المطران عطا الله حنا: إذا لم توحدنا حرب الإبادة في غزة فما الذي يوحدنا؟

المطران عطا الله حنا: إذا لم توحدنا حرب الإبادة في غزة فما الذي يوحدنا؟
عبد الحميد صيام
نيوجرسي- في لقاء، مساء الأحد، عن طريق الزوم من القدس تحت عنوان “محادثة مع المطران عطا الله حنا- العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان والتراث المسيحي”، التقت مجموعتان فلسطينيتان مع المطران، واحدة تجمعت في مركز الجالية الفلسطينية في باترسون/كلفتون بولاية نيوجرسي، ومجموعة ثانية من “المسيحيين الأرثوذكس من أجل فلسطين” بولاية فرجينيا قرب منطقة واشنطن العاصمة.
تحدث المطران عن التطورات الأخيرة في قطاع غزة على ضوء حرب الإبادة “والتي لا اسم لها إلا حرب إبادة، كيف يريدوننا أن نسمي تشريد الشعب الغزي بكامله، وقتل أكثر من 45 ألفاً، معظمهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 105 آلاف من المدنيين، وتدمير المرافق المدنية من جامعات ومدارس ومستشفيات وملاجئ ومؤسسات إلا حرب إبادة؟”.
المطران عطا الله حنا: ما يجري في لبنان وسوريا، وكل هذه النزاعات والاعتداءات، هدفها فلسطين
وقال إن رسالة الكنيسة الأرثوذكسية في القدس في أيام الأعياد هذه أولاً هي أننا نسأل الله أن يحمي لنا فلسطين وسوريا التي تمرّ بأوضاع صعبة، نتمنى أن تتجاوزها لصالح الشعب السوري. “نحن نحب سوريا ونحب لبنان ونحب الأمة العربية ونتمنى لها الخير. ونتمنى أن يحمي الله الأقطار العربية لأنها عندما تكون بخير تكون فلسطين بخير. وعندما تضعف تلك الدول وتكون في حالة اضطراب تكون فلسطين في حالة ضعف واضطراب. ونتمنى أن تكون بوصلة الأمة دائماً باتجاه فلسطين والقدس.”
وقال إنه يتحدث كرجل دين، ورجل وطني في الوقت نفسه. “أنا أمزج بين الصفتين معاً. أتحدث كرجل دين وفي الوقت نفسه أجد من واجبي أن أدافع عن هذه الأرض وأقف مع الشعب الفلسطيني في محنته. وكل فلسطيني يجب أن يكون مناضلاً بطريقته ومن موقعه”.
ورداً على سؤال “القدس العربي” عن الخلافات الفلسطينية التي أثرت سلبياً على القضية الفلسطينية، وإذا ما لعب رجال الدين دوراً توحيدياً، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة، وما نشاهده من مجازر في غزة “فإذا لم يتوحد الفلسطينيون الآن متى سيتوحدون؟”، قال المطران المقدسي: “شيء مؤسف حقيقة، بالرغم من كل هذه الدماء والآلام التي يعيشها الشعب الفلسطيني، الانقسامات الفلسطينية مستمرة. وكلنا نعرف من يغذي هذه الانقسامات ومن يستثمرها ومن يريدها أن تستمر ومن يؤججها”.
وأضاف: “لقد قمنا، نحن رجال الدين من مسيحيين ومسلمين، بمجهودات كبرى من أجل الوحدة. لقد عقدنا عديداً من الاجتماعات في القدس، وكنا نناشد القيادات للوحدة. لقد نبت الشعر على ألسنتنا ونحن نطالب بالوحدة. دائماً نناشد القيادات للوحدة لأن فلسطين للجميع وليست لفصيل. ونسمع الآن عن اجتماعات تجري في القاهرة، لعلها تنجح في توحيد الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية. نحن مهتمون بوحدة الشعب الفلسطيني، نريدهم أن يكونوا على درجة من الوعي للدفاع عن الوطن لأن الوحدة هي قوة لكل فلسطين، ويجب أن نتوحد من كل الطوائف والجماعات والفصائل. وأنا أنتمي للشعب الفلسطيني بكامله لا إلى حزب أو فصيل. هذا الشعب يستحق الحرية، فهو يناضل منذ وعد بلفور إلى اليوم، تشرد عن وطنه منذ أكثر من 76 سنة. وما زال يتعرّض للمآسي والمجازر والنكبات، كما يجري الآن في غزة، وهو ما نطالب بإنهائه فوراً”.
ورداً على سؤال حول مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد “طوفان الأقصى”، قال الأب عطا الله حنا إن هناك من يعتقد أن هذا الصراع انتهى، وهذا ليس صحيحاً. “هذا ليس صراعاً بين فلسطين وإسرائيل، بل عدوان يستهدف الشعب الفلسطيني، هناك دولة وجيش وإمكانيات تسليحية هائلة، ومقابله شعب بسيط أعزل يريد أن يعيش في وطنه بحرية وكرامة”. وقال إن الشعب الفلسطيني شعب مظلوم واقع تحت الاحتلال، ويعيش ظروفاً كارثية، وما يجري في لبنان وسوريا، وكل هذه النزاعات والاعتداءات هدفها فلسطين سواء في لبنان أو سوريا أو بقية الدول العربية ونحن نقدر هذا”.
وقال المطران إن الشعب الفلسطيني يقدّر الجميل لكل من دافع عن فلسطين، وستبقى فلسطين قضية حق وعدالة وستظل فلسطين موجودة في قلب كل عربي وكل إنسان حر. “ويجب أن تبقى بوصلة العرب باتجاه فلسطين”. وقال إن أكثر مصائبنا قادمة من الضعف العربي والتشتت العربي، وإسرائيل تستغل حالة هذا الوهن العربي والتشتت العربي. “ودعني أؤكد لكم أن الشعب الفلسطيني لن يكون لقمة سائغة للاستعمار والاحتلال والمتآمرين. الفلسطيني سيظل متشبثاً بأرضه ولن يتنازل عنها ولن يتنازل عن حبة تراب من ثرى فلسطين حتى تتحرر ويسترد الفلسطيني حريته وكرامته وحقوقه كاملة”. وقال المطران إن هدفنا اليوم هو وقف حرب الإبادة، والتي ليس لها اسم غير ذلك.
ورداً على سؤال حول إدارة دونالد ترامب القادمة، قال الأب عطا الله حنا إنه لا يتوقع أي تغيير. ففي أمريكا الرؤساء يتغيرون لكن السياسة بالنسبة لبلادنا فهي ثابتة باتجاه إسرائيل وفلسطين. قد تختلف لغة الخطاب لكن الجوهر واحد.
عطا الله حنا: في أمريكا الرؤساء يتغيرون، لكن السياسة بالنسبة لبلادنا فهي ثابتة باتجاه إسرائيل وفلسطين
ومن يملكون مقاليد الأمور في أمريكا اليوم هم الصهاينة واللوبيات الصهيونية التي تقرر وتتحكم وتنتخب من تريد وتسقط من لا ينسجم مع سياسات دعم إسرائيل غير المحدود،
إنهم يتحكمون في السياسات جميعها. “أتمنى أن يأتي ترامب بشيء جديد لكني أشك في ذلك. لعله يعمل شيئاً جديداً. وسمعت مقابلة لمستشاره اللبناني للشؤون العربية، أسعد بولس، قد يُفهم منها أشياء إيجابية، لكنني لا أريد أن أكون متفائلاً كثيراً. ودور الجالية العربية الفلسطينية مهم هنا بالضغط والتعبئة والاتصال”.
يذكر أن المطران عطا الله حنا من مواليد بلدة الرامة بالجليل عام 1965، وهو يشغل الآن منصب رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في مدينة القدس.
“القدس العربي”: