مقالات

الذكاء الاصطناعي والتسلل الاعلامي بقلم الدكتور وليد عبد الحي

بقلم الدكتور وليد عبد الحي

الذكاء الاصطناعي والتسلل الاعلامي
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
هالني العدد الهائل من الفيديوهات والاخبار والمواقع ” المزورة ” التي تنتشر داخل المجتمعات ويتداولها الافراد ويرسلونها لبعضهم وينشرونها على صفحاتهم دون تدقيق ، قد ترى رجل دين مشهور يحدثك عن فوائد الزنا، وترى بوتين يغني لفيروز ، أو نيتنياهو يتعانق مع السنوار ، أو ترى رونالدو يخطب في مجلس الامن الدولي بينما صدام حسين يسجل هدفا في مرمى فريق رياضي برازيلي.
بدأت بالتواصل مع خبراء الذكاء الاصطناعي، وبعضهم يعمل مستشارا لشركات فنية ، وتأكدت أن مصادر هذه الفيديوهات تأتي من ثلاثة جوانب: بعضها من افراد بدافع اللهو والسخرية، وبعضها جهات اعلامية للترويج لسلع او لاشخاص او لاغراض تدخل في نطاق التجارة وما شابهها، لكن الامر الاكثر اثارة هو “التزوير السياسي” للتأثير على عقل المتلقي، وتبين لي – عبر بحث واسع اقوم به وآمل نشره خلال الشهور القادمة- أن جهات امنية واحزاب وتنظيمات تقوم بمثل هذه الاشياء، ويكفي ان تبحث على غوغل عن ” online Deepfake Maker “، وهناك مواقع تساعدك على اكتشاف حقيقة هذه الفيديوهات او المعلومات المزورة.
ما لفت نظري هو الدور الاسرائيلي في الموضوع، فقد تبين ان المئات من الفيديوهات او التقارير او المعلومات التي تروى من قبل شخصية مزعومة باتجاه مواقف او آراء سياسية هي جزء من نشاطات قاعة هرتزليا التي تعمل في نطاق الهاسبارا السياسية (الدعاية السياسية)(او بالعربية الدارجة الزعبرة)، بل ان بعضها يتم نشرها على شكل تقرير من فضائية مشهورة وعلى لسان مذيع معروف برزانته، وقد عرضت بعض المواقع العشرات من هذه التقارير الاسرائيلية التي تبين انها مصنوعة، ويكفي التذكير بأن الرئيس الامريكي بايدن صدق بان مقاتلي المقاومة ذبحوا اطفالا واغتصبوا نساء ثم ادرك لاحقا ان الامر غير صحيح.
وفي تقرير من بعض المواقع يشير الى ان اساتذة علماء نفس ومنهم من ينتمي للوحدة 8200 ذات المهمة التجسسية ، ويساعدها وحدتان أخريان هما 504 و الوحدة 9900 ، يستغلون في الجمهور العربي:
أ‌- الرغبة لدى الفرد العربي في التفرد باحضار مادة اعلامية لم يتنبه لها احد قبله
ب‌- تسرع الفرد العربي بالفرح لهذه المادة وسرعة ترويجها دون ان يتحقق من صحتها
ت‌- الثقافة الغرائزية التي تستجيب لما يحركها دون التدقيق فيها لانها تغذي نزعته الغرائزية
ماذا يعني ذلك؟
من حق اي فرد ان يتبنى أي موقف سياسي او اخلاقي او فكري مهما كان ، لكن ليس من حقه التضليل، والغريب ان يقع المثقف والأمي العربي في الخطأ نفسه، ذلك يستدعي البحث في غوغل او غيرها من الوسائل او التدرب على كشف هذه الفيديوهات المزورة ، وهو امر تبين لي انه ليس بالامر المعقد .
ان الذين يدخلون الى قوائم الانتخابات او يتسللون للحسابات البنكية او يستطيعون تعطيل الكهرباء ومضخات المياه او الوصول الى وثائق سرية جدا لن يعجزوا عن تضليلنا في شؤوننا اليومية ومواقفنا السياسية والاجتماعية والفكرية، لكن المنازلة العقلية لها شروطها..ربما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب