مقالات

العملية السياسية تتجاوز سقفها الزمني، وتتعطل.. عبدالله رزق ابوسيمازه

عبدالله رزق ابوسيمازه

 العملية السياسية تتجاوز سقفها الزمني، وتتعطل..

عبدالله رزق ابوسيمازه
ربما أصيب الكثيرون، ممن راهنوا على الاتفاق الإطاري ،وما اصطلح عليه بالعملية السياسية، “وهي تقترب من نهاياتها الحتمية “، بالإحباط، لتأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي ،الذي كان مقررا له السادس من أبريل الجاري. وقد أكد قائد الجيش، في خطاب له في نفس اليوم، الذي يصادف إنتصار انتفاضة الشعب على الدكتاتورية العسكرية الثانية، التوقعات التي انطلقت من قراءة سليمة لتوجهات المكون الانقلابي ،ولترجماتها في السلوك السياسي لحلفائه من قوى الردة وفلول نظام المخلوع، ونزوعهم المبيت لتعطيل العملية السياسية، وفق الاتهامات الموجهة لهم من أنصار الإطاري.فالبرهان، لم يؤكد حقيقة التأجيل ،الذي سارت به التكهنات زمنا، حتى أن فولكر ، المبعوث الأممي، واسطة عقد الثلاثيةالدولية ، ألقى في روعه أن المواقيت السودانية لاقداسة لها، حسب، وإنما تجاهل،أيضا تعيين مواقيت جديدة ،للتوقيع على الإعلان السياسي، والاتفاق النهائي ،والدستور الانتقالي، وتشكيل الحكومة، و الأهم من ذلك، الوفاء بمطلوبات المجتمع الدولي، بما في ذلك البنك الدولي، برؤية حكومة مدنية في ميقات معلوم للتعامل معها بشأن الديون والمساعدات الاقتصادية. ويعني ذلك أن الفترة المقبلة ستكون مكرسة كليا، بدون سقف زمني، للمناورات وللتوترات التي يغذيها الاصطراع على السلطة بين أطراف العملية السياسية.
يكشف هذا التطور الدراماتيكي، جانبا من المراوغة التكتيكية للمكون الانقلابي، الذي يفترض الخلافات ،حتى وإن لم تكن موجودة،كذريعة لتشبثه بالسلطة وإنفراده بها.فبعد أن كان توافق المدنيين كافة، هو شرطه للخروج من المشهد السياسي،أصبح توافق العسكريين،كما رشح من بين ثنايا التأجيل، هو شرط المكون الانقلابي للتقدم على طريق تفكيك الأزمة السياسية، عبر الاتفاق الإطاري وملحقاته، المتمثلة في توصيات الورش الخمس.
ويكشف التأجيل حقيقة أن الورش، التي أحيلت إليها القضايا الجوهرية محل الخلاف في الساحة السياسية، لم توفق في صياغة توصيات تجسر هوة الخلاف، على الأقل، فيما يخص قضية الإصلاح الأمني والعسكري.ولربما كانت الورش وتوصياتها، أبعد ماتكون عن تشكيل قاعدة سياسية للإجماع الوطني، وهو ما سيحدد ضعف القاعدة الشعبية للإطاري ومحدوديتها،ما ينعكس بدوره ضعفا في شعبية البناء الفوقي السياسي والدستوري. وقد عبرت عن ذلك الطلاق بين العملية السياسية والتطلعات الشعبية، المواكب الجماهيرية ، التي شهدتها العديد من المدن، والولايات، وفي مقدمتها الخرطوم، للاحتفاء بذكرى انتفاضة مارس-أبريل، وللتعبير عن رفض العملية السياسية، التي تكرس المكون الانقلابي جزء من حل الأزمة السياسية، بدلا من تنحيه وعزله ومساءلته، وما رافقها من حراك لبعض القوى السياسية في اتجاه تشكيل جبهة عريضة لإسقاط الوضع الانقلابي.
قد تجتهد القوى الدولية الممسكة برعاية العملية السياسية، وهي تواجه تحديا جديا ،وامتحانا لقدراتها وجداراتها في معالجة المشكلات الإقليمية والدولية،من أجل تفادي إخفاق إضافي ،كإخفاقها تجاه الحالة الليبية، بفرض شكل ما للتسوية، للخروج من مأزق الراهن، لكنها لن تبلغ ،بأي حال من الأحوال، مستوى الاستجابة لمطالب الشعب.

صحيفة الهدف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب