معاريف.. إسرائيل: هل يسير حكام دمشق الجدد معنا لتحقيق أهدافنا المشتركة؟
معاريف.. إسرائيل: هل يسير حكام دمشق الجدد معنا لتحقيق أهدافنا المشتركة؟
لا يقين في مسألة أين يتجه النظام الجديد في دمشق، لكنه الوقت لتفكير استراتيجي شامل دون أن يزيغ النجاح البصر. قبل أن نفكر بما نفعله بعد أن اقتلع الجيش الإسرائيلي أسنان الأسد السامة، من الواجب أن نحذر مما هو محظور فعله.
ما لم تشكل سوريا خطراً واضحاً على إسرائيل، فإنه يحظر على إسرائيل، إذا ما تفككت هذه الدولة، أن تتخذ أبداً صورة من تفككها. إذا ما أصبحت سوريا دولة مجموعة من مناطق الحكم الذاتي، فلا تكون إسرائيل هي من تصمم ذلك. وعليه، ينبغي أن نزود الدروس في سوريا بكل مساعدة إنسانية يحتاجونها، وحمايتهم من محاولات الذبح، لكن هذا كل شيء. رغم أنه من اللطيف سماع أصوات درزية تدعو إلى الانضمام إلى إسرائيل، لكن لا ينبغي تشجيع ذلك. علاقات قريبة نعم، وحدة سياسية لا. ما لم يحدث تهديد حقيقي فلا ينبغي التقدم إلى العمق السوري.
هذا المقال لن يتناول السياسة تجاه روسيا وإيران وتركيا، التي لها لمسة قريبة للتغييرات في دمشق، بل لبضع نقاط لإسرائيل وللنظام الجديد في سوريا أهداف مشتركة. حزب الله اليوم هو التهديد الأساس على الحكم في دمشق. النظام الجديد لا ينسى أن مقاتلي حزب الله كانوا الأكثر نشاطاً في ذبح نحو نصف مليون سوري سُني وطرد الملايين منهم من بيوتهم تحت حكم الأسد.
الهدف المشترك الأهم لإسرائيل ودمشق هو أن يفرض على حزب الله نزع سلاحه الثقيل والسماح له بمواصلة الوجود فقط كحزب سياسي في لبنان. إضافة إلى ذلك، ينبغي تفكيك مؤسسات الدولة كلها التي أقامها الحزب في لبنان: وسائل إعلام، وبنك بلا رقابة، وسيطرة على المطارات والموانئ، وسيطرة على الحدود والجمارك، وإنتاج وتسويق المخدرات وغيرها. نحو 70 في المئة من مواطني لبنان يريدون هذا أيضاً.
في البداية، المطلوب هو أغلبية ثلثين في البرلمان لانتخاب رئيس جديد لا يكون متعلقاً بحزب الله (منذ سنتين، لا يوجد رئيس في لبنان). الرئيس والحكومة يُسنان قانوناً يطالب بنزع السلاح. الأمر ممكن حتى بدون انتخابات، كون جزء من الأحزاب التي دعمت حزب الله انتقلت عقب الحرب إلى الطرف الآخر. عندما تكون إسرائيل هي “الشرطي السيئ”، ودول الخليج “الشرطي الجيد” الذي يقترح الترميم، فثمة احتمال للنجاح.
ثمة تماثل مصالح في السياق العراقي أيضاً. الميليشيات الشيعية في العراق ربما تكون مصدر قلق شديد من الشرق، لإسرائيل ولسوريا أيضاً. تفكيكها وإعادة السيادة للحكومة في بغداد حيوي للولايات المتحدة، وثمة مؤيدون لذلك أيضاً في أوساط الأغلبية الشيعية في العراق. حتى الحكومة المؤيدة لإيران في بغداد كان يسرها التخلص من الميليشيات.
للنظام الجديد في دمشق مصلحة عليا في ترميم الاقتصاد السوري المدمر. فقد صفى مصدر الدخل الأساس للأسد، صناعة تصدير مخدر الكبتاغون خصوصاً إلى الأردن والسعودية والإمارات. إذا تبين أن النظام محباً للاستقرار والسلام، فسيكون لهذه الدول مصلحة في إعمار سوريا – لأهداف الربح – لكن أيضاً لمنع استئناف تصدير المخدرات. يمكن لإسرائيل أن تساهم في ترميم الاقتصاد السوري بطرق عديدة، خصوصاً في مجال الري، فسوريا تعاني من جفاف شديد.
البروفيسور أماتسيا برعم
معاريف 18/12/2024