مقالات

سقطت الثنائية التي كان يفرضها نظام الأسد على حزب البعث. بقلم الدكتور غالب الفريجات

بقلم الدكتور غالب الفريجات

سقطت الثنائية التي كان يفرضها نظام الأسد على حزب البعث.

بقلم الدكتور غالب الفريجات

ما إن سقط النظام السوري حتى بادر الحزب الذي كانت كوادره في سوريا قد حلّت نفسها، وسلمت كل ما لديها من مال وآليات وعناصر للنظام السوري الجديد، وهو ما يعني ان الحزب قام تصفية نفسه قبل أن يصدر قرار رسمي بحله.

إلا أن فروع الحزب خارج سوريا مازال وجودها غير واضح، خاصة وانها تعتمد كثيراً على القيادة المركزية للحزب في دمشق، و تتلقى الدعم المالي والتوجيه السياسي ، على الرغم ان فروع الحزب في الخارج ضعيفة ولا دور سياسي يذكر لها، وقد قام نظام الأسد بتفريغها من دورها الوطني والقومي، وباتت ملحقة بأجهزة النظام الأمنية، وهو ما سهل حلها في سوريا، والذي اعتقد ان انتهاء التنظيم في سوريا سيسهل حل الفروع الخاصة بالحزب خارج سوريا، وهو ما يؤكد أن هذه الحالة ستسقط الثنائية التي فرضها النظام السوري على حزب البعث، والمتمثلة في نظر البعض بالجناح السوري و الجناح العراقي، وهو ما يثلج صدور البعثيين المحسوبين على الجناح العراقي المرتبط بالقيادة القومية للحزب والذي مازالت قيادته القومية فاعلة.

حزب البعث حزب قومي واي نظام حكم في اي قطر عربي تكون فيه السلطة لقيادة الحزب في هذا القطر ولا يعني سيطرة هذا النظام، وله الحق في السلطة على الحزب بكل اماكن تواجده خارج هذا القطر، لان هناك قيادة قومية منتخبة من مؤتمر قومي، وتمثل كل الاقطار التي يتواجد فيها الحزب وقراراتها مستقلة، وسلطتها اعلى من سلطة القيادة القطرية بما فيها القيادة القطرية التي يحكم فيها الحزب، وهي تتخذ قراراتها، وتعقد اجتماعاتها بمعزل عن السلطة الحاكمة في هذا القطر.

النظام السوري بقيادة آل الأسد حافظ وبشار شوهوا العمل التنظيمي للحزب عندما انقلب حافظ على الحزب بما يسمى الحركة التصحيحية عام ١٩٧٠، وسجن بعضا اعضاء، القيادة القومية، واصدر أحكام الإعدام بحق البعض الآخر، وخروج البعض الآخر من سوريا حتى تمكنت من اعادة صفوفها للعمل خارج سوريا، وفيما بعد تمكنت من الاستقرار في بغداد بعد ثورة تموز ١٩٦٨.

خطورة انقلاب حافظ أسد على الحزب وتنصيبه نفسه رئيساً للجمهورية واميناً عاماً للحزب، وهو ما ادى وجود تنظيمين باسم البعث، التنظيم الذي استولى عليه حافظ أسد بتشكيل فروع ممن قبل العمل معه، وتشكيل القيادة القومية ممن رفض الانقلاب على الحزب والسلطة، وخلق اشكالاً لدى الجماهير العربية، حزب البعث السوري، وحزب البعث العراقي كون القيادة القومية أقامت في بغداد بعد ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز ١٩٦٨.

الشرعية الحزبية كانت للقيادة القومية، وليست لنظام الأسد، وكل الذين قبلوا للعمل معه في البعض من تواجد الحزب في الوطن العربي او خارجه، وسارت الحياة السياسية للبعث بهذه الثنائية، وكون النظام السوري نظامأً طائفياً من جهة، وبعيداً عن المصالح القومية لا بل كان معادياً في الكثير من القضايا القومية من جهة أخرى، فلا ينسجم سلوكه مع مبادئ حزب همه الأول الوحدة العربية، فهناك تناقض واضح بين البعث والنظام السوري، وهو ما يشكل عقبة في فهم الكثيرين من جهة، وكان ملبيا لأهداف المعادين للأمة كالنظام الفارسي المجوسي من جهة أخرى، والذي كان نظام الأسد يتحالف معه لا بل كان يسير في ركابه ضد الوطن العربي عامة والعراق بشكل خاص.

أجزم ان سقوط نظام عائلة الأسد قد انهي ثنائية البعث التي فرضها نظام آل الأسد، خاصة ان كل الذين ارتبطوا بالخارج لادور سياسي لهم، وهم كانوا منفذي تعليمات، فبسقوطه داخل سوريا وحل نفسه فهو مقدمة لسقوط كل من ارتبط به، فعادت الساحة السياسية بتمثيل حزب بعث بتنظيم واحد لا يشاطره بالاسم اي تنظيم حزبي آخر، فعلي سبيل المثال البعث في القطر الأردني الذي يعمل ضمن قانون الأحزاب لن يكون هناك تنظيم حزبي بغير هذا الاسم وهذا العنوان، خاصة وان التنظيم الآخر الذي يحمل الاسم، ومرتبطاً بالنظام السوري لم يتمكن من تصويب اوضاعه من، جهة وهاهو المركز في سوريا قد انتهى.

لقد مر علي البعث الكثير من ذوي النفوس التي سولت لها نفسها اختطاف الحزب، وكلهم جميعاً ذهبوا وبقي الحزب، مما يؤكد على أصالة البعث، وقدرته على التعامل مع الأحداث والمعطيات التي تواجهه، فيستمر في العمل، وهاهي أخطر مؤامرة على الحزب قد سقطت، وانتهى دور كل المتآمرين، فالبعث حزب أمة ويعبر عن طموحات هذه الأمة، والأمة عصية على أن يخطفها عميل او خائن، وحتى لو كانت قوة بحجم أمريكا والكيان الصهيوني، فلن يكون لهم ذلك، هاهو العراق الذي تم غزوه واحتلاله وإعدام قيادته، وهي قيادة الحزب، وسقط اكثر من مئة وستين الف كادر حزبي علي طريق المواجهة، وما يسمى بقانون الاجتثاث البغيض، ومازال الحزب يشكل سيفاً مصلتاً على رقاب نظام بغداد رغم ما يعاني البعثيون من تهديد يومي على حياتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب