منوعات

«العين بالعين والسن بالسن» تفسد كرة القدم بين ليبيا ونيجيريا وللجزائريين: رفقا بسوزان نجم الدين!

«العين بالعين والسن بالسن» تفسد كرة القدم بين ليبيا ونيجيريا وللجزائريين: رفقا بسوزان نجم الدين!

غادة بوشحيط

في فيلمه «البحث عن فضيحة» ظل البطل (الذي أدى دوره عادل إمام) يبحث عن أمن الطرق ليجتمع مع حبيبة قلبه (سهير رمزي) تحت سقف واحد. وفي كل مرة يفكر فيها في حل معقول يأتي صديقه (سمير صبري) ليثنيه مغبة إتيان ما يتسبب في فضيحة. لكن يبدو أن الاستهلاك المفرط وترددات النيوليبرالية قد اختزلت «الفضائح» وفلسفاتها الأخلاقية في مجرد «جدل سلبي» قد تتساوى مساوئه مع منافعه في نظر صاحب المصلحة منه. أمر سيؤكده المتابع لحركة تطور وسائل التواصل الاجتماعي، الذي سيقف بالضرورة عند تحول «الجدل السلبي» لعقيدة، تعتنقها جحافل مريدي السوشيل ميديا التي لا تختلف في عرفها على ما يبدو صناعة كرة القدم عن عوالم السينما.

كرة القدم الافريقية: القدح والذم!

لا حديث في السوشيال ميديا خلال الأيام الأخيرة غير مبارتي كرة القدم بين ليبيا ونيجيريا. لا النتيجة، ولا اللعب كانا أكثر ما شغل الرواد، بل «هوامش» سرعان ما تحولت لـ«مراكز» أخذت تحرك رأيا عاما وتقسم قارة لم تشف من حروبها ولا مآسيها بعد.
لم يكن أعضاء البعثة الكروية الليبية إلى نيجيريا يتوقعون ما سيحدث لهم وهم يستقلون طائرتهم الخاصة، نهاية الأسبوع الماضي لخوض مباراة برسم التصفيات المؤهلة إلى كأس إفريقيا للأمم المزمع انعقادها في 2025. إذ تم تحويل مسار طائرتهم التي كانت ستحط في مطار مدينة أويو، حيث ستجرى المباراة إلى مطار العاصمة لاغوس. كما تعرض الطاقم المسافر إلى عملية تفتيش دقيقة داخل الطائرة لمدة ساعة كاملة، قبل أن يسمح لهم بالخروج ويقضوا ثلاث ساعات بانتظار حافلة تقلهم إلى فندقهم الذي يقع على مسافة أكثرمن مئتي كيلومتر، لن تصل أبدا، وتعوض بحافلات صغيرة، تقل العناصر متفرقين في مجموعات صغيرة عبر طرق خطيرة، وفي غياب مرافقة أمنية.
لن تتوقف عذابات الفريق الليبي هنا بل سيعلن عن مقتل ثلاث إعلاميين أفارقة قبيل المباراة، وتنته رحلته بخسارة أمام الفريق المضيف بهدف وحيد يتيم، وبشق الأنفس.
حز الأمر في قلوب الليبيين الذين وجدوا في الأمر إهانة «وطنية» وسرعان ما وجدوا تعاطفا من البلدان الشقيقة: جزائريون، تونسيون، مصريون، وغيرهم كثر تفاعلوا مع ما سموه «كولسة»، أو لعبة الكواليس التي حسبهم تعد من رزايا الكرة الإفريقية.
تضاعفت حالة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعية الليبية والمغاربية عامة، بوصول المنتخب النيجيري إلى البلاد. مشكل «تقني» دفع السلطات لتغيير وجهة طائرة الفريق القادم من لاغوس، اضطر طائرته للحط بمطار «لبرق»، حيث لا مطاعم، ولا مرافق حسب أعضاء الفريق الضيف، ما اضطرهم لافتراش سجاد قاعة الاستقبال وكراسي قاعات الانتظار لاثنتي عشر ساعة، قبل أن يطلبوا السماح لهم بالإقلاع عائدين وترفض إدارة المطار متحججة بتوسع المشكل التقني، بعد أن تم تفتيشهم تفتيشا «دقيقا جدا». تلك على الأقل التفاصيل التي راحت مختلف صفحات السوشيال ميديا تتناولها خلال الساعات القليلة الماضية، قبل أن يعلن الفريق انسحابه رسميا من المباراة، وتقدم الاتحادية النيجيرية لكرة القدم احتجاجا لدى منظمة الكاف الهيئة الإفريقية لكرة القدم، معيبة على الليبيين «سوء ضيافتهم».
تبادلت صفحات السوشيل ميديا الشمال إفريقية تحايا عابرة للحدود (هي التي يمكن أن تشتعل حرب رقمية في ما بينها ضد معلق أو إثر تماس لو قدر وخاضت فرقها الوطنية مواجهات ضد بعضها البعض) على الانتقام الجميل الذي أتاه الليبيون ضد أفارقة استأسدوا على شماليي القارة، كرر بعضهم. «العين بالعين والسن بالسن» كانت من بين العبارات الأكثر تداولا، أما تكهنات البعض فذهبت للجزم بأن الاتحاد النيجيري «للجلد المنفوخ» لم تأت خطوة الانسحاب إلا بعد تأكدها من ضمان تأهلها رغم الانسحاب، وأن ما فعله رفقاء النجم «فيكتور أوسيمين» لاعب ناديي غلطة سراي ونابولي، يدخل ضمن «استعراض» معتاد قاريا.
المراقب لحالة الهرج الناجمة عن المواجهة الليبية – النيجيرية الكروية سيحس بحالة تجاذب غريبة غير مبررة نظريا على الأقل. إذ يتذيل الفريق الليبي ترتيب مجموعته حتى قبل مواجهة نيجيريا التي تتصدر المجموعة، ولا خطر عليه. ما يشرع الباب لتأويلات غير بريئة تتجاوز الكرة، بل وحتى السياسة في حساباتها المحلية. إذ يعود اسم ليبيا كثيرا في قصص الفارين من جحيم الساحل الإفريقي نحو جنان الشمال الأوروبي، إذ ترسخت نقطة العبور ما بعد سقوط نظام القذافي إلى «طريق جهنم» في أذهانهم، نظرا لانتشار الكثير من الممارسات اللا انسانية من استعباد، وسرقة واغتصاب وقتل في حق ذوي البشرة السمراء وسط فوضى تعصف بالبلاد. مرويات الأفروسنتريك التي تلقى انتشارا واسعا كأيديولوجيا يتردد صداها قويا في العمق الإفريقي قد تبرر أيضا مثل هذه الحوادث، خصوصا مع تردد خطاب تمييزي ضد شماليي القارة حتى في وسائل إعلام إفريقية رسمية (دون تناسي العنصرية الصريحة في اليومي والموروث الشعبي المغاربي والشمال إفريقي عامة). فهل تعصف «الطابة» بـ»الجنوب الشامل» وقضاياه الموحدة؟

مهرجان وجدالات

أرخى مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في الجزائر سدوله بعد أيام من العروض ومسابقات رسمية في العاشر من الشهر الجاري. المهرجان الذي عاد بعد غياب ست سنوات كاملة، أسال الكثير من الحبر، ولكن ليس للأسباب التي وجه الأنظار إليها. في الجزائر للسوشيال ميديا قوة رفع فنان أو إنزاله، وكذا سلطة الحكم على مهرجان لم يحضروا أيا من فعالياته.
ما الجدوى منه؟ كان أكثر الأسئلة التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، (وهو الذي يتكرر مع كل تظاهرة ثقافية كبرى في البلاد) الذين راحوا «يحسبونه» بالورقة والقلم، ويتكهنون بالمبالغ التي قد تلقاها هذا أو ذاك من المدعوين. المهرجان الذي أريد له أن يكون نسخة «محسنة» عن مهرجانات أخرى جرت خلال الأشهر الماضية، أثارت حفيظة رواد مواقع التواصل الاجتماعي داخل البلاد، جعل من كوستا غافراس، المخرج اليوناني – الفرنسي الحاصل على عدة جوائز أوسكار ضيف شرف المهرجان، هو المخرج الذي سبق له أن أنجز فيلما عن فلسطين، التي حظيت سينماها بتكريم خاص في هذه النسخة من المهرجان السينمائي الجزائري. كاد «العيد السينمائي» ليمر في هدوء إذ لم يحقق تغطية إقليمية كبيرة كالتي أريد له، دون جدالات على الأقل في أيامه الأولى قبل أن تطيح تصريحات الفنانة السورية «سوزان نجم الدين» بحالة الهدوء تلك وتشغل السوشيل ميديا في الجزائر أياما طويلة.
النجمة السورية، بدا أنها لم توفق في ردها على سؤال صحافي أراد أن يعرف من من المخرجين والممثلين الجزائريين تفضل الفنانة مشاركتهم أعمالا سينمائية، لتجيب السيدة بعفويتها المعروفة أنها لا تعرف أيا منهم حتى تتعاون معهم. علقت المشانق سريعا لـ«سلافة» (الدور الأكثر شهرة للنجمة بين الجزائريين). «تستدعون أشخاصا وتمنحونهم أموالا وهم ينكرون حتى صناعتكم» علق كثر، «نملك أفضل سينما في المنطقة، أوسكار وغولدن غلوب وسعفة ذهبية، هذه هي السينما الجزائرية» تفاخر آخرون. أنكر البعض على السيدة معرفتها بالسينما أساسا هي النشطة في عوالم صناعة الدراما والتلفزيون.
لم تتوقف حالة الشد والجذب هنا، بل راحت تعليقات البعض تصب في خانة جلد الذات: «أن لنا سينما؟» علق البعض، «أين قاعاتنا؟» «من هم نجومنا؟» «لم نتمكن من تصدير أسماء لامعة للعالم العربي حتى..»!
حالة الجدال الواسعة كادت تطفئها تصريحات الممثلة التي استغربت ردود الفعل تلك، خصوصا وأنها من أكثر الفنانين العرب مواكبة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي تحديدا منذ أولى طبعاته. قبل أن يعود ممثل كوميدي يدعى «محمد خساني» ويلهب مواقع التواصل الرقمية برد «ساخر» على الفنانة الضيفة في حفل الاختتام بعد أن أوكلت له مهمة تنشيطه. وجد كثر في الأمر سقطة أخلاقية منه، آخرون عدوه نقطة سوداء لا تليق بقيمة المهرجان، كما كانت فرصة لكثر للتعبير عن سخطهم من طبقة فنية لا يفتأ مستواها يتهاوى.

 كاتبة من الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب