كيف سيفكك “مهرج الأمن الوطني” في إسرائيل العبوة الإقليمية الناسفة في “الأقصى”؟

كيف سيفكك “مهرج الأمن الوطني” في إسرائيل العبوة الإقليمية الناسفة في “الأقصى”؟
في ظل حكومة أزالت حزام الأمان، تعمل الشرطة بصورة صحيحة لبضع ساعات، ولكن ثمة من يجلس في مكتب وزير الأمن الوطني بهيئة مهرج يزيد الأمر سوءاً، فيما رئيس الحكومة منشغل بمئة مشكلة أخرى، معظمهما من فعل يديه. الشرطة في القدس نجحت الأحد في تحييد العبوة الناسفة الإقليمية في الحرم لبضع ساعات. خلافاً لما حدث مرتين في الأسبوع الماضي، تجنبت الشرطة هذه المرة مواجهة داخل المسجد الأقصى. الشباب الفلسطينيون الذين جاءوا إلى المسجد فجر أمس، تفرقوا بشكل هادئ نسبياً، ووصول المصلين اليهود لصلاة “بركة الكهنة” في حائط المبكى قبل الظهيرة مرت بدون أحداث. كان هذا يوماً آخر هادئاً (نسبياً) في الشرق الأوسط. غداً يوم جديد. بقي 11 يوماً في رمضان.
الحرم، كما كان واضحاً ومتوقعاً من رئيس الحكومة وجهاز الأمن، يقف في قلب التصعيد الحالي في القدس و”المناطق” [الضفة الغربية] وفي ساحات أخرى. على خلفية التوتر في الحرم، يندلع إحباط فلسطيني تراكم في السنوات الأخيرة: على الاحتلال الذي لا نهاية له، وضعف السلطة الفلسطينية، وشعور متواصل بالضغط الاقتصادي وغياب مطلق لأفق سياسي. وقود الاشتعال وفرته الأفلام التي جاءت من الحرم، والتي تم فيها توثيق اقتحامين عنيفين داخل المسجد في الأسبوع الماضي، التي ضرب فيها رجال الشرطة واعتقلوا مئات الشبان الذين تمترسوا في المكان.
لم يمكث الشبان في المسجد لأسباب دينية فقط، فقد تم تخزين مفرقعات وحجارة تمهيداً لمواجهة مع قوات الأمن. حماس تحرض منذ بضعة أسابيع على العنف في الحرم. ولكن هذه الأمور كلها لا تعني استخدام ظروف مخففة لاعتبارات إسرائيل. وبسبب ذلك تحديداً، كان يفضل أن نكون حذرين في الدخول إلى المسجد الذي رافقه عنف صعب تجاه المتحصنين. من اللحظة التي نشرت فيها هذه المشاهد في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية كان من الواضح بأنها ستتسبب بهياج كبير في الأجواء المشحونة أصلاً. لا يمكن الفصل بين أفلام الفيديو هذه وما حدث في أعقابها: المزيد من العمليات الدموية، في غور الأردن وفي تل أبيب، وبالأساس إطلاق الصواريخ بشكل كثيف من القطاع، وبصورة استثنائية من جنوب لبنان أيضاً.
معضلة الشرطة ليست بسيطة كما تبدو. فهي ما زالت تعمل تحت ذكرى الصدمة الطويلة من أحداث الحرم في تشرين الأول 1990 في فترة عيد العرش، على خلفية مبادرة الحضور الجماعي إلى الحرم من قبل حركة “أمناء جبل الهيكل”. كان هناك انتظام فلسطيني مضاد، مئات الفلسطينيين رشقوا الحجارة على ساحة حائط المبكى [حائط البراق]، وقوة غير كبيرة من حرس الحدود، التي صادف وجودها في المكان، أطلقت الرصاص الحي، وقتل في هذه المواجهات داخل الحرم 17 مسلماً وأصيب المئات. في الأشهر التالية حدثت موجة عمليات في أرجاء البلاد، التي بثت زخماً جديداً في أشرعة الانتفاضة الأولى.
منذ ذلك الحين، أي في كل وضع يكون فيه هناك تطابق بين عيد للمسلمين وعيد لليهود، تتردد الشرطة هل تسمح للمسلمين بالخروج من المسجد والمخاطرة برشق الحجارة والمفرقعات على حائط المبكى أثناء صلاة عامة لليهود، أم تقتحم وتعتقل كل الذين تحصنوا داخل المسجد الأقصى. قبل سنتين، أدى اقتحام عنيف مشابه إلى توتر صعب، الذي شكل محفزاً لإطلاق الصواريخ من قبل حماس في غزة نحو القدس والبدء في عملية “حارس الأسوار”.
تصرفت الشرطة بشكل مختلف في العام 2022. في ظل حكومة بينيت – لبيد الملعونة، اهتم لواء القدس بتحييد التوترات في بؤر الاحتكاك، مثل ساحة باب العامود. ولم يكن هناك اقتحامات داخل المساجد. إلى جانب سلوك الشرطة المنضبط، كان لإسرائيل أفضلية أخرى؛ رئيس الحكومة في حينه، نفتالي بينيت، اهتم بالتعمق في الخطط العملياتية. وزير الأمن الداخلي عومر بارليف، بقي ويده على الزناد، واتخذت إسرائيل خطوات سياسية هادئة أمام الولايات المتحدة والدول العربية الصديقة لتهدئة النفوس وشرح خطواتها. رمضان في السنة الماضية مر بهدوء نسبي رغم الأخطار الكبيرة.
الوضع مختلف في هذه المرة. يجلس في مكتب وزير الأمن الوطني مهرج ينشغل بالتحريض عبر تويتر، وفي كل مرة يتدخل فيما يزداد الوضع خطورة. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ينشغل بمشكلات كثيرة من صنع يده. ربما بالأساس في الأشهر الأخيرة رفعت الحكومة عنها حزام الأمان عندما خربت علاقاتها مع الولايات المتحدة والأردن ودول الخليج على خلفية التوترات في الأشهر الأخيرة في “المناطق” [الضفة الغربية] وفي الجبهة الداخلية حول الانقلاب النظامي. عندما يغيب المساعد في التهدئة يصعب أكثر وقف التصعيد في القدس، رغم أنه سيقال في صالح الشرطة بأنها تحاول فعل ذلك الآن.
عاموس هرئيل
هآرتس 10/4/2023