أزمة السكن: السلطات تصدر أوامر هدم لـ253 منزلا ومنشأة في وادي عارة
أزمة السكن: السلطات تصدر أوامر هدم لـ253 منزلا ومنشأة في وادي عارة
تتفاقم أزمة السكن في المجتمع العربي عموما، وفي منطقة وادي عارة على وجه الخصوص يتهدد شبح الهدم 253 منزلا ومنشأة ومحلا تجارية، إذ أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر هدم بحقها في غضون الأعوام الثلاثة الأخيرة.
تلقى 253 مواطنا في منطقة وادي عارة أوامر هدم لمنازل ومنشآت ومحال تجارية، بذريعة البناء دون ترخيص، خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وشملت أوامر الهدم بلدات مكتظة هي: أم الفحم، وكفر قرع، وعارة، وعرعرة، وطلعة عارة، والتي يزيد عدد سكانها عن 120 ألف مواطن، إذ بلغ عدد أوامر الهدم في مدينة أم الفحم 119، بينها 42 أمر هدم تلقاها السكان خلال يوم واحد في أحياء المدينة المختلفة من قبل اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، وفي عارة وعرعرة تلقى 65 مواطنا أوامر هدم، وفي مدينة كفر قرع تلقى 39 مواطنا أوامر هدم، وبلغ عدد أوامر الهدم في قرى مجلس طلعة عارة 30 وهي موزعة على مصمص، والبياضة، ومشيرفة، وسالم، وزلفة، وفقًا لمعطيات وإحصاءات حصل عليها “عرب 48“.
وفرضت السلطات الإسرائيلية غرامات مالية باهظة بلغت مئات آلاف الشواكل على العديد من الأهالي في بلدات وادي عارة، وفي بعض الأحيان بلغت الغرامات المالية التي فرضتها السلطات على محال تجارية ومنشآت ومنازل 600 ألف شيكل.
وقال رئيس مجلس طلعة عارة، محمد جلال إغبارية، لـ”عرب 48” إن “نحو 30 منزلا ومبنى في قرى طلعة عارة تلقى أوامر هدم، إذ أن هذا العدد الذي لدى المجلس المحلي علم به، إذ أن هناك عددا من المواطنين يتلقون إخطارات هدم ولا يبلغون المجلس المحلي بها، خاصة التي تكون من قبل اللجنة المحلية وليست اللوائية أو القطرية للتنظيم والبناء”.
وبخصوص رفض ترخيص المباني في البلدات العربية، أوضح أن “هناك معضلة في قضية الموافقة على المخططات التي تعمل عليها السلطات المحلية، حيث أنه في الكثير من الأحيان تُقدم مخططات تتم المصادقة عليها بعد سنوات، وعند المصادقة على المخططات بعد سنوات تكون الحالة الميدانية في البلدات مختلفة الأمر الذي لا يتناسب مع التطورات على أرض الواقع، وسبب الإطالة بالمصادقة على المخططات يكون من قبل اللجان القطرية المختصة في التنظيم والبناء، الأمر الذي يعقد قضية ترخيص المباني والمنازل في البلدات العربية”.
ولفت إلى أن “المعضلة الثانية التي نعاني منها عدم توفر أراض مخصصة للبناء، وعدد قسائم الأراضي المخصصة للبناء في البلدات العربية قليل نسبيًا مقارنةً بعدد السكان، الأمر الذي يجبر المواطن على البناء في أراضي خاصة والتي يتم تصنيفها بالمناطق الخضراء، وهذه المباني والمنازل تتلقى أوامر هدم كونها مبينة في مناطق خضراء”.
وختم رئيس مجلس طلعة عارة حديثه بالقول إنه “لا يوجد بديل للمواطن ولا حتى للسلطات المحلية، لأن اللجان القطرية للتنظيم والبناء لا تعمل على توفير حلول للبلدات العربية وفي النهاية تقوم بإلقاء المسؤولية على المواطن والسلطات المحلية دون طرح بديل أو حل للسلطات المحلية العربية”.
وقالت المخططة الإستراتيجية في مجلس عارة عرعرة المحلي، إكرام أبو ليل محسن، لـ”عرب 48” إن “عدد المنازل والمباني المهددة بالهدم في عارة وعرعرة وصل إلى 65 أمر هدم المعلن عنها والتي لدى المجلس المحلي علم بها، حيث أنه يوجد العديد من المنازل التي تلقت أوامر هدم وليس علم لدى المجلس المحلي علم بها، خاصةً الأهالي الذين لا يتوجهون للمجلس المحلي”.
وأضافت أن “معظم المنازل والمباني التي تلقت أوامر هدم ليس فقط من اللجنة المحلية في المنطقة، إنما من لجنة التنظيم والبناء القطرية، وهناك مناطق كاملة مهددة بالهدم مثل حي المنصورة، ومن بين المباني المهددة بالهدم، مصالح تجارية ومنازل يسكنها الأهالي”.
وأكدت محسن أن “كل أمر هدم تتلقاه العائلات في سلم أولويات عمل المجلس المحلي، خاصة أن الكثير من المنازل المهددة بالهدم يسكنها مواطنون وعائلات، لذلك قضايا البيوت المهددة بالهدم على رأس سلم أولوياتنا، إذ اننا نهتم بهذه القضية بشكل كبير ونحاول منع هدم أي بيت”.
ولفتت إلى أن “البيوت التي بنيت ما قبل العام 2018، هناك إمكانية للتصرف بشأنها، ولكن المنازل التي بنيت بعد العام 2018 من الصعب تنفيذ أية عمل بشأنها، وهي تشكل معضلة وعقبة للمجلس المحلي وصاحب المنزل، إذ أن قانون (كامينتس) يمنحنا إمكانية للتعامل مع المنازل حتى مطلع العام 2018، ولكن المباني التي بنيت وتبنى بعد ذلك من الصعب جدًا التعامل معها”.
وختمت المخططة الإستراتيجية حديثها بالقول إن “قسما كبيرا جدًا من المواطنين يتعاونون مع المجلس المحلي في قضية البناء والتخطيط، وهذا أفضل لهم وللمجلس أيضا، وذلك حتى يتم أخذ منازلهم بعين الاعتبار في التخطيط المستقبلي”.
وقال القائم بأعمال رئيس بلدية أم الفحم، ناصر خالد إغبارية لـ”عرب 48” إن “عدد أوامر الهدم الصادرة بحق بيوتٍ في مدينة أم الفحم وصل إلى 119 أمرَ هدم بحجة عدم الترخيص أو عدم استصدار الرخص اللازمة. هذه الأوامر موزعة على بيوت، وجدران، وساحات، ومبانٍ مختلفة، وحتى حظائر زراعية، منها 42 أمرَ هدم وصلت أصحابها مؤخرًا في يوم واحد فقط. هذه القرارات التعسفية تمثل تصعيدًا خطيرًا بحق أهلنا وبيوتهم، وتهدد مستقبل َمئات العائلات”.
وأضاف أن “بلدية أم الفحم ترفض هذه الأوامر جملةً وتفصيلًا، وتعتبرها استهدافًا مباشرًا لأهالي المدينة والمجتمع العربي عامة، ومن غير المقبول أن تكون سياسة الهدم هي الحلّ الوحيد الذي تتبعها السلطات الرسمية بدلًا من توفير حلول للتخطيط وتوسيع مناطق البناء والنفوذ بما يلبي احتياجات السكان”.
وختم إغبارية حديثه بالقول إنه “نؤكد لأهلنا في أم الفحم بأننا سنبذل كل ما بوسعنا، قانونيًا وشعبيًا ورسميًا، لمواجهة هذه القرارات الجائرة، وسنواصل العمل بالتوازي على الدفع نحو المصادقة على الخرائط المفصّلة وتوسيع الخارطة الهيكلية للمدينة عامةً، وتسريع الإجراءات لإيجاد حلول بديلة للبناء في المدينة بما يحفظ كرامة وسلامة أهلنا وحقهم في السكن”.
وقالت مهندسة بلدية كفر قرع، إيناس فاهوم لـ”عرب 48” إنه “يوجد في مدينة كفر قرع 39 أمر هدم لمنازل ومصالح تجارية وجدران بالإضافة إلى بعض المصانع الموجودة في المدينة، ومعظم أوامر الهدم هذه تلقاها المواطنون خلال العامين 2024-2023، وذلك بذريعة البناء غير المرخص”.
وأشارت إلى أن “المواطن لا يعاني من أوامر الهدم فقط، إنما من فرض الغرامات المالية الباهظة في السنوات الأخيرة، والتي تصل إلى مئات آلاف الشواكل، وذلك بسبب البناء غير المرخص، وهذه معضلة ومشكلة أخرى نعاني منها في مجتمعنا العربي”.
وأوضحت فاهوم أن “المحاكم الإسرائيلية وغالبية القضاة في معظم الأحيان غير ملمين بقضايا التخطيط والبناء ويفوتهم أن التخطيط التفصيلي يستغرق عدة سنوات وليس عدة أشهر، لذا نرى أن القضايا التي تصل المحاكم يمنح القاضي أصحاب المنازل أو المبانى مهلة لعدة أشهر فقط حتى يتسنى لهم إصدار التراخيص، علمًا بأن هذه المدة غير كافية من أجل إتمام ترخيص المباني لأن استصدار التراخيص منوط بالمصادقة على الخرائط التفصيلية لمناطق كبيرة، والتي تحتاج في الحد الأدنى نحو 4 – 5 سنوات، وبالتالي المهلة القصيرة التي تمنحها المحكمة لاستصدار التراخيص لا تتماشى ولا تتلاءم مع الواقع”.
وأكدت أنه “نحاول العمل قدر الإمكان على منع هدم أي مبنى أو منزل، إذ أننا نثبت للمحاكم ولجان التخطيط أننا نعمل بشكل متواصل من أجل المصادقة على الخرائط التفصيلية لكي يتم إصدار التراخيص ومنع تنفيذ أوامر الهدم، ولكن هناك إشكال حقيقي حيث نلاحظ أن المحاكم والقضاة لا يعرفون أن قضايا التخطيط والبناء تستغرق مدة طويلة من أجل إتمامها والمصادقة عليها”.
وختمت مهندسة بلدية كفر قرع حديثها بالقول إنه “نطالب بعدم تنفيذ أوامر الهدم كون المنازل التي تصدر بحقها أوامر هدم تكون ضمن مناطق سكنية مستقبلية، وغير مبنية أو لا تتعدى على مصالح عامة مثل شوارع ومناطق خضراء أو قسائم أرض لمبان عامة، الأمر الذي يتيح لهذه المباني السكنية استصدار التراخيص القانونية بعدما يتم المصادقة على الخرائط التفصيلية، ولكن السلطات القضائية لا تتفهم العامل الزمني وبالتالي تصدر قرارات مجحفة وغير عادلة بحق هذه المنازل دون مراعاة للجهود والمساعي التي تبذلها السلطة المحلية لتوفير الحلول”.
عرب 48