الصحافه

معاريف:ماذا لو أقامت إسرائيل حواراً مع إيران لبلورة استراتيجية جديدة؟

معاريف:ماذا لو أقامت إسرائيل حواراً مع إيران لبلورة استراتيجية جديدة؟

وسعت حرب “السيوف الحديدية” [طوفان الأقصى] المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية إلى عدة جبهات، لأول مرة بينهما بمواجهة مباشرة. يدور الحديث عن مستوى لم نشهده من قبل، وجهد منع اتساعها وتعميقها يبدو واضحاً. الأيام القريبة القادمة ستجسد بالملموس إذا كانت الدولتان ستنجحان.

جدير أن يتلقى موضوع الحوار الإسرائيلي – الإيراني مزيداً من الاهتمام والتفكير في ضوء تطورات غير المسبوقة الآن. ثمة استطلاع سنوي لمعهد “ميتافيم” (تموز 2024) فحص هذه المسألة في إطار علاقات إسرائيل مع اللاعبين الإقليميين. وبعد فحص إمكانية خلق مسار حوار وتبادل رسائل مع إيران (عبر طرف ثالث)، اعتقد 42 في المئة بأن هذا لن يؤثر كثيراً على التصعيد بينهما؛ واعتقد 38 في المئة بأنه يفيد إسرائيل؛ و20 في المئة اعتقدوا بأنه ضار بإسرائيل.

أرغب في أن أتعلق بأولئك الـ 38 في المئة الذين اعتقدوا بأن حواراً من هذا القبيل قد ينفع إسرائيل. فالمنطق يقول إن إسرائيل لا تستوعب الواقع الإقليمي الجديد الذي تثبت في السنوات الأخيرة، ابتداء من حرب الخليج الثانية وإسقاط نظام صدام حسين في العراق، وحتى تداعيات “الربيع العربي” على المنطقة بأسرها. أما بشأن قضيتنا، فيدور الحديث عن مسيرة تعزيز قوة إيران، وتحولها إلى قوة إقليمية عظمى. لقد ثبتت هذه المسيرة جلياً في أثناء السنة الأخيرة.

بشكل مشابه وشائق، فإن التطورات الإقليمية، مع التشديد على “الربيع العربي” والضعف الجماعي العربي، واتفاقات السلام المستقرة مع مصر والأردن، والمسيرة مع الفلسطينيين، كلها ساهمت بتعزيز مكانة إسرائيل الاستراتيجية. أضف إلى هذا قوتها الاقتصادية والتكنولوجية وستكون إسرائيل قوة عظمى إقليمية، بما في ذلك (وأساساً) في عيون الناظرين من الخارج.

وعليه، أمامنا قوتان عظميان إقليميتان تطلبان “اعترافاً” بمكانتيهما، كل بطريقتها. الحجة الأساس أن الاستراتيجية التي اتخذتها إسرائيل طوال سنين لم تنجح في تقليص الميول السلبية النابعة من تعاظم قوة إيران. فضلاً عن ذلك، تشكل الظروف الإقليمية الحالية في الشرق الأوسط فرصة لإسرائيل لبلورة استراتيجية جديدة في السياق الإيراني. لا يعني الأمر التخلي عن الوسائل العسكرية، بل ربطها بذلك. فالحرب تثبت أنه رغم الفشل الاستخباري، العسكري – السياسي في 7 أكتوبر، ها هي إسرائيل تنجح في التصدي لجملة الجبهات التي تصطدم بها، بما فيها المباشرة بينها وبين طهران. والتسويات السياسية –اتفاقات السلام مع مصر والأردن، واتفاقات إبراهيم، وحتى منظومة العلاقات مع السلطة الفلسطينية– لم تتضرر جوهرياً ولم تنهر بعد سنة طويلة ودامية من الحرب. إن حواراً إسرائيلياً – إيرانياً كما يقترح، يجب أن يعترف بالمصالح الخاصة للدولتين: إيران تسعى للحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها الإقليمية، وإسرائيل تسعى للحفاظ على ما هو موجود، وتعميقه للاندماج في المنطقة.

هذا الحوار لا يتناقض مع سعي إسرائيل لتوسيع منظومة علاقاتها الإقليمية، بما فيها السعودية. فالسعودية، التي ترى في النظام الإيراني تهديداً وجودياً، أقامت علاقات دبلوماسية وتجري حواراً علنياً مع طهران، ولا ترى في ذلك تناقضاً مع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. على إسرائيل (وعلى إيران) عدم “المبالغة كثيراً”، وعليهما أن تستوعبا الواقع الاستراتيجي الإقليمي لخلق تفاهم أفضل بينهما، وإقامة إطار متواضع للحوار بينهما.

ميخائيل هراري

معاريف 25/9/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب