإسلامية بأنّ أرض الحزيرة لم تعد تتسع لها،وإنّ لحظة خروجها قد أينعت.
في البداية..والبداية طويلة،كانت فصائل الفتح والتحرير،عربية النّسب،وهم الأوائل في الجهاد ،وإعلاء كلمة الله،والشهادة في سبيله.ومضت هذه الفصائل تخرج الروم من هنا،والفرس من هناك من ديار العرب،وعلى وجه السرعة،غداة الفتح تقوم بمهام التّحضر والتمدن والتوحيد.وبالإسلام أصبحت العروبة سوالف المستقبل،لأنّ أفصح عن حاجة الأمةً العربية إلى النّهضة،وإلى القوة والوحدة المجتمعية،وأن توضع كل الجهود في أن تمتلك الأمةً العربية شأنها العام، قرارها المصيريّ،حتى تصل إلى المستوى الذي تكون فيه قادرة على آداء واجبها الديني،وحاكمة لذاتها،ومبرهنة على نضجها،وامتلاك المزايا التي تجعل الايمان بالإسلام،يتمثل في الشخصية العربية الجديدة.
والعروبة سؤال المستقبل،لأنّ العرب هم الأقدر على فهم الإسلام من غيرهم من الشعوب المسلمة،فالعروبة هي اللسان
على حد قول الرسول العربي.والعروبة شكلت فرصة تاريخية للتلاقي مع الإسلام،يوم أفادت إرهاصاتها بأنها نصجت إلى مستوى المسؤولية التاريخية،التي تنصر الإسلام في معاركه مع الجاهلية،ومن في معيتها.
لكن الإسلام أثرى هذا الإنضاج وقوّاه، حدد له المهام المرحلية السوقية الأستراتيجية عندما توجه إلى القبائل بوجه ويهذب عصبيتها،ويوظفها في سبيل مسائل وقضايا مصيرية تتجاوز تتجاوز الاقتتال العشائري والجهوي،وتُحرّم وأد البنات لأنّ لهم دورهم الحديد في معارك العروبة القادمة.كما قوى في العروبة الولاء والإنتماء للرسالة الحضارية المهمة،واستيعاب حاجات وإرهاصاتها العصر،بالاقتراب المدروس من مهام التوحيد،على طريق امتلاك القوّة،ومتابعة الانطلاق خارج الجزيرة العربية،مقوضة مصادر التبعية أيّاً كانت،واستكمال مهام التحرير ،تجاوبًا وتجانساً مع منطق التاريخ والجغرافيا،أليس دخول الأمة العربية في تباشير روح العصر عهدئذ يقول ذلك؟
والملاحظ أنّ المنهج القومي العربي،عندما يحيل العروبة إلى سؤال يريد أن يتابع مواضيع هذا التجديد،ومداه وآلياته وتوجهاته حتى يستكمل تلمساته للتغيرات التي حدثت في المجتمع العربي ،ووجدت نفسها في العروبة.ليستشزف هذه
التغيرات،ويتابع وجهتها،وعملية الإنقطاع والاتصال،التي جرت وتجري في بنيانها الاجتماعي آنذاك.
والمنهج القومي يدرك بيقين العارفين أنّ التغيرات لاتبدأ من فراغ،وإنّ الانقطاع هو إتصال في مضامين العروبة،بحكم التّأثير والاعتماد الوظيفي المتبادل بين العناصز المتغيرة،وما تؤديه من من وظائف في عالم العروبة الحديثة ومضامينها.
•العروبة الحديثة،كما أسلفنا،عروبةثورية،نهض بها الإسلام لتكون على هذه السوية.
•العروبة الحديثة ترى في القضية الفلسطينية قضية عربية بكل أبعادها البنائية،وقضية مركزية بكلّ المقاييس القومية والإنسانية،في نضال العرب وتطورهم الحضاري.ومن مكانتها هذه تلعب دور القائد الموجه لسياسة الأقطار
العربية،في حال تجاوزت عسرها التاريخي.