«لأنهم من هناك»: قصص أمل بوشارب في مواجهة الخطاب المهيمن
«لأنهم من هناك»: قصص أمل بوشارب في مواجهة الخطاب المهيمن
الدوحة – تعود الكاتبة والمترجمة الجزائرية المقيمة في إيطاليا، أمل بوشارب، إلى عالم القصص القصيرة بمجموعة جديدة تحمل عنوان «لأنهم من هناك»، صدرت عن دار الشهاب للنشر. وقد التقت بوشارب جمهورها بهذه المجموعة خلال فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالعاصمة الجزائرية.
أمل بوشارب، الكاتبة والمترجمة الجزائرية التي لفتت الأنظار برصدها للأدب الإيطالي ونقله إلى عشاق اللغة العربية، لا سيما الأعمال المخفية التي تلامس مزاج القارئ العربي، تحتفي بإصدارها الثاني هذا الخريف. يأتي ذلك بعد نشر ترجمتها الإيطالية ليوميات «أمية جحا: فنانة تشكيلية نزحت قسراً إلى مستشفى الشفاء»، والتي صدرت في سبتمبر/أيلول الماضي على مجلة DEP الأكاديمية. تضمنت الترجمة الأجزاء العشرة الكاملة من اليوميات، ضمن ملف خاص أصدره قسم الثقافات المقارنة بجامعة كافو سكاري فينيسيا.
تضم المجموعة تسع قصص، من بينها قصة «المتمردة»، وهي النسخة العربية للقصة التي نشرتها أمل بوشارب باللغة الإيطالية تحت عنوان L’Anticonformista عن دار «بوينديا بوكس» في تورينو عام 2020. حظيت القصة بترشيح في الصالون الدولي للكتاب في تورينو عام 2021 ضمن الإصدارات المميزة التي تستحق القراءة. كما تتضمن المجموعة لأول مرة باللغة العربية قصة «الرائحة»، التي حازت جائزة القصة القصيرة في المهرجان الدولي للأدب والكتاب الشباب عام 2008 بالجزائر، وصدرت لاحقاً باللغة الإيطالية عام 2018.
واعتبرت أمل بوشارب وهي جزائرية من مواليد دمشق من الأصوات السردية الجزائرية الأكثر إثارة للاهتمام في جيلها، مع إصدارها الأول «عليها ثلاثة عشر»، وعملها الروائي الأول «سكرات نجمة» عام 2015. وتدير بوشارب في إيطاليا مجلة «أرابسك» وهي أول مجلة إيطالية مختصة بالأدب والفنون العربية.
كتب باولو فاليزيو وهو أستاذ الأدب الإيطالي في جامعة كولومبيا الأمريكية: «أمل بوشارب التي نعرفها كروائية وقاصّة مُكرّسة تكتب باللغتين العربية والإيطالية، تُظهر في هذه المجموعة الجديدة من القصص القصيرة تفرداً وأصالة خاصة، فبأسلوبها الساخر والاستفزازي ، نجدها تسخر مما يعرف بخطاب «الفكر الأحادي» والمطابق للمعايير المُهيمنة، أو ما يطلق عليه باللغة الإنكليزية اسم «الصوابية السياسية»، وهي الصفة التي لا تزال مستخدمة للأسف، في ما يمكن تعريفه بالسوق السوداء للأفكار. ويضيف الناقد الإيطالي: يَكمُن تميُّز بوشارب على وجه التحديد في أنها لا تُجاري هذا الخطاب الذي ولد وما زال يعتمل في «الغرب»، ولكنها تركز على أثره ضمن ما يمكن تعريفه بأنه إقليم أنثروبولوجي جديد: أي العالم الذي بدأ الخضوع للتقدمية الزائفة، يتسلل إلى الحياة الثقافية فيه ألا وهو البلدان العربية.
وكانت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قد مرّتا بالفعل بهذه المرحلة التي تزعم التمرد؛ لكن أمل تضعنا في سياق ما يمكن أن نطلق عليه «الجِدّة العربية». وهي تفعل ذلك بأسلوب مسلٍّ يلامس حدود المضحك المبكي، ولكنها في الوقت نفسه تعرف كيف تُشرّح (وبحساسية عالية) آثار التشوهات الداخلية والمعاناة الكامنة وراء تجارب الأبطال الشباب لقصص هذه المجموعة».
وفي الكلمة النقدية المعنونة «أن ترى العالم بعيون مختلفة» التي تضمنّها الإصدار، يكتب مارتشيللو فينيتسياني Marcello Veneziani، وهو أحد أبرز الروائيين والصحافيين الإيطاليين المعاصرين، عن المجموعة: «تنسج أمل بوشارب قصصها الشجاعة وغير الخاضعة للتيار، واضعة إصبعها على التأثير الفتاك الذي تمارسه السلطة الأيديولوجية الغربية على المجتمع الإيطالي والأوروبي، والتي لم يعد ضررها ينحصر على إيطاليا، بل أخذ يمتد إلى جوانب من الثقافة العربية والإسلامية، كما نرى في هذه القصص، لاسيما في أوساط المهاجرين الذين قد تبهرهم هتافات الترحيب وشعارات الاندماج. تتحلى أمل بنظرة يقظة ومتنبّهة لثقافة عصرنا، وتستخدم سلاح السخرية لهدم بعض عاداتنا السيئة ورذائلنا، لكنها تفعل ذلك في شكل القصة الخفيف والممتع: تروي الحياة، وأيامنا، ولكنها من خلال السرد تعالج التناقضات والقبح والتنافر الكامن في عصرنا».
اختيرت أمل بوشارب هذه السنة عضواً في اللجنة الاستشارية لمؤسسة دانتي أليغييري، وهي المؤسسة الإيطالية الأكبر التي تعنى بترقية اللغة الإيطالية، وشاركت في مؤتمرها السنوي في دورته 84 شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم والمنعقد في روما وافتتحه رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، وحضره وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني.
«القدس العربي»: