مقالات

نتنياهو مجرم حرب مطلوب اعتقاله

نتنياهو مجرم حرب مطلوب اعتقاله

د. عبد الله خليفة الشايجي

في صفعة وضربة موجعة لجبروت وغرور نتنياهو وتحالفه المتطرف وداعميه الدوليين ـ وبرغم ضغوط أمريكية وأوروبية منذ مايو الماضي، وشن حملة من الهجوم والنقد اللاذع والتهديد والوعيد وبلطجة الصهاينة في إسرائيل والولايات المتحدة شملت إدارة بايدن التي لعبت دور رأس الحربة ومعها الكونغرسش الأمريكي ولوبيات ومنظمات يتحكم فيها اللوبي الأمريكي ـ الإسرائيلي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال تاريخية تدين مجرمي الحرب، نتنياهو ووزير حربه المقال غالانت على الجرائم في غزة. «لتحملهما المسؤولية الجنائية وباعتبارهما مشاركين في ارتكاب الأفعال بالاشتراك مع آخرين: عن الجرائم التالية: جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية. ووجدت الدائرة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية باعتبارهما مسؤولين مدنيين عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين.
وبررت المحكمة إصدار أوامر الاعتقال «أن السلوك الذي تناولته مذكرة الاعتقال يبدو أنه مستمر… ومن مصلحة الضحايا وأسرهم أن يتم إعلامهم بوجود مذكرات الاعتقال. واعتبرت المحكمة أن السلوك المزعوم لنتنياهو وغالانت يقع ضمن اختصاص المحكمة. وأن اختصاص المحكمة يشمل غزة والضفة الغربية، والقدس الشرقية. وبعد تأكد المحكمة من «مصرع إسماعيل هنية ويحيى السنوار» ـ قررت المحكمة سحب طلب اعتقالهما في أغسطس وأكتوبر الماضيين 2024. لكن برغم ادعاء إسرائيل اغتيال محمد الضيف في سبتمبر الماضي، لكن لم تؤكد حماس اغتياله.
أهمية قرار اعتقال مجرم الحرب نتنياهو ـ هو الإقرار بارتكاب إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من نظام الاحتلال الحاكم ـ وليكون لذلك تداعيات تعمّق بشكل كبير مأزق نتنياهو وتعجل بنهاية حياته السياسية كأسوأ وأكثر رئيس وزراء الاحتلال دموية وسادية وفاشية.
وكان كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية طالب المحكمة إصدار مذكرتي اعتقال بحقيهما في مايو الماضي، ومارست إدارة بايدن والكونغرس الأمريكي ضغوطاً كبيرة وترهيب وابتزاز بحق المدعي العام وصلت لاتهامه بتحرش جنسي ضد محامية في المحكمة، كما مارسوا ضغوطاً على قضاة المحكمة وهددوا بفرض عقوبات لمنع إصدار مذكرتي الاعتقال..

ناشد كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية جميع الدول الأطراف الأعضاء وغير الأعضاء بالتعاون والوفاء بالتزاماتها بموجب مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت

وناشد كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية جميع الدول الأطراف الأعضاء وغير الأعضاء بالتعاون والوفاء بالتزاماتها بموجب مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت، وأيدت القرار دول أوروبية (جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية باستثناء هنغاريا، وإمعانا بالتحدي دعا رئيس وزرائها أورهان المتشدد نتنياهو لزيارة بلاده!) ـ كذلك أعلنت كندا التزامها بتطبيق المذكرتين واعتقال نتنياهو في حال قام بزيارة تلك الدول أو المرور بأجوائها. وأما هولندا بلد مقر المحكمة ففد ألغى وزير خارجيتها زيارة مقررة سلفا لإسرائيل بعد مذكرات الاعتقال. وبعد غموض بريطاني، أكدت التزامها بتطبيق مذكرتي الاعتقال. كما رحبت وأيدت منظمات حقوقية قرار المحكمة بإصدار مذكرتي الاعتقال.
في المقابل بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ـ سارع قادة تحالفه المتطرف الأمريكيون والإسرائيليون ـ وفي موقف إجماع نادر في نظام حكم كيان الاحتلال ـ تحالف نتنياهو ومعه قادة المعارضة بالتنديد بمذكرتي اعتقال المحكمة ـ ورفض نتنياهو القرار واصفا إياه باليوم الأسود في تاريخ الشعوب وأن المحكمة تحولت إلى أداة مواجهة سياسية وفقدت شرعيتها.
والملفت توحد جميع قادة المعارضة لبيد وبنيت وغانتس وحتى يواف غالانت الذي طرده نتنياهو من منصب وزير الدفاع والمطلوب اعتقاله ندد بمذكرة الاعتقال. ولن تعترف إسرائيل بقرار محكمة الجنائية الدولية.
أما الموقف الأمريكي المتناقض والمتوقع وخاصة بعد استخدام الفيتو الخامس الأسبوع الماضي معارضة مشروع قرار قدمته الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن لوقف الحرب على غزة فكان موقف واشنطن الأكثر انحيازاً وانتقاداً ورفضا لقرار المحكمة. وتسابق البيت الأبيض والكونغرس والنواب الجمهوريون والديمقراطيون إلى تهديد المحكمة وقرارها. ولم يفوت الرئيس المنتخب دونالد ترامب الفرصة وصعّد بشكل ملفت في مزايدة على الرئيس بايدن وإدارته، متوعداً بالانتقام من المحكمة وقضاتها (بفرض عقوبات) بعد استلامه مهام الرئاسة في 20 يناير القادم. واتهم مرشحه لمنصب مستشار الأمن الوطني النائب الجمهوري مايك والتز المحكمة بالتحيز بالعداء للسامية ـ والرد القوي!
سبب غضب نتنياهو وفريقه الحاكم ومعه حلفاؤه من إصدار مذكرتي الاعتقال ـ هو التزام الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بتطبيق مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت للاعتقال الفوري في حال السفر إلى أي من الدول الأعضاء 124 دولة حول العالم أو المرور بأجوائها ـ الموقعين على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية بموجب نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة عام 2002 ـ وانضمام نتنياهو وغالانت لرؤساء وقادة دول مثل بوتين الرئيس الروسي وعمر البشير وقبلهما معمر القذافي ورئيس ساحل العاج الأسبق ووليم روتو نائب رئيس كينيا…
والملفت إصرار قضاة المحكمة على إصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت وترحيب وتوعد دول الاتحاد الأوروبي تنفيذ مذكرات الاعتقال، والإشادة باستقلال المحكمة، باستثناء إسرائيل والولايات المتحدة وهنغاريا، وتأكيد رؤساء وزراء عدة دول أوروبية أنه سيتم اعتقال نتنياهو في حال قيامه بزيارتها.
خشية إسرائيل وحلفائها، بعد الترحيب الدولي والعربي والإقليمي بمذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت من تصاعد الاحتجاجات الشعبية ودفع الحكومات ضد الشراكة بحرب الإبادة، وحظر تصدير السلاح. وتكريس واقع: باتت إسرائيل دولة مارقة ومنبوذة!

أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب