الصحافه

“إسرائيل اليوم”: لا تنجروا إلى حرب استنزاف في لبنان

“إسرائيل اليوم”: لا تنجروا إلى حرب استنزاف في لبنان

بقلم: ايال زيسر

أحدثت إسرائيل انفجارا استراتيجيا كفيلا بأن يؤدي الى إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط. فمحاولة إيران لاحاطة إسرائيل بطوق خانق من النار والصواريخ من الشمال، من الشرق ومن الجنوب انهارت عندما سُمعت اصداؤه في كل عواصم المنطقة وكذا في طهران.

ولئن كانت الخطوة الإسرائيلية للقضاء على حزب الله في لبنان بدأت بتصفية حسن نصر الله، فإن الحملة لهزيمة حماس في قطاع غزة تنتهي مع تصفية يحيى السنوار. لقد كان هذان هما الرمز لفكرة الصراع ضد إسرائيل بل وجعلا منظمتي الإرهاب التي ترأساهما جيشا بكل معنى الكلمة، بوسعه، كما اعتقدا ان يهزم إسرائيل ويقوضها.

حماس لم تعد منذ الان تعمل كجيش نظامي، وكل ما تبقى منها هم مخربون افراد أو خلايا إرهاب تحاول ضرب قواتنا. لكنها لا تشكل تهديدا على إسرائيل كما كان جيش حماس عشية 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. أما حزب الله فهو منظمة في أزمة، حيث تمت تصفية كل قيادته، وقسم هام من ترسانة صواريخه تم تدميره.

صحيح أن نجاحات إسرائيل هذه كانت مسألة حظ، او حتى صدفة مثل انكشاف وتصفية السنوار على أيدي قوة من الجيش الإسرائيلي عملت قرب مكان اختبائه، لكن مع النجاح والنصر لا احد يجادل، فما بالك ان لهما جذورا عميقة تتمثل في تفوق استخباري وعملياتي، وقدرة القوات البرية وسلاح الجو وكذا حصانة المجتمع الإسرائيلي.

لكن بعد كل هذا مطلوب كلمة تحذير. فحرب لبنان الثانية، في حزيران 2006، بدأت أيضا بنجاح عسكري: بهجوم جوي امتد 34 دقيقة في الليلة الأولى من الحرب، دمر سلاح الجو خلالها جزءاً كبيرا من منظومة الصواريخ بعيدة المدى لحزب الله (صواريخ فجر). ولهذا فقد حظيت هذه الليلة باسم “ليل الفجر” – بخلاف، عملية البيجر، التي شكّل تفجرها في أرجاء لبنان، خطوة أولى في سلسلة الضربات التي تلقاها حزب الله في الحرب الحالية. غير أنه عندها كانت بانتظارنا مفاجأة، وتبين أن حزب الله يواصل اطلاق مئات الصواريخ كل يوم الى شمال البلاد على أطراف حيفا، دون أن تتمكن إسرائيل من وقف النار. اضطررنا عام 2006 لانهاء الحرب بنوع من “التعادل المر”. والاكتفاء بالقرار 1701، وهو قرار مليء بالثقوب وكان واضحا مسبقا أن حزب الله لا يعتزم الالتزام به.

والآن من واجب إسرائيل أن تتأكد من أن قصة حرب لبنان الثانية لن تتكرر في حرب لبنان الثالثة.

صحيح أن حزب الله ضُرب والتهديد الاستراتيجي الذي شكله لإسرائيل أزيل، لكنه يواصل إطلاق مئات الصواريخ والمُسيرات الفتاكة كل يوم نحو شمالي البلاد بل ووسطها، ويصطدم بقوات الجيش الإسرائيلي على طول خط الحدود. هذا، بهدف استنزاف إسرائيل على أمل أن تتراجع أولا، مثلما فعلت في صيف 2006.

وفي هذه الاثناء، يعلن حزب الله عن استعداده لوقف نار يسمح له بترميم قوته، لكن من الصعب الافتراض بأنه سيرفع علما أبيض ويوافق على تقييد تسلحه وانتشار قواته جنوبي الليطاني. وعليه من المهم أن نفهم بأن المعركة في لبنان لا تزال أمامنا وأن عمليات الجيش الإسرائيلي الحالية في الجو وفي البحر ليس فيها ما يكفي لانهائها بشروط تكون مقبولة لصالح إسرائيل. وعليه فيجب التشديد بشكل كبير الضغط على حزب الله وعلى الدولة اللبنانية أيضا بحيث يثور في لبنان التخوف من أن حرب استنزاف طويلة ستعمل في طالحهم، وكفيلة بأن تنتهي بأن يتحول لبنان كله – وبالتأكيد جنوب الدولة – الى غزة ثانية.

 والمهم هو أن نحاول بالتوازي، ترجمة الإنجازات العسكرية الى إنجازات سياسية مع شركائنا في العالم العربي وباقي دول العالم كي نرسم معا من جديد خريطة الشرق الأوسط. والا، فسنجد أنفسنا نواصل المراوحة في غزة وفي لبنان لسنوات طويلة أخرى.

 إسرائيل اليوم 27/10/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب