ترامب يلوح بالحرب ضد إيران عبر اليمن.. ماذا وراء الغارات الجوية الأمريكية على صنعاء؟

ترامب يلوح بالحرب ضد إيران عبر اليمن.. ماذا وراء الغارات الجوية الأمريكية على صنعاء؟
صعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغوط على إيران وتهديدها بالاستهداف بعد استهداف جماعة “أنصار الله” الحوثيين في اليمن، حيث كتب ترامب في منشور على منصته “تروث سوشيال” إن إيران ستتحمل المسؤولية عن أي هجمات أخرى تنفذها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وذلك بعد غارات أميركية مكثفة وغير مسبوقة شنتها الولايات المتحدة على مواقع مختلفة تسيطر عليها الجماعة في اليمن خلال اليومين الماضيين.
وهدد ترامب طهران قائلاً، “إن أي هجوم أو رد فعل انتقامي آخر من جانب الحوثيين سيُقابل بقوة هائلة، وليس هناك ما يضمن توقف هذه القوة عند هذا الحد. من الآن فصاعدًا، ستُعتبر كل طلقة يطلقها الحوثيون طلقة أطلقتها أسلحة وقيادة إيران، وستُحاسب إيران”.
وأعلن ترامب إصداره أمراً بشن حملة من الضربات الجوية على جماعة “أنصار الله” الحوثيين نهاية الأسبوع الماضي، بحجة أنهم يعطلون حركة الملاحة التجارية عبر البحر الأحمر. وفيما تدعي إدارته أن الغارات تستهدف قادة الحوثيين، أعلنت وزارة الصحة في اليمن ارتقاء 53 شخصاً بالقصف الأمريكي معظمهم من المدنيين وبينهم أطفال.
واتهمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إيران بتزويد الحوثيين بالتدريب والخبرة والأسلحة، وأمر الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بشن سلسلة من الضربات على الجماعة على مدى عدة أشهر بعد أن بدأت استهداف السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة لإسرائيل في البحر الأحمر نصرة لغزة، لكن لم تثنِ تلك الضربات الجماعة عن مواصلة عملياتها البحرية.
ترامب يقصف اليمن ويهدد إيران.. ما الذي حدث؟
- في أسبوعه الأول في منصبه، تعهد ترامب بتصنيف جماعة “أنصار الله”، المعروفة باسم الحوثيين في اليمن، كـ”منظمة إرهابية أجنبية”، وفي الرابع من مارس/آذار، دخل ذلك القرار في حيز التنفيذ بعد نحو أربع سنوات من إزالته من قبل إدارة بايدن.
- في 2 من مارس/آذار 2025، منعت إسرائيل وبدعم أمريكي دخول كل المساعدات إلى غزة كوسيلة ضغط وابتزاز لحماس كي تقوم بتسليم الأسرى الإسرائيليين لديها مقابل تمديد وقف إطلاق النار فقط، وهو ما أدى إلى تجدد المجاعة في القطاع الذي يحتاج بشدة إلى الغذاء والدواء بعد حرب مدمرة استمرت 15 شهراً.
- ورداً على ذلك، حدد زعيم جماعة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي مهلة 4 أيام، إذا لم تعيد إسرائيل فتح المعابر وتسمح بدخول المساعدات، فإن جماعته سيستأنفون مهاجمة السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” التي تمر عبر مضيق باب المندب في طريقها إلى قناة السويس. وفي 11 مارس/آذار الماضي، أعلن المتحدث باسم قوات الحوثيين يحيى سريع استئناف عمليات البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب.
- وفي 15 مارس/آذار، أمر ترامب بشن غارات جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف في اليمن في المناطق التي تسيطر عليها جماعة “أنصار الله” الحليفة لإيران. حيث تقول الولايات المتحدة إنها ستواصل قصف اليمن حتى يتوقف الحوثيون، حيث زعم ترامب أن الحوثيين “استهدفوا قواتنا وحلفاءنا”. وزعم ترامب ووزير دفاعه بيت هيجسيث أيضاً أن إيران تقف وراء تصرفات الحوثيين.

- ويهاجم الحوثيون السفن المرتبطة بإسرائيل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 للضغط على إسرائيل لإنهاء حربها على غزة. وتوقفت الهجمات عندما تم إعلان وقف إطلاق النار في غزة في 19 يناير/كانون الثاني، وامتثل الحوثيون للاتفاق.
- وخلال اليومين الماضيين ورداً على الهجمات الأمريكية، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجومين على حاملة الطائرات الأمريكية “هاري إس ترومان” وسفنها الحربية. ونفى مسؤولون أمريكيون تحدثوا لرويترز، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، وقوع أي هجوم على هذه السفينة.
- ويستقبل البحر الأحمر ما يقرب من 15 بالمائة من التجارة البحرية العالمية، ونجح الحوثيون باستهداف العديد من السفن المرتبطة بإسرائيل أو التي تتجه نحوها، مما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة في موانئ الاحتلال مثل ميناء إيلات. فيما أجبرت هجمات الحوثيين خلال الـ15 شهراً الماضيين الكثير من السفن التجارية الغربية على اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة حول الساحل الجنوبي لأفريقيا، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التأمين والتأثير على معدلات التضخم على مستوى العالم.
- ووفقا للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شون بارنيل، هاجم الحوثيون “سفنا حربية أميركية 174 مرة وسفنا تجارية 145 مرة منذ عام 2023”.
-
ماذا وراء الغارات الجوية الأمريكية على اليمن بالنسبة لترامب؟
- سبق أن وجّه مسؤولون في إدارة ترامب اتهامات عدة لإيران بدعم الحوثيين، مشيرين إلى أن الضربات الأميركية على مواقع للجماعة في اليمن، تتضمن رسائل إلى طهران. حيث زعم مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز الأحد، أن الضربات التي نفذتها القوات الأميركية على مناطق واقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، قتلت “العديد” من قادتهم، ووجّه تحذيراً إلى إيران بوجوب التوقف عن دعم الجماعة وهجماتها البحرية.
- وتقول مجلة national interest الأمريكية من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولاية ترامب الثانية، شرعت الولايات المتحدة في تحقيق عدة أهداف في وقت واحد من خلال حملة القصف على اليمن: وقف الحصار البحري على السفن في البحر الأحمر، وإضعاف القدرة العسكرية للحوثيين وردعهم، وتطبيق أقصى قدر من الضغط على إيران.
- ويعتقد الأمريكيون أن الحوثيين موردٌ جديرٌ بالاستثمار فيه بالنسبة لإيران، وأن طهران سعت إلى تعزيز قدراتهم لمواصلة الحصار البحري في البحر الأحمر، وربما أبعد من ذلك. وقد ازدادت قيمة جماعة “أنصار الله” في نظر الإيرانيين منذ الخسائر التي تكبدتها الشبكات الإيرانية في لبنان وسوريا، وتهشيم رأس حربة محور المقاومة في المنطقة، “حزب الله”، من قبل إسرائيل.
- تقول المجلة الأمريكية إن باستهدافها الحوثيين ضمن حملة الضغط الأقصى على إيران، تُظهر الولايات المتحدة في عهد ترامب أنها لن تتردد في ضرب أذرع إيران المتقدمة والتي تعتمد عليها بشكل كلي. والآن يهدد ترامب إيران نفسها بالاستهداف إذا قرر الحوثيون الرد على الضربات التي تلقوها من الأمريكيين.
- ومع عودة حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة بعد يومين فقط من بدء الهجمات الجوية الأمريكية على اليمن، لا شك أن ترامب يحاول حماية إسرائيل واستباق أي ضربة أو استهداف لها من قبل الحوثيين الذين هددوا باستهداف تل أبيب والسفن المرتبطة بها إذا لم يتوقف الحصار الأخير على غزة.
- بدورها أكدت إيران أنها سترد “بشكل صارم” على أي تحركات تنتهك سيادتها وأمنها ومصالحها الوطنية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إنّ “الشعب اليمني يقرر بنفسه الإجراءات التي يراها مناسبة لدعم لشعب الفلسطيني”. كما وصف بقائي الضربات الأميركية على اليمن بأنها “عدوان وجريمة مدانة”، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، قائلا إنّ الولايات المتحدة تستهدف من يدعمون المقاومة والشعب الفلسطيني، بدلا من تسوية جذور الأزمة في المنطقة.
- أما وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال على منصة إكس إن “الولايات المتحدة ليس لها الحق في إملاء سياسة إيران الخارجية”. فيما حذّر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي من أن طهران سترد على أي هجوم قد تتعرض له، قائلا في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي الإيراني الأحد “إيران لن تشنّ حرباً، لكن إذا هددها أحد، ستردّ بشكل مناسب وحاسم وقاطع”.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يراقب الضربات العسكرية التي يتم إطلاقها ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن بسبب هجمات الجماعة على الشحن في البحر الأحمر، في مكان غير محدد في هذه الصورة الموزعة التي صدرت في 15 مارس 2025. – البيت الأبيض ترامب يساوم إيران على برنامجها النووي ويهددها بالحرب.. وهذا ما يريده الإسرائيليون
- تقول صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن ترامب أرسل خلال الأيام الماضية رسالة إلى القائد الأعلى في طهران علي خامنئي، يقترح فيها إجراء مفاوضات بشأن تقليص إيران برنامجها النووي أو التهديد بعمل عسكري ضدها، لكن ترامب لم ينتظر رد الإيرانيين وبدأ باستهداف الحوثيين المتحالفين مع إيران، وهو الآن يقول لهم: “كل طلقة يطلقها الحوثيون سنحاسب إيران عليها”.
- وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، مايكل والتز، يوم الأحد في برنامج “هذا الأسبوع” على قناة ABC: “جميع الخيارات مطروحة.. إذا لم تُسلّم إيران الصواريخ، والتسليح، وتخصيب المواد النووية، فإنها قد تواجه سلسلة كاملة من العواقب الأخرى”، على حد تعبيره.
- وقال والتز إن الهجوم على الحوثيين كان مختلفاً من حيث حجمه ومسؤوليته. وأضاف: “إيران هي التي مولت ودربت وساعدت الحوثيين مرارًا وتكرارًا على استهداف ليس فقط السفن الحربية الأمريكية، بل التجارة العالمية أيضًا، وساعدتهم على إغلاق اثنين من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم”.
- ومنذ وقت طويل، لم تُخفِ إسرائيل رغبتها بتوجيه ضربة عسكرية تُفضّل تنفيذها بالاشتراك مع الولايات المتحدة. وصرح مسؤول إسرائيلي مُطّلع لصحيفة “واشنطن بوست”: “لدينا قدرات لضرب إيران، لكن الولايات المتحدة لديها قدرات أفضل”.
- وقال نتنياهو في زيارته الشهر الماضي لواشنطن إن “إسرائيل وأمريكا تقفان جنبًا إلى جنب في مواجهة التهديد الإيراني”. وأضاف أنه اتفاق مع الإدارة الأمريكية “على ضرورة منع طهران من امتلاك أسلحة نووية، وعلى ضرورة ردع عدوان إيران في المنطقة”. وأضاف نتنياهو: “إسرائيل وجهت ضربة قاصمة لمحور الإرهاب الإيراني منذ بداية الحرب في غزة.. وتحت القيادة القوية للرئيس ترامب لا أشك في قدرتنا على إنجاز المهمة وسننجزها”.
المرشد الإيراني علي خامنئي – تسنيم - وتأتي التهديدات الأمريكية لإيران بعدما كشف تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الشهر جاء فيه إن إيران توسعت بشكل كبير في إنتاجها من اليورانيوم عالي التخصيب، وتزيد من مخزونها من المواد التي تقترب من درجة صنع الأسلحة، مما يختصر الوقت الذي تحتاجه لإنتاج سلاح نووي.
- وردًا على سؤال حول الظروف التي قد تُؤدي إلى تدخل عسكري أمريكي في إيران بعد تقرير “الطاقة الذرية”، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز، لصحيفة واشنطن بوست: “يجب على النظام الإيراني أن يُثبت أنه قد تخلى عن برنامجه للتخصيب النووي والأسلحة النووية.. الرئيس ترامب أكد بوضوح أن هناك طريقتين للتعامل مع إيران: عسكرياً أو عبر إبرام صفقة. نأمل أن يُعلي النظام الإيراني من شأن شعبه ومصالحه العليا على حساب الإرهاب”، على حد تعبيره.
- وسلّم أنور قرقاش، وزير خارجية الإمارات الأسبق والمستشار الأول لرئيسها، رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، يوم الأربعاء الماضي. حيث التقى عراقجي الأسبوع الماضي بنظيره في عُمان، التي كانت مسرحاً لمفاوضات سرية بين الولايات المتحدة وإيران، وإن باءت بالفشل في نهاية المطاف، في عهد إدارة بايدن.
- ولكن مع وصول رسالة ترامب إلى طهران، أعلنت الإدارة الأمريكية عن عقوبات جديدة على صناعة النفط الإيرانية، كجزء من حملة “الضغط الأقصى” على طهران التي أطلقها في أمر تنفيذي الشهر الماضي.
- وندد خامنئي بمبادرة ترامب ووصفها بأنها “ليست أكثر من مجرد حيلة دعائية لخداع الرأي العام”. وقال خامنئي في خطابٍ أمام الطلاب الإيرانيين يوم الأربعاء، قبيل زيارة قرقاش، إن “هذا الشخص” – أي ترامب – هو من مزق اتفاق عام 2015 أساساً”. وأضاف خامنئي: “إذا كان الهدف من المحادثات رفع العقوبات، فإن التفاوض مع هذه الحكومة الأمريكية لن يرفعها”. وأكد خامنئي، مجددًا، أن البرنامج النووي الإيراني مخصص للأغراض السلمية والمدنية فقط، مؤكداً أن إيران لا تنوي الرضوخ “للحكومات المتسلطة”، على حد وصفه.