صحيفة عبرية.. الحاخام ليئور مصنّفاً الأمم وفق “سلم الحقارة”: لن نغفر للعرب ما فعله بنا الألمان

صحيفة عبرية.. الحاخام ليئور مصنّفاً الأمم وفق “سلم الحقارة”: لن نغفر للعرب ما فعله بنا الألمان
بذنب مني مثل الكثيرين، رأيت مقالاً للعلاقات العامة السياحية المدفوعة (تعرفون بالطبع أن شركة طيران وفنادق تمول رحلات ومكوث الكاتب)، في صحيفة “يسرائيل اليوم” التي تمدح وتمجد المدينة البولندية كراكوف. وزدت ذنبي وقرأت المقال القصير، ربما لأنني تعرضت بدون وعي إلى موجة “حنين إلى الماضي”، لأنني كنت قبل بضع سنوات في هذه المدينة، التي هي وبحق مدينة جميلة.
قرأت المقال الذي كان عنوانه الثاني “في كراكوف بلدة قديمة رائعة في جمالها، وفيها حي مثير لليهود، وثقافة غنية والكثير من الطعام الشهي”. ولكن عندما انتهيت من القراءة خطر ببالي سؤال مقلق، وهو “لحظة، أين أوشفيتس؟” لأن أوشفيتس، لمن لا يعرف ذلك، على بعد ساعة ونصف سفر من كراكوف. وأن ينشر في صحيفة إسرائيلية – يهودية، صحيفة تتفاخر كما يبدو بهويتها اليهودية – الإسرائيلية، مقال عن عجائب مدينة كراكوف بدون أن تذكر وجود أوشفيتس القريبة على الإطلاق، وبدون اقتراح (فقط لمن يريد وليس بشكل إلزامي) جملة صغيرة أو جملتين في هذه المناسبة الاحتفالية، وزيارة ممتعة لما كان قبل أقل من ثمانين سنة معسكر الإبادة النازي الأكبر لليهود في أوروبا، والذي قتل فيه في سنوات عمله أكثر من مليون يهودي، فإن هذا فيه القليل من النفي أو نسيان الكارثة، أليس كذلك؟
في حينه، قرأت عدة مرات كي لا يكون قد غطى بخار لاسامي على النظارات، لكن لا. أوشفيتس غير موجودة. أيعقل أن المراسل شمعون يعيش لا يعرف أن أوشفيتس قريبة جداً، أو أن من يمولون الرحلة و/أو المحررين في صحيفته طلبوا منه عدم ذكر (ربما حتى هذا كان الشرط لتمويل الرحلة والفندق) أوشفيتس كي لا يمس بأعمالهم التجارية؟ تساءلت.
يمكن تخمين الإجابة، لكن ثمة إشارة سميكة جداً على ذلك فيما كتبه “يعيش” عن الحي اليهودي في كراكوف: “رغم أن الجالية اليهودية في المدينة تقلصت بشكل كبير، فإن الثقافة اليهودية حاضرة”. ما الذي حدث للجالية اليهودية في المدينة؟ “تقلصت”. أيضاً “بشكل كبير”؟ كيف؟ ماذا؟ مثلما تقلصت الجالية اليهودية في غلاف غزة مؤخراً؟
لكن يجب عدم القلق، يواصل يعيش ويُجمل الواقع: “تم الحفاظ على الكنس وأصبحت مواقع للزيارة”. صحيح، يوجد خمسة كنس، كما أعتقد، من بين الـ 100 كنيس التي كانت هناك عشية الحرب العالمية الثانية. ومن يبحث عن طعام حلال يجده. الأساس: يمكن رؤية لافتات كبيرة في الحي اليهودي، تدعو إلى إعادة المخطوفين وأعلام إسرائيل. المجد لله!
بعد بضعة أيام، صادفت مقطع فيديو قصيراً جداً داخل درس للحاخام دوف ليئور، من الحاخامات المعروفين والمهمين للصهيونية الدينية. أي شعب أكثر حقارة في العالم، كما تعتقدون؟ سأل الحاخام طلابه هذا السؤال الغريب جداً. يفكر ثم يجيب: “بحسن نية، اعتقدتُ أنهم السود، في البداية.
هنا أعترف بأنني عندما شاهدت هذا للمرة الأولى انفجرت ضحكاً. وكلما أشاهد موعظة الحاخام ليئور هذه، أضحك. لأنها أفضل حلقة تهجئة أو محاكاة ساخرة رأيتها طوال حياتي، 77 سنة، عن رجل دين عنصري وعن العنصريين بشكل عام. حقاً، هذه حلقة جميلة جداً. ولكن الحاخام لم ينه إجابته على السؤال المهم: ما أكثر الأمم حقارة في العالم. هنا وصل إلى حيث هدف منذ البداية: “حاخام نيتساح يسرائيل يقول: العرب. يجلب ذلك من سيرة الحاخامات الميتين ويثبت أقواله من الغمارا – حيث يقول: هم الأكثر حقارة”.
لكن لماذا ينشغل شخص هو حاخام في إسرائيل، بسؤال “أي الأمم الأكثر حقارة في العالم؟”، ولماذا يبدو الأمر مهماً؟ هل يوجد للحاخام أو للتوراة أو للغمارا تصنيف للدول الحقيرة في العالم؟ في أي مكان، مثلاً، يوجد الصينيون أو اليابانيون، أم أنهم عند الحاخام يعتبرون أمة واحدة من ذوي العيون المائلة، هل هم في قائمة الدول العشر الأولى أم في المكان الـ 27؟
كيف بدا أن “السود”، أي كل من جلده أسود، هم عند الحاخام الحقير والعنصري الذي يقوم بتجذير هذا الأمر، يراهم أمة حقيرة؟ اليهود الإثيوبيون والكونغوليون في وطنهم إفريقيا، والسود في الولايات المتحدة، هل هم من أبناء نفس الأمة؟ ولماذا، بغض النظر عن عنصريته – لا أعرف إذا كان هو الأسوأ في العالم، لكنه بالتأكيد مرشح جدير – هل السود مرشحون ليكونوا الأمة الأكثر حقارة في العالم؟ ما الخطأ الذي ارتكبوه كأمة؟ والعكس صحيح. ربما يكون السود الأمة الأكثر اضطهاداً وضرباً وذبحاً من بين كل دول العالم، وبالتأكيد أكثر بكثير من اليهود. وإذا كان المقياس أي أمة هي الأدنى من اليهود، لأن هذا موضوعنا، فما هو الخطأ الذي ارتكبه “السود” بحق اليهود ذات يوم؟
لكن الأمر الأكثر هستيرية في منافسة “الأمة الأكثر حقارة في العالم” بالنسبة للحاخام ليئور، وبذلك أربط عنصريته هذه الحقيرة بمقال العلاقات العامة عن كراكوف التي غابت عنها أوشفيتس – أن الحاخام ليئور حتى لا يخطر بباله أن يوصل الأمة الألمانية إلى نهائي بطولة الأمم في الحقارة، الأمة النازية، أو الأمة الأوروبية – المسيحية بمجملها التي ذبحت وقتلت شعوباً أصلية كاملة في كل العالم، وقتلت في فترة ليست بعيدة، 6 ملايين يهودي.
الأكثر هستيرية من ذلك هو أن الحاخام ليئور نفسه هو من الناجين من الكارثة. والده ووالدته وأولادهم، هو أصغرهم، هربوا عند غزو الألمان لبولندا، كما جاء في صفحة ويكيبيديا الخاصة به. “إلى أعمال الأرض الروسية – السوفييتية، ومن بين أماكن أخرى، مكثوا في سيبيريا وكازاخستان وعانوا من الجوع والأمراض التي ماتوا بسببها”. وتنقل هو وشقيقه مردخاي حتى وصلا في 1944 إلى دار أيتام للأطفال البولنديين. ومن هناك، بطرق ملتوية، في وصل إلى أرض إسرائيل نهاية المطاف. هذا الشخص لا يشمل النازيين والألمان، فقد نسي ما جرى لوالديه وله ولشعبه، ثم يضع العرب والسود على رأس سلم الأمم الحقيرة. يا الله! وها هي الأمور تتضح: غفرنا ونسينا أوشفيتس وما فعله بنا لألمان، لكننا لم ننس 7 أكتوبر. أو كما قال أحد ما: لن نغفر للعرب إلى الأبد ما فعله الألمان بنا.
كوبي نيف
هآرتس 12/11/2024