رياضة

متى ينفد صبر إدارة مانشستر يونايتد؟ ومن المخلص بعد تين هاغ؟

متى ينفد صبر إدارة مانشستر يونايتد؟ ومن المخلص بعد تين هاغ؟

عادل منصور

مانشستر يونايتد يتراجع، إنهم في أدنى مستوياتهم الآن، إنه أمر محرج. لا ينبغي لناد بهذا الحجم أن يقدم أداء كهذا»، بهذه الكلمات البسيطة، لخص لاعب توتنهام والمنتخب الإنكليزي سابقا ومحلل شبكة «سكاي سبورتس» جيمي ريدناب، حالة الضعف والهوان التي وصل إليها زعيم الأندية الإنكليزية على المستوى المحلي تحت قيادة الأصلع الهولندي إيريك تن هاغ، الذي يثبت من مباراة لأخرى صحة المقولة المأثورة «لكل قاعدة شواذ»، مدمرا السمعة الرائجة عن أصحاب الصلعات العبقرية في عالم المركولة المجنونة، على غرار الأيقونة زين الدين زيدان، ومُعلم تين هاغ، في بداية رحلته في عالم التدريب هناك في بايرن ميونيخ، الفيلسوف بيب غوارديولا، ومؤخرا صعد على الساحة خريج نفس المدرسة الايطالي إنزو ماريسكا مع تشلسي، والهولندي آرنه سلوت مع ليفربول في فترة ما بعد الأسطورة يورغن كلوب، وإلخ، وبطبيعة الحال، ليس فقط لسلسلة النتائج والعروض المخيبة للآمال التي حققها فريق الشياطين الحمر هذا الموسم، آخرها الفشل في تحقيق أي انتصار في آخر 5 مباريات في مختلف المسابقات، مكتفيا بأربعة تعادلات وهزيمة نكراء أمام توتنهام بثلاثية كانت قابلة للضعفين في قلب «أولد ترافورد»، بل هناك الكثير من المؤشرات السلبية، وإن جاز التعبير يمكن وصفها بالكوارث الكروية التي يصعب مرورها بهذه السهولة مع ناد بحجم وشعبية مانشستر يونايتد، منها على سبيل المثال لا الحصر في آخر 12 شهرا، ما حدث في الشوط الثاني أمام كوفنتري في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي، حيث فرط الفريق في تقدمه بالثلاثة في الشوط الثاني، وفي الأخير فاز بشق الأنفس بمساعدة ركلات الجزاء، وما تُعرف بمذبحة ملعب «سيلهيرست بارك»، عندما سقط الفريق برباعية مؤلمة أمام نسور كريستال بالاس، وثلاثية بورنموث في «مسرح الأحلام»، والانهيار المفاجئ أمام تشلسي في الوقت المحتسب بدل من الضائع في القمة الكلاسيكية الشهيرة التي حسمها البلوز 4-3.

وهناك الكثير والكثير الهزائمة المذلة والمزلزلة، التي كانت تكفي لوضع رأس أي مدرب آخر في نفس الموقف تحت مقصلة الإقالة، مع ذلك ما زال محتفظا بمنصبه وبراتبه المحُسّن بعد موافقة السير جيم راتكليف على تمديد عقده، معتقدا أن الأزمة لا تكمن في منصب أو شخص المدرب، بقدر وجودها في الهيكل الإداري والتنفيذي، الذي بادر بتجديده بالكامل في فترة ما قبل التوقيع مع الدماء الجديدة والتحضير للموسم الجديد، قبل أن يستيقظ على آخر وأسوأ سيناريو كان ينتظره، بعودة «ريما إلى عادتها القديمة»، بنفس الطريقة التقليدية في عصر ما بعد الأسطورة سير أليكس فيرغسون، بإعطاء بعض الإيحاءات أو الومضات الكاذبة لتجاوز عنق الزجاجة أو على أقل تقدير الوصول لمرحلة رؤية الضوء في نهاية النفق، ثم عودة سريعة إلى المربع صفر، وبلغة كرة القدم عودة إلى مسلسل الإخفاقات والنتائج الكارثية، وكأن القدر كتب على اليونايتد أن يبقى في هذه الحلقة المفرغة، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، والسؤال الذي سنحاول إجابته معا في نقاشنا الأسبوعي: إلى متى سيستمر رهان السير جيم راتكليف وأصحاب القرار على إيريك تن هاغ؟ وسؤال آخر ما الفرق بين مضمون أو جوهر سياسة الإدارة الحالية وبين السياسة البائسة في عهد أتباع آل غليزر بالاكتفاء بمشاهدة الأوضاع المأساوية وتفويت الفرصة تلو الأخرى لتصحيح الأمور قبل فوات الأوان؟ والأخير الأكثر شيوعا بين المشجعين، لماذا من الأفضل التخلص من الغمة عاجلا وليس آجلا؟

فرصة وانهيار

كان الاعتقاد السائد لدى قطاع كبير من جماهير النادي، أن الإدارة لن تقف مكتوفة الأيدي، بعد العرض المتواضع أمام تفينتي الهولندي في الدوري الأوروبي، والذي أعقبه السقوط الحر أمام الديوك اللندنية ثم التعادل الإيجابي مع بورتو بثلاثة أهداف في كل شبكة في إطار منافسات البطولة الثانية في القارة العجوز، بيد أن خروجه من «الفيلا بارك»، في آخر مباراة قبل ذهاب اللاعبين لتلبية نداء الوطن في عطلة أكتوبر/تشرين الأول الدولية، ساهم بشكل أو بآخر في حصوله على جرعة ثقة جديدة من قبل مدير عمليات كرة القدم وباقي المسؤولين في النادي، على أمل أن ينجح في إعادة ترتيب الأوراق في فترة ما قبل توقف نوفمبر/تشرين الثاني وما سيتبعها من روزنامة من المباريات المكثفة على المستوى المحلي والقاري لنهاية يناير/كانون الثاني 2025، وذلك من باب أنه من الممكن أن يستعيد الفريق نغمة الانتصارات في الأسابيع القليلة المقبلة، وبالتبعية ينجح في تقليص الفارق مع أصحاب المركز الرابع، خاصة وأنه حتى قبل استضافة برينتفورد في السبت الكروي للجولة الثامنة، ما زال الفريق على بعد 6 نقاط فقط من تشلسي وأستون فيلا، أصحاب المركزين الرابع والخامس بنفس النقاط، لكن أغلب النقاد والمتابعين، لا يتوقعون أن تسير الأمور بهذه الطريقة، طالما بقى تن هاغ على رأس الجهاز الفني، وهذا لعدة أسباب، منها مثلا الفشل الذريع في تقديم أي أمارة على التقدم أو التطور في أهم اختبارين منذ بداية الموسم الجديد، والحديث عن مباراتي ليفربول وتوتنهام. دعك عزيزي القارئ من قسوة الهزيمة المحرجة للمشجعين في كل أرجاء المعمورة، بل فتش عن الصورة الفوضوية التي كان عليها رفقاء برونو فرنانديز، في ما كانت شهادة إثبات جديدة على تبدد فكرة تن هاغ بأن فريقه يملك من القوة والجودة ما يكفي لمنافسة كبار إنكلترا وأوروبا هذا الموسم، كيف لا والفريق بدا وكأنه عاجزا وغريبا على ملعبه وأمام أنصاره، مقارنة بالضيوف الذين تفننوا في احتلال كل شبر في الملعب على مدار الـ90 دقيقة، وكما علمتنا الساحرة المستديرة دائما، أن الانتصارات والبطولات لا تأتي بضربة حظ أو من قبيل الصدفة، أيضا الفشل والوصول إلى قاع الحضيض الكروي، عادة ما تكون له مقدمات يُطلق عليها «مراحل ما قبل وقوع الكارثة»، وعادة ما تبدأ بفقدان السيطرة على غرفة خلع الملابس، بنفس الإستراتيجية التي يتبعها تن هاغ في الآونة الأخيرة، والتي وصلت لحد إحراج ثنائي قلب دفاعه في مشروعه السابق في أياكس أمستردام ماتيس دي ليخت وليساندرو مارتينيز، وذلك في حديثه مع الصحافيين بعد إشراك الثنائي في ليلة التعادل الإيجابي مع تفينتي بهدف لمثله في الجزء الأحمر لعاصمة الشمال في إنكلترا، قائلا: «يجب أن أشاهد المباراة من الخلف أو من الجانب الأيسر، وهذا لأننا بالتأكيد لم ندافع بشكل جيد الليلة»، رغم أنه من طلب التوقيع مع اللاعبين ضمن مئات الملايين التي أنفقها في آخر ثلاث سنوات، أو وفقا لموقع «ترانسفير ماركت» أكثر من 600 مليون جنيه إسترليني لبناء الفريق بالطريقة التي تتماشى مع أفكاره وأهداف النادي.
وكما يخاطر المدرب بإحباط أقرب حلفائه في غرفة خلع الملابس، بدأ يتلقى الطعنة تلو الأخرى من باقي اللاعبين، وتجلى ذلك في الرسائل السلبية التي بعثها لاعب الوسط الدنماركي كريستيان إريكسن في تصريحاته الصحافية بعد نفس المباراة، مؤكدا أن الضيف الهولندي كان أكثر رغبة وجدية لتحقيق الفوز، وتبعه الدولي الإنكليزي هاري ماغواير، بوضع الكثير من علامات استفهام حول عقلية اللاعبين، بعد التعادل الدرامي مع بورتو البرتغالي، قائلا: «أعتقد أن الأمر يتعلق أكثر بالجانب النفسي بعد السماح للمنافس بتسجيل هدفين متتاليين، وهذا أمر يتعين علينا التغلب عليه، وربما يبدأ الأمر بالإيمان والثقة في أنفسنا، والسؤال: هل عندما نتقدم على المنافس بهدفين ينتقل الإيمان بأننا قادرون على المضي قدما والفوز بالمباراة؟ هذا أيضا يتعين علينا إدراكه»، حتى الشاب الأرجنتيني أليخاندرو غارناتشو، كان له نصيب في الجدل الذي أثير حول تآكل سيطرة المدرب على اللاعبين، وحدث ذلك في سهرة تفينتي المشؤومة، من خلال لغة جسده في حديثه مع مدربه الهولندي قبل مشاركته كبديل في الشوط الثاني، والتي علق عليها رود خوليت قائلا: «تن هاغ أراد التحدث بشكل خاص مع غارناتشو، لكنه لم يشعر بالرغبة في ذلك على الإطلاق، كان غارناتشو يستعد للدخول وكان تن هاغ يتحدث معه باستمرار، ويمكنك أن ترى لسان حال اللاعب يقول اتركني وحدي يا رجل»، وبالطبع كل من شاهد المباراة، لاحظ أن الشاب اللاتيني تعمد عدم التركيز مع رسائل المدرب، لدرجة الهروب من محيطه بأسرع ما يمكن، في سلوك جديد يعكس غياب الاحترام المتبادل بين إيريك تين هاغ ولاعبيه، لأسباب تتعلق في المقام الأول بطريقة إدارته المحيرة، كما يفعل مع غارناتشو، بعدم منحه دقائق اللعب التي يستحقها، رغم أنه أثبت أكثر من مرة أنه العنصر الأكثر نشاطا وخطورة في الثلث الأخير من الملعب، وسبقه بمشاهد مماثلة تعيسة خارج الخطوط جادون سانشو، الذي لا يتوقف المدرب عن التشكيك في التزامه وانضباطه، وفي كل مرة، ينتصر اللاعب في معركته مع تين هاغ، مثل انفجاره مع بوروسيا دورتموند في النصف الثاني من الموسم الماضي، كواحد من أبرز المساهمين في وصول أسود الفيستيفاليا إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا. وقبل هذا وذاك، أطاح برأس كريستيانو رونالدو، في ما اعتبر بالنهج المحفوف بالمخاطر، الذي لا يحفز اللاعبين ولا حتى يثير غيرتهم لتقديم أفضل ما لديهم لهكذا مدرب متخصص في تصدير الطاقة السلبية للجميع بدون استثناء، وما نشاهده من مباراة لأخرى، يثبت أن الرجل الخمسيني لم ينجح في كسب ثقة لاعبيه بعد، وبنسبة كبيرة ربما يكون قد فات الأوان لإصلاح ما أفسدته علاقته الجافة مع اللاعبين.

الهوية والمحسوبية

اعترف مدافع النادي في جيل التلامذة غاري نيفل، بشكل واضح وصريح، بأن الفريق أصبح بلا هوية أو شخصية واضحة تحت قيادة المدرب الهولندي، في تصريحاته الغاضبة بعد السقوط المفجع أمام توتنهام، قائلا تصريحه الشهير: «أداء مانشستر يونايتد كان مثيرا للاشمئزاز تماما في الشوط الأول من حيث الجهد والجودة وكل ما تريده في فريق كرة قدم»، متوقفا عند بعض المشاهد المحورية في أحداث المباراة، والتي أظهرت اليونايتد في بعض الأوقات، وكأنه فريق من الصف الثاني أمام واحد من المنافسين المرشحين للفوز بالدوري الإنكليزي الممتاز، أبرزها المساحة الشاغرة التي تركت لميكي فان دي فين، قاطعا مسافة تزيد على 50 مترا بدون مضايقة قبل أن يضع الكرة على طبق من فضة أمام برينان جونسون، ليسجل أسهل وأسرع هدف في مسيرته، وما زاد الطين بلة، أن أصحاب الأرض لم يظهروا أي رد فعل في ما تبقى من الشوط، بعجز وقلة حيلة لتدوير الكرة أكثر من مرتين بمجرد الاقتراب من دائرة المنتصف، قبل أن يسقط القائد برونو فرنانديز في المحظور في نهاية الشوط الأول، بحصوله على البطاقة الحمراء قبل الذهاب إلى غرفة خلع الملابس بين الشوطين، استكمالا لشطحات الدولي البرتغالي في الآونة الأخيرة، بحضور أقل ما يُقال عنه أنه مزعج لرفاقه ومحبط للمشجعين، برؤيته على طول الخط يتفنن بتقديم التمريرات الخاطئة، والتسرع في إطلاق تصويباته الطائشة، والأسوأ الطاقة السلبية التي ينقلها لبقية الفريق من خلال لغة جسده وإشاراته السيئة، متسلحا بشارة القيادة، التي تعطيه الحق في الاعتقاد بأنه محمي من المساءلة أو المحاسبة، رغم أن المخاطر التي كان يخوضها بالكرة لم تعد تؤتي ثمارها، خاصة عندما ينسى دوره الدفاعي أو يفرط في الكرة بسهولة في الثلث الأخير من الملعب ويترك الدفاع مكشوفا ومستباحا أمام الخصوم لشن كل أنواع الهجوم المضاد. وكل ما سبق، عكس الدور المطلوب من القائد داخل الملعب، خاصة في المباريات الكبرى واللحظات المعقدة التي يحتاج فيها الفريق لجودة وشخصية قائده، ولو أن هذا لا يعني بالضرورة أن برونو، هو المسؤول الأول عن الوضع المخيف الذي وصل إليه الفريق، لكنه يمثل الفريق بأكمله في حقبة المدرب الحالي، كمشروع غير واضح الملامح أو المعالم، إذ لا تفهم أن الخطة ترتكز على الهجوم المضاد أم على الاستحواذ أم على ضربة حظ أم على ماذا، بتفكك غير مسبوق في التاريخ المعاصر على مستوى الخطوط الثلاثة، كأن الدفاع والحارس يقومون بمهمة، والوسط في عالم آخر، وراشفورد وبقية المهاجمين في عزلة بين أحضان مدافعي المنافسين، رغم سخاء النادي معه كما أشرنا أعلاه، بدعمه بأكثر من 600 مليون بعملة المملكة المتحدة، مقابل الاستحواذ على 15 صفقة بصفة نهائية منذ قدومه من أياكس في صيف 2022، منها صفقة واحدة، يمكن الاتفاق على أنها أبلت بلاء حسنا، والإشارة إلى الجزار الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز، وذلك بصرف النظر عن هفواته الساذجة أمام السبيرز. وفي المقابل، أثبتت التجارب أن الإدارة أهدرت ما مجموعه 85 مليون بنفس العملة في الهواء، لشراء عقد البرازيلي أنتوني من أياكس، حيث اكتفى بتسجيل 17 هدفا في 84 مباراة، وعلى المستوى البدنى، يبدو وكأنه على مسافة بعيدة من المستوى المطلوب للاعب محترف مع أحد أندية الصفوة في الدوري الأكثر شراسة وتنافسية على وجه الأرض، وبالمثل أضاع النادي 70 مليون أخرى لضم البرازيلي الآخر كاسيميرو، بعدما قدم كل كل لديه لريال مدريد في السنوات الماضية، ناهيك عن مأساة راسموس هويلند وماسون ماونت مع لعنة الإصابة، باختفاء على طول الخط للثنائي الذي كبد الخزينة نحو 135 مليون بالعملة الإنكليزية، وكذلك الحارس الكاميروني أندريه أونانا، الذي خذل الجميع في اليونايتد، بظهوره بشخصية مغايرة وصادمة عن تلك التي كان عليها مع الإنتر قبل وصوله إلى «أولد ترافورد» مقابل 48 مليون، حتى المغربي نصير مزراوي الذي جاء من بايرن ميونيخ برفقة ماتيس دي ليخت، خضع لجراحة على مستوى القلب، لعلاج مشكلته مع سرعة إخفاق القلب، والوافد الجديد مانويل أوغارتي، اكتفى بمشاركة خجولة أمام كتيبة المدرب أنجي بوستيكوغلو. الشاهد عزيزي القارئ، أن الإدارة فعلت كل شيء لدفع تن هاغ ومشروعه إلى الأمام، لدرجة توفير «لبن العصفور»، حتى يتمكن من بناء الفريق على صورته والطريقة التي يريدها، لكن على الأرض، لم يتقدم الفريق قيد أنملة إلى الأمام أو نحو الطريق الصحيح، كمؤشر أو علامة على أن العواقب ستكون وخيمة اذا سُمح له بالسيطرة على المان يونايتد لفترة أطول.
بالإضافة إلى كل ما سبق، يؤخذ على تن هاغ، أنه يفرق بشكل واضح بين اللاعبين، أو بالأحرى هناك نصيب للمحسوبية في اختياراته، والإشارة إلى الثلاثة الأكثر حصولا على دقائق لعب في آخر 12 شهرا، في مقدمتهم القائد برونو فرنانديز، الذي لا يُعاقب أبدا بالاستبعاد أو الجلوس على مقاعد البدلاء لسوء الأداء، كما شرحنا أعلاه، ومعه ابن أكاديمية النادي ماركوس راشفورد، الذي بدوره لا يتوقف عن إحباط المشجعين، منذ وصوله لقمة الهرم في موسم 2022-2023، بتسجيل 30 هدفا على مدار الموسم للمرة الأولى في مسيرته، بعدها تحول من البطل والمخلص الجماهيري إلى واحد من أكثر اللاعبين المغضوب عليهم من المشجعين، بسلسلة من العروض الباهتة والفرص السهلة التي يهدرها أمام الخصوم، التي كانت تكفي لإبعاده عن التشكيل الأساسي لأي فريق آخر من كبار البريميرليغ، وثالثهما المدافع المخيب للآمال دالوت، الذي اكتفى مثل الحاضرين في «أولد ترافورد» بمتابعة ما يحدث في هدف توتنهام المبكر، وهذا عكس ما يفعله المدرب مع باقي اللاعبين، بعقوبات فورية بالجلوس على مقاعد البدلاء أو بالخروج من القائمة، كواحد من الأسباب التي ساهمت بشكل أو آخر في خلق حالة من الخلاف داخل غرفة الملابس، في ظل عناد تن هاغ وتمسكه باختياراته، حتى لو جاءت بنتائج سلبية وعكسية على مصالح الفريق، وأيضا إصراره على الهروب من المسؤولية، تارة بالتقليل من صحة الإشاعات التي تحوم حول مستقبله في النادي، وتارة أخرى بإلقاء اللوم على اللاعبين أو الدخول في صدام مع وسائل الإعلام، لكن بدون الاعتراف بأي قصور على المستوى الفني والتكتيكي للفريق، معتقدا أنه بعد تعافي كل اللاعبين واكتمال الصفوف في المرحلة المقبلة، ستعود الانتصارات ومعها الأمور إلى نصابها الصحيح. صحيح بمنطق كرة القدم، من الممكن حدوث هذا السيناريو، لكن بإلقاء نظرة سريعة على شخصية المدرب وحضوره ومؤهلاته، سنجد أنها تقريبا لا تتناغم أو تتقارب حتى مع توقعات وأحلام جماهير النادي، رغم سجله المحترم في الأراضي المنخفضة، بقيادة أوتريخت إلى أوروبا في فترته التدريبية الأولى، قبل أن يكتب المجد مع أياكس، ويقوده للفوز بلقب الدوري المحلي 3 مرات والعودة إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ التسعينات على حساب أندية بحجم ريال مدريد ويوفنتوس كريستيانو رونالدو في نسخة 2018-2019، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه بإمكانه محاكاة نفس النجاح مع ناد مثل اليونايتد، نظرا لاختلاف مستوى المنافسة والضغوط بين الدوري الهولندي والإنكليزي، مقارنة بالكاريزما النارية التي كان يتمتع بها شيخ المدربين سير أليكس فيرغسون، كمدرب يحظى باحترام الكبير قبل الصغير، ويعرف جيدا كيف يتواصل مع اللاعبين على المستوى النفسي قبل إقناعهم بالأمور التكتيكية داخل المستطيل الأخضر، وغيرها من المواصفات التي لا يتمتع بها تن هاغ، دليلا من وجهة نظر البعض، على أن وظيفة مدرب اليونايتد أكبر من أن يتحملها المدرب الحالي، رغم متاجرة بعض المشجعين بقيادة الفريق للفوز بكأسي الكاراباو والاتحاد الإنكليزي، وكل ما سبق، لا يثبت سوى سوء تقدير ونظرة الإدارة لمستقبل الفريق بعد تجديد الثقة في المدرب، والحل؟ أن يظهر أصحاب القرار الجدد تميزهم أو اختلافهم عن النظام السابق، بالتخلص من الغمة في أقرب فرصة ممكنة بدلا من الإصرار على العناد والكبرياء، وسط تسونامي من التقارير المحدثة من حين لآخر عن هوية الخليفة المحتمل لتن هاغ في «مسرح الأحلام»، منها ترقية المساعد الحالي الأسطورة رود فان نيستلروي، إلى منصب الرجل الأول بشكل مؤقت، على أمل أن يثبت أحقيته في قيادة الفريق بصورة دائمة، كما حدث مع أولي غونار سولشاير، بعد قدومه بشكل مؤقت لخلافة البرتغالي جوزيه مورينيو، وبدرجة أقل تتضارب الأقاويل حول أسماء من نوعية المدرب السابق للمنتخب الإنكليزي غاريث ساوثغيت، وطريد تشلسي غراهام بوتر، ومدرب سبورتنغ لشبونة روبن أموريم، والثنائي الإيطالي ماكس أليغري وسيموني إنزاغي، وأيضا الهدف القديم الجديد العراّب الفرنسي زين الدين زيدان، فهل يا ترى تتحرك الإدارة قبل أن تتقلص قائمة المرشحين بعد خروج واحد من الأسماء التي كانت من الفئة المفضلة، وهو المدرب الألماني توماس توخيل، بعد موافقته على تدريب المنتخب الإنكليزي في المرحلة المقبلة؟ دعونا ننتظر لنرى كيف سيخرج السير جيم راتكليف من هذه الورطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب