الناخب التركي ما بين مشاريع أردوغان الكبرى ووعود المعارضة بتحسين أوضاعه الاقتصادية

الناخب التركي ما بين مشاريع أردوغان الكبرى ووعود المعارضة بتحسين أوضاعه الاقتصادية
إسماعيل جمال
إسطنبول- “القدس العربي”: في اليوم ذاته الذي بث فيه كمال كليتشدار أوغلو زعيم المعارضة ومرشحها للانتخابات الرئاسية مقطع فيديو يعد فيه بتخفيض أسعار البصل في البلاد، كان الرئيس رجب طيب أردوغان يدشن أول حاملة طائرات تركية، في مشهد أعاد إلى الواجهة مجدداً الجدل حول أولوية المواطن التركي في هذه المرحلة.
فما بين الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن التركي وما بين الرغبة في تعزيز قوة الدولة، يجد الناخب التركي نفسه أمام خيارات صعبة في الانتخابات الرئاسية، التي ستشهدها البلاد بعد شهر من اليوم ويتنافس فيها بدرجة أساسية أردوغان وكليتشدار أوغلو.
وبينما تستند الحملة الانتخابية لأردوغان بشكل أساسي على المشاريع الوطنية الكبرى، يركز مرشح المعارضة على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن لاسيما فيما يتعلق بالتضخم، الذي وصل مستويات غير مسبوقة وارتفاع الأسعار الذي طال كافة مناحي الحياة.
بينما تستند الحملة الانتخابية لأردوغان بشكل أساسي على المشاريع الوطنية الكبرى، يركز مرشح المعارضة على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن
وفي ذات الإطار، يقدم أردوغان وعوداً باستمرار المشاريع الوطنية والاستراتيجية الكبيرة لا سيما ما يتعلق بالبنية التحتية والصناعات الدفاعية وغيرها، بينما يقدم زعيم المعارضة وعوداً بتخفيض أسعار السلع الأساسية ووقف بيع العقارات للأجانب لتخفيض أسعارها للمواطنين بعدما ارتفعت أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة.
وركز أردوغان في الأيام الأخيرة على افتتاح عدد من المشاريع الكبرى، إذ أعلن تدشين أول حاملة طائرات مسيرة في مشروع عملت عليه الصناعات الدفاعية التركية لأكثر من 10 سنوات، وقال أردوغان إنه مشروع قومي مهم لأمن “الوطن الأزرق” أي البحار التي تطل عليها تركيا، وذلك بعد أيام قليلة من بدء بيع سيارة “توغ” الوطنية التي صنعتها تركيا وتعتبر أول سيارة وطنية حديثة.
وبينما تركز الحكومة جهودها على إعادة بناء المناطق المدمرة من الزلزال المدمر، انتقل أردوغان وخلال أسابيع قليلة من برامج وضع حجر الأساسي لمشاريع إعادة البناء إلى البدء فعلياً في تسليم بعض المنازل التي بنيت على عجل للمتضررين، كما يستعد بعد أيام لتدشين بدء نقل الغاز المكتشف في البحر الأسود إلى محطات التخزين على اليابسة إيذاناً ببدء الاستفادة من الغاز الذي وعد بتنفيذ مشاريع تخدم الشباب من عائداته.
لكن في المقابل، وعلى الرغم من ترحيب الناخب التركي بهذه المشاريع المهمة والتي لا تقلل حتى المعارضة من أهمية جزء منها، إلا أن شريحة مهمة من المواطنين ترى أن الأولوية في المرحلة الحالية هي تحسين الأوضاع الاقتصادية التي تدهورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة حيث وصلت ذروة الأزمة الاقتصادية قبل أشهر بوصول التضخم إلى 80 بالمئة، بحسب الإحصائيات الرسمية، وأكثر من 180 بالمئة بحسب الإحصائيات غير الرسمية.
ويركز منافس أردوغان القوي كمال كليتشدار أوغلو، الذي اعتاد تسجيل مقاطع فيديو يومياً من مطبخه المتواضع، على تناول الملفات الاقتصادية التي تهم المواطنين لا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار الخضروات والفواكه واللحوم وصولاً إلى ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات وغيرها الكثير من الأشياء التي تمس حياة المواطنين بشكل يومي.
لم تقدم المعارضة حتى اليوم عروضاً مقنعة حول آلية تحسين الأوضاع الاقتصادية باستثناء الحديث عن سياسة التقشف وبيع طائرات وسيارات أردوغان الرئاسية، والحديث عن اللجوء إلى البنك الدولي للاقتراض
وعلى غرار الخطاب المعتاد للمعارضة التركية، يحمل جانب من المواطنين الحكومة وأردوغان بشكل مباشر المسؤولية عن الصعوبات الاقتصادية التي يعيشونها، ويقولون إن ما وصلت إليه أوضاعهم هو بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعها أردوغان طوال السنوات الماضية ونتيجة فشل للأداء الحكومي إلى جانب ما يقولون إنه “فساد واسع”.
ويأمل هؤلاء من أن يؤدي وصول المعارضة للحكم إلى حل جانب من الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد لكن دون وجود مؤشرات حقيقية على قدرة المعارضة على القيام بهذه المهمة الصعبة، إذ لم تقدم المعارضة حتى اليوم عروضاً مقنعة حول آلية تحسين الأوضاع الاقتصادية باستثناء الحديث عن سياسة التقشف وبيع طائرات وسيارات أردوغان الرئاسية، والحديث عن اللجوء إلى البنك الدولي للاقتراض.
إلا أن هذا الحديث يثير شكوك ومخاوف شريحة أخرى من الشعب التركي التي ترى أن العودة إلى الاقتراض من البنك الدولي هي “عودة إلى عهد الوصاية”، الأمر الذي يجعل من خيارات الناخب التركي أكثر صعوبة.