الصحافه

هآرتس.. مسؤولة كبيرة في “الأونروا”: آلية المساعدات الإنسانية في القطاع ستنهار بدوننا

هآرتس.. مسؤولة كبيرة في “الأونروا”: آلية المساعدات الإنسانية في القطاع ستنهار بدوننا

“لا يوجد لدى إسرائيل أي بديل لنشاطات الأونروا في القطاع، ووقف عملها قد يؤدي إلى انهيار كامل لآلية نقل المساعدات الإنسانية إلى مليوني شخص من سكان القطاع”، هذا ما حذرت منه مديرة الإعلام في الأونروا جولييت توما، في مقابلة مع “هآرتس”. أعلنت وزارة الخارجية أمس عن نيتها إلغاء الاتفاق بين دولة إسرائيل والأمم المتحدة من العام 1967، الذي يعتبر الأساس القانون لعمل الأونروا في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية. جاء في البيان أن 13 في المئة فقط من المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع تنقل عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، لكن الوكالة قالت إن وزارة الخارجية لا تعرف آلية كيفية نقل المساعدات، وأن الأونروا هي التي تستطيع توزيع المساعدات في أرجاء القطاع.

الأونروا تشغل العدد الأكبر من العاملين في قطاع غزة، الذي وصل إلى 13 ألف موظف قبل الحرب، معظمهم معلمون، ويبلغ عددهم الآن 5 آلاف، عمل بعضهم -حسب الوكالة- ضروري لمنع كارثة إنسانية في القطاع. منظمات مساعدات أخرى تعتمد على قدرة الوكالة على نقل المساعدات التي تشتريها، وعلى التنسيق بين الأجسام المختلفة العاملة في القطاع. “لدينا أطباء وممرضات وممرضون وسائقون وطواقم تقنية وما شابه، أشبه بحكومة مصغرة. فكيف سيتم استبدال ذلك، بالذات أثناء حرب وحشية؟”، تساءلت توما.

منذ بداية الحرب، وفرت الأونروا الغذاء لـ 1.9 مليون مواطن في القطاع، وسجل في عياداتها حوالي 6 ملايين زيارة. يعيش في منشآت الأونروا مئات آلاف اللاجئين منذ بداية الحرب– هي توفر مأوى لعدد أكبر من الغزيين أكثر من أي منظمة أخرى في القطاع. ولأنها وكالة تابعة للأمم المتحدة، فإن منشآت اللاجئين التابعة للأونروا تحظى بحماية الأمم المتحدة، التي بفضلها يجب على إسرائيل الامتناع عن المس بها – هذه الحماية مثل إدارة هذه المنشآت، سيتم فقدانها عند إغلاق الوكالة. الموظفون في الوكالة هم الذين طعموا 600 ألف طفل في القطاع ضد شلل الأطفال، والوكالة هي المنظمة الوحيدة التي تنقل الوقود للنشاطات الإنسانية في القطاع.

قبل الحرب، شغلت الأونروا منظومة التعليم الأكبر في القطاع، التي تعلم فيها حوالي نصف أطفال القطاع. ولكن هذه هي السنة الدراسية الثانية على التوالي التي لا يتم فيها التعليم في القطاع، و50 ألف طالب فقط يأتون إلى مراكز التعليم التي تشغلها اليونيسف. “إذا حدث وقف لإطلاق النار، فماذا سيكون مصير هؤلاء الأطفال؟ من سيوفر التعليم لهم؟ السلطة الفلسطينية التي لا تنجح في دفع روتب المعلمين؟ ببساطة، لا يمكن استبدال الأونروا”، قالت توما. وتشغل الأونروا أيضاً بعض المدارس شرقي القدس وفي الضفة الغربية التي يتعلم فيها حوالي 50 ألف طالب.

في الوقت الذي تقول فيه إسرائيل إن مدارس الأونروا محرضة، أوضحت توما بأن الكتب التعليمية في مدارس الوكالة تشبه الكتب التي تعلمها السلطة الفلسطينية في المدارس. “يجب تطبيق مبادئ الأمم المتحدة، لذلك فإن مدارسنا هي الوحيدة التي تعلم حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالسلام في منطقة الشرق الأوسط. وهناك أسطورة أخرى يجب تفنيدها، وهي أننا نعمل بصورة وثيقة مع حماس. حماس هاجمت منظومتنا بسبب المواد التي نعلمها”، قالت توما.

حسب أقوال توما، فإن الجمهور الإسرائيلي سقط ضحية حملة نشر معلومات كاذبة عن هذه المنظمة كجزء من محاولة متعمدة لتصويرها بأنها غير شرعية. تقول الأونروا إن إسرائيل نقلت في الأشهر الأولى للحرب أدلة على أن 18 موظفاً في هذه المنظمة كانت لهم علاقة بالمذبحة في 7 أكتوبر أو بحماس أو بتنظيمات مسلحة أخرى. ولكننا نذكر بأن آلاف العاملين يعملون في هذه الوكالة. في أشهر الصيف، أرسلت إسرائيل قائمة تشمل 100 اسم آخر للعاملين في الوكالة والمرتبطين بحماس، ولكن الأونروا تقول إنه لم يتم عرض أي أدلة عليهم بخصوص هذه العلاقات.

“أقول للجمهور في إسرائيل إنه في نهاية المطاف يعيش في غزة بشر”، قالت توما. “يجب أن تكون ثلاثة أمور على رأس سلم الأولويات: وقف إطلاق النار وتحرير جميع المخطوفين وإعادة التموين للقطاع كما كان الأمر قبل الحرب. هذه هي الأمور المهمة وليس مقاطعة الأونروا. هناك افتراض بأنه إذا تم إغلاق الأونروا، فسنلغي اللجوء الفلسطيني. ولكن هذه رؤية ساذجة لا يوجد للأونروا أي تفويض لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مهمتها هي توفير الخدمات لهم. إذا أوقفنا الخدمات الصحية والتعليمية عنهم، فلن تحل أي مشكلة. يجب أن يكون الحل من خلال المفاوضات السياسية”.

بعد ثلاثة أشهر، ربما يدخل إلى حيز التنفيذ قوانين صودق عليها الأسبوع الماضي. الأول، وقف عمل الأونروا في غزة والضفة الغربية والقدس. 92 عضواً في الكنيست أيدوا القانون الذي يحظر عمل الأونروا في إسرائيل، و10 عارضوه. وحسب هذا القانون، “الأونروا لن تشغل أي ممثلية ولن توفر أي خدمة ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في المناطق السيادية لدولة إسرائيل. المعنى أنه سيتم وقف عمل الوكالة في شرقي القدس، الذي تعمل فيه في مخيم شعفاط وتوفر لسكانه خدمة النظافة والتعليم والصحة وغيرها.

القانون المصادق عليه قد يصعب أيضاً على البنوك الإسرائيلية العمل مع الأونروا. موظفون كبار في الوكالة قالوا إنهم يخشون من أن يؤدي القانون المصادق عليه إلى انهيار المنظومة الإدارية للوكالة في الضفة والقطاع، بسبب صعوبة دفع الرواتب والدفع للمزودين الذي يتم من خلال بنك لئومي.

صادقت الكنيست في حينه على قانون آخر ضد الأونروا، الذي بحسبه، يجب على أي سلطة في الدولة، منهم جهات وأشخاص آخرون يشغلون وظائف عامة حسب القانون، عدم إجراء أي اتصال مع الأونروا أو أي جهة من قبلها. لذلك، سيضطر قسم منسق أعمال الحكومة في “المناطق” إلى وقف عمله مع الأونروا. وينص القانون أيضاً على أنه سيتم الغاء التسهيلات الضريبية والحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها الوكالة. 87 عضو كنيست صوتوا مع القانون، و9 ضده.

يعتقد المجتمع الدولي أنه بعد الانتخابات في الولايات المتحدة، سيستخدم ضغط سياسي على إسرائيل من أجل الامتناع عن إغلاق الوكالة. وأعلنت الحكومة البريطانية في السابق بأن هذا القانون سيؤدي إلى تشديد العقوبات ضد إسرائيل. رغم أن أغلبية ساحقة من أعضاء الكنيست صوتوا مع هذه القوانين، فإن وزير الحكومة ووزير الخارجية لم يشاركا في التصويت في الكنيست. مصادر دبلوماسية في القدس، تعتقد أنهما فعلا ذلك حتى يستطيعا الادعاء أمام دول أخرى بأن القرار قد اتخذ بضغط من أعضاء الكنيست وليس بدفع من الحكومة.

نير حسون

 هآرتس 5/11/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب