مقالات

 وينقلب الكذب على الكاذب كتبت: د. منال حسن مختار

كتبت: د. منال حسن مختار

 وينقلب الكذب على الكاذب
كتبت: د. منال حسن مختار
 مدخل:
الاستعمار هو كما يقال عنه افكاً ظاهرة تهدف إلى السيطرة وبسط النفوذ بالقوة والقهر من أجل استغلال الموارد والثروات والخيرات. وبهذا المعنى يكون الاستعمار هو نهب وسلب للثروات وتكون الآلية المستخدمة لذلك هي تحطيم إرادة وكرامة شعوب البلد المستعمر .
وهذا الأمر يستقيم عندما يكون الهدف هو استعمار البلد المُستَعمِر، بمعنى أن فرض السيطرة البريطانية على السودان كان الهدف منه استعمار بريطانيا وعمرانها وهو ما حدث من خلال ما عرف بظاهرة الاستعمار.
وقد استخدمت مفردة ( استعمار) للتمويه ذلك لأن المدلول اللغوي لهذه المفردة يعني طلب الاعمار أو العمران ومعنى استعمر المكان أي امده بما يحتاج للعمار والتعمير، واننا نجد أن الانجليز قد أمدوا السودان بأدوات الاعمار والتعمير مثل مشروع الجزيرة وخطوط السكة حديد التي أسست لخدمة المصلحة البريطانية وأيضا ضمن آلية التمويه.
والحقيقة أن ما حدث من ظاهرة الاستعمار في تاريخ البشرية لم يكن استعماراً للدول الغنية بالموارد بل هو احتلال الهدف منه إعمار الدول التي قامت بالاحتلال.
الموضوع:
وإذا استعنا بمنهج القياس واسقطناه على فترة حكم النظام البائد (1989- 2019 ) نجده هو أيضا (احتلال) لأنه بسط نفوذه بالقوة وسيطر على الموارد والثروات بنهبها وسلبها وحطم إرادة وكرامة الشعب السوداني بالتمكين من خلف غطاء التوجه الإسلامي، بمفهوم الإسلام السياسي المرتبط بشخصية حسن الترابي.
ومنذ استلام ما يعرف بثورة الإنقاذ الوطني للسلطة في صبيحة الجمعة 30 يونيو 1989 اتبع نظام الإنقاذ وسيلة (التمويه) حيث تم تمويه الانقلاب باعتقال الترابي مع زعماء الأحزاب السياسية حتى لا يعرف الجيش والشعب هوية منفذي الانقلاب، وكانت هذه هي الكذبة الأولى التي تلتها بقية الأكاذيب وأساليب التمويه مثل قرارات الرابع من رمضان التي كانت بداية المفاصلة داخل أروقتهم والتي انتهت بأقصاء الترابي وتجريده، ثم استمر الكذب والتمويه حتى انقلب الكذب على الكاذب.
وهذا كان بداية تمكين الاحتلال الكيزاني للسودان حيث تم الاستيلاء على الدولة من قِبل النظام البائد بالقوة وفرضوا سيطرتهم بالقهر وأصبح حزب المؤتمر الوطني هو المحتل للدولة السودانية بأكبر عملية (تزوير مفهومي) وأقصد به تبنيّهم لمشروع الإسلام السياسي والحضاري، ذلك المصطلح الذي برروا به أفعالهم التي لا تمت لتعاليم الإسلام بصلة، والتي خلفت دماراً على كافة المستويات الأفقية والرأسية وما حرب 15 أبريل الا امتداد لهذا الدمار.
والتزوير المفهومي الذي مارسه جماعة النظام البائد طال حتى علاقة الدال بالمدلول، فكان الدال فيه مضاد للمدلول ومنفصل عنه مما أخرج المسميات عن معانيها، وعلى سبيل المثال كانوا يستعينون بالمصطلحات الشرعية مثل (الجهاد – النماء) ولا نجد لهذه المصطلحات جوهر في الممارسة فالجهاد كان لتمكينهم والنماء كان لجيوبهم، وكان جوهر الممارسة استخراب لكل مظاهر الحياة بدل الاستعمار حيث تم استخراب الخيرات والثروات والمفاهيم والعقول، والأدهى أنهم كانوا يمارسون التضليل بأن هذا الاستخراب إنما هو عمران واستعمار وكان الغرض من التضليل فرض التبعية بواسطة آلية التمويه التي اتبعوها منذ الوهلة الأولى.
___

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب