منوعات

تلال الأغوار التي «وعدهم الرب بها»… يوسي بيلين يثبت «كلن يعني كلن» وسهرة أردنية مع «تنجيم» الحسيني

تلال الأغوار التي «وعدهم الرب بها»… يوسي بيلين يثبت «كلن يعني كلن» وسهرة أردنية مع «تنجيم» الحسيني

بسام البدارين

تضع شبكة «بي بي سي» المكرفون فجأة وهي ترسل طاقمها إلى الأغوار في فم إثنين من غلاة المستوطنين، مع كاميرا تلتقط صورا لسلسلة تلال وجبال «أردنية» شرقي النهر.
المستوطنة «المختلة» تقول للمراسل «هل ترى تلك التلال.. هي لنا أيضا والرب وعدنا بها».
رفيقها – وفيما تتدلى جدائله فوق أكتافه – يضيف «على هؤلاء – يقصد شعب النشامى – أن يرحلوا أيضا عن أرضنا».
لا أحد إطلاقا في تلفزيونات عمان قرر «الرد» على المنتج الهوليوودي الاستيطاني الجديد، مع أني تمنيت مثلا على تلفزيون «المملكة»، الذي ينفق من «ضرائب الشعب» أن يخصص «إستديو مفتوح» للرد والتنديد والتنكيد.
وتمنيت على تلفزيون الحكومة أن يبلغنا بأي صيغة أن المعلومة إياها – عن «بي بي سي» ومحتواها – وصلت لـ»جهات الاختصاص» فيما الخشية من الرقيب الذاتي، الذي لا ينام من فرط اليقظة والصحة دفعت حتى قناة «رؤيا» للتجاهل.

زلازل الموساد والحسيني

العكس تماما حصل، بدأ القوم إياهم من كتيبة شيطنة المقاومة بجمع تلك الإشارات، التي وردت على لسان شخص يتنبأ الآن بالزلازل «الموسادية حصرا» اسمه محمد علي الحسيني، عبر إحدى الفضائيات اللبنانية وتحويلها إلى «قناعات وطنية أردنية» بعنوان «أصحاب الرايات السوداء قادمون» أو بعنوان «غرف سوداء» في عمان بتوقيع حزب الله تخطط للسوء بالبلاد والعباد.
نشطاء مقولة «المحور شر» ما غيرهم يجتهدون في افتراض سيناريوهات إيرانية تخطط لاستهداف الأردن، دون تقديم أي دليل أو مادة محتوى علمية من خارج «معلبات التنجيم»، التي يجود بها هذه الأيام الحسيني أو أقرانه من الذين وصفهم زميلنا نجم برنامج «فوق السلطة» على قناة «الجزيرة» بأنهم «منافسون أقوياء لمشاهير المنجمين اللبنانيين».
مشكلتي ليست نفي «أي تهمة عن إيران»، فسجلها في العراق وسوريا مريب للغاية، وقد لا يغتفر أحيانا، لكن نقول الآن ما يقوله الفلاح «مش وقته».
مشكلتي مع مقاولي «شيطنة المقاومة»، الذين أهلكونا في الأردن تحذيرات وتنبؤات وأفلام، دون تقديم أدنى دليل على مزاعمهم، فيما يتجاهلون ما تبثه كل ليلة القناة الإسرائيلية 14 وشقيقاتها من مواد دعائية متطرفة دينيا تصر على «ضم الأغوار» والأردن لاحقا.
من حقك أن ترتاب في إيران. من حقك أن ترفض كنشمي تحويل بلدك إلى بؤرة صراع طبعا، لكن ليس من حقك إطلاقا الانغماس في نفي أطماع إسرائيل والادعاء بأنها «وهمية». تلك وظيفة لها اسم صعب في عالم صراع الحضارات، وزميلنا أحمد زياد أبو غنمية قدم علنا النصيحة الأغلى «يا جماعة الخير، إللي متغطي بالأمريكان بردان».

أسطوانة «إيران والإخوان»

وزير الخارجية، هو الذي أطل مؤخرا باسم المؤسسة على شاشة «سي أن أن»، وهو يطالب باستعمال «الفصل السابع» ضد إسرائيل، والعتب اختلط بالارتياب التام ضد جماعة الإخوان المسلمين، لأنها امتنعت عن «نعي الشهيد حسن نصر الله»، حتى يأتيك البعض ليقترح أن «إيران على صلة بالإخوان» في استنتاج فانتازي لا تصادق عليه لا البيانات ولا الممارسات ولا الأيديولوجيا.
زميلنا صائد «المفارقات» في «الجزيرة» نزيه الأحدب تكفل باصطياد مسابقات «التنجيم»، والربع إياهم في عمان تكفلوا بتحويل مادة «تنجيم» لأحدهم إلى خطابات مضادة لا تنتبه لخطط الضم الإسرائيلية، وتركز على «العمائم السوداء» ومخاطرهم، أي غفران يرتجى بعد كل هذا الزيف حتى لا نستعمل مفردة أخرى؟!
طبعا لا نبرئ أي جهة من تهمة التربص بنا كأردنيين، لكن في معيار «المصالح» قبل أي اعتبار آخر لا بد من وقف مشهد الدجل والمزاودات والانتباه مباشرة للعدو الحقيقي والوحيد والوشيك والجار المجرم الإرهابي، مع ثقتنا العميقة بالمؤسسات السيادية.

«كلن.. يعني كلن»

ومن يريدون دليلا إضافيا على مقولة الصبية اللبنانية الشهيرة «كلن يعني كلن»، يمكنهم العودة للسؤال المبدع على «الجزيرة مباشر» لزميلنا المذيع، وهو يناقش «يوسي بيلين» ما غيره. هل تذكرون هذا الفتى الإسرائيلي، الذي أمطرونا بتصوراته باعتباره «حمامة السلام» وشريك دافئ ينتج الوثائق بغزارة تحت عنوان الشراكة.
يوسي المعتدل الحمائمي، الذي هدد بقتله غلاة اليمين الإسرائيلي، يصف ما حصل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول مقترحا أن «حماس إلى جهنم».
يتوقف المذيع النبيه ليسأله: حماس إلى جهنم، لأنها قتلت نحو 1000 إسرائيلي محتل، أين برأيك سيذهب من قتل 50 ألف فلسطيني حتى الآن؟!
فجأة وعلى طريقة مسلسل «صح النوم» ينتفض يوسي، ويدرك أنه في مطب، ثم يخطب قائلا «لم أسجل معك المقابلة حتى أجيب على أسئلة من هذا الصنف»!
لاحقا يقرر بيلين ودون اعتذار لائق مغادرة الكاميرا وإنهاء المقابلة.
ما فعله بيلين على الهواء المباشر يثبت مقولة «كلن يعني كلن» موتورون ومتطرفون ولا يريدون السلام الحقيقي، ولا يؤمنون إلا بإبادة من يعارضهم أو يعيق مشروعهم الاغتصابي، وهو درس بسيط متلفز على الهواء، علينا في الأردن أن نفهمه حتى ندرك، ولو متأخرين في أي «سلة» وضعنا» لـ30 عاما «بيض السلام» فيها.

٭ مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب