الصحافه

بين “شهقة وينستون” ومنظومة اللنبي: كيف تقرأ إسرائيل علاقات الأردن-إيران السرية؟

بين “شهقة وينستون” ومنظومة اللنبي: كيف تقرأ إسرائيل علاقات الأردن-إيران السرية؟

عوديد عيلام

الأردن دولة مميزة ومعقدة من ناحية جغرافية – سياسية. تقررت حدودها بعد الحرب العالمية الأولى، في مداولات سريعة بين بريطانيا وفرنسا، اللتين لم تفهما ديمغرافيا المنطقة وجغرافيتها. إحدى القصص المشوقة والرمزية تتعلق بالحدود الجنوبية التي بين الأردن والسعودية، والمشهورة باسم “شهقة وينستون”. حسب الأسطورة، وينستون تشرتشل الذي كان وزير المستوطنات البريطاني في العشرينيات، كان يشرب الكحول في أثناء ترسيم حدود الدول. عند الشهقة، كانت الحدود الصحراوية تعوج وتنحرف عن استقامتها، ما جعلها تأخذ هذا الاسم. هذا الحدث التاريخي يذكرنا كيف كانت القرارات المصيرية تؤخذ في الشرق الأوسط أحياناً على غفلة من الوعي، لكن يكون لها تأثير عميق حتى عصرنا.

اليوم يبدو الأردن مستقراً نسبياً تحت حكم الأسرة المالكة الهاشمية. لكن المملكة تتصدى من تحت السطح لتحديات داخلية وخارجية. ومع أن الأغلبية الساحقة من سكان الأردن من أصل فلسطيني، فإن الأسرة المالكة الهاشمية تسيطر على الدولة بيد عليا. وكلما تواصلت الحرب في غزة وفي الشمال، تصاعد التوتر في الأردن. إيران وحزب الله يشخصان الأردن كجسر استراتيجي لإسرائيل. الحدود المفتوحة مع سوريا والعراق أصبحت محاور تهريب للسلاح والذخيرة، فيما نفوذ إيران الأيديولوجي يتسلل ويهدد الاستقرار الداخلي.

رغم وقوفه في الجبهة ضد الثورة الإسلامية لإيران، يحافظ الأردن على علاقات سرية مع طهران. مثال ذلك التعاون في موضوع النفط. بسبب العقوبات المفروضة على طهران، استخدمت الدولتان العلاقات الاقتصادية السرية لتجاوز العقوبات – قصة تمثل ازدواجية الأردن في منظومة العلاقات المعقدة مع إيران.

العلاقات الخاصة بين شخصيات إسرائيلية والملك حسين لم تنتقل إلى ابنه بالوراثة. في الساحة الدولية، يعتبر الأردن معارضاً حاداً لإسرائيل. التحريض في الدولة يتصاعد، وفي تموز دعا رئيس الوزراء الأردني السابق عبد السلام المجالي إلى وقف الدبلوماسية “الرقيقة” مع إسرائيل بل ومهاجمتها. العداء لإسرائيل ينال زخم أردنياً كما بينه حادث أمس في معبر اللنبي الذي نفذ فيه سائق شاحنة أردني عملية مخططاً لها وليست عفوية. كل حدث كهذا يهز منظومة العلاقات الهشة بين إسرائيل والأردن.

رغم هذا، يوجد من خلف الكواليس بين الأردن وإسرائيل تعاون أمني مكثف. حتى إن الأردن ساعد في اعتراض مسيرات إيرانية في هجوم نيسان، ما أثار غضب الإيرانيين. لإسرائيل مصلحة عليا لمنع التطورات في الأردن، وبالتالي عليها أن تحافظ على خطاب معتدل تجاه الأردن والحفاظ على المصالح الأمنية.

إن سقوط الأسرة المالكة الهاشمية سيشكل ضرراً استراتيجياً جسيماً لإسرائيل وسيسمح لإيران لنيل موطئ قدم حقيقي في الحدود الأطول لها. وبالتالي، ستقف إسرائيل أمام تحد غير بسيط. التعاون الأمني مع الأردن حرج للحفاظ على حدودنا الأكثر انفلاتاً.

إسرائيل اليوم 9/9/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب