تحقيقات وتقارير

خلاف في إسرائيل: الجيش يدعو لاستهداف الحوثيين.. والموساد لضربات واسعة في إيران

خلاف في إسرائيل: الجيش يدعو لاستهداف الحوثيين.. والموساد لضربات واسعة في إيران

الناصرة- بعد ساعات قليلة من اعتراف وزير الأمن في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس باغتيال رئيس حركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، وتهديده قادة الحوثيين باغتيالهم، أطلق من اليمن صاروخ جديد نحو تل أبيب الكبرى، ليلة أمس، تم اعتراضه، وتسبّبت الحادثة بإصابة تسعة إسرائيليين وهم يتدافعون نحو الملاجئ، وسط خلاف في المؤسسة الأمنية حول السبيل لـ “ردع الحوثيين” ووقف تهديدهم.

ومع تكثيف إطلاق النار من اليمن، رغم التهديد والوعيد والقصف الغربي والإسرائيلي لأهداف في اليمن، تتزايد حالة الإرباك والإزعاج لإسرائيل، وعدد كبير من الإسرائيليين ممن يضطرون للنهوض من نومهم على صراخ صفارات الإنذار، بعد منتصف الليل.

تقديرات أمريكية تفيد بأن الحوثيين عنيدون جداً، ولا يأتمرون بتعليمات طهران، فهم إلى حد بعيد مستقلون

ولا تقتصر الأضرار على حالة الحرج والإرباك وتشويش وتيرة الحياة اليومية فحسب، فهي تنطوي على ضرر اقتصادي أيضاً، خاصة أنها تدفع المستثمرين الأجانب للتراجع عن الاستثمار في البلاد، خاصة في تل أبيب الكبرى، وهي قلب إسرائيل، ناهيك عن وقف شركات طيران أجنبية رحلاتها الجوية لمطار اللد الدولي شرقي تل أبيب.

مع استمرار إطلاق الحوثيين صواريخ ومسيّرات نحو إسرائيل، تختلف توصيات المؤسسة الأمنية للمستوى السياسي حول الحل.

فالجيش يرى ضرورة اغتيال قادة الحوثيين واستهداف منظوماتهم العسكرية، مشدداً على تطويره خطة لتوسيع “بنك الأهداف” في اليمن، لكن الموساد يعتقد أن العنوان في طهران، وأن ضربة في إيران هي الحل.

 وستضطر الحكومة للاختيار بين المقترحين لمواجهة التهديد اليمني المربك.

وطبقاً لمصادر إسرائيلية، فإن خيار ضرب الأهداف والاغتيالات في اليمن يصطدم بنقص المعلومات الاستخباراتية، علاوة على البعد الجغرافي الذي يحتاج لجهود لوجستية عملياتية مضاعفة.

وليس هذا فحسب، فهناك تساؤلات وشكوك تحوم حول قدرة إسرائيل والدول الغربية المناصرة لها على ردع الحوثيين. فقد نقلت، قبل أيام، وسائل إعلام عبرية تقديرات أمريكية تمّ تقديمها لجهات إسرائيلية تفيد بأن الحوثيين عنيدون جداً، ولا يأتمرون بتعليمات طهران، فهم إلى حد بعيد مستقلون.

وما يزيد من حساسية المسألة أن هناك تقديرات في إسرائيل بأن القبة الحديدية ليست “بوليصة تأمين”، وتفشل أحياناً في أداء مهامها. وفي عدة مرات فشلت القبة الحديدية في اعتراض صواريخ من اليمن، وقد لعب الحظ دوراً حاسماً في منع نتائج خطيرة ووقوع أعداد كبيرة من المصابين والقتلى، فقد سقط بعضها على مسافة أمتار من عمارات سكنية مأهولة، بعضها بدون ملاجئ لقدمها. وهذه الحقيقة هي مصدر قلق إسرائيلي بالغ، فخطورة الصواريخ لا تقاس بنتائجها فحسب، بل بما كان بالإمكان أن تسببه.

توصية المؤسسة الأمنية

وتختلف توصيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أمام المستوى السياسي بمهاجمة إيران رداً على الهجمات التي ينفذها الحوثيون من اليمن. فالجيش يوصي بضرب المنظومة العسكرية الخاصة بالحوثيين في اليمن واغتيال قياداتهم على غرار قيادات “حماس” و”حزب الله”. في المقابل، يرى الموساد أن الحل لا يكمن في مهاجمة أهداف في اليمن بل في إيران، “رأس الأخطبوط”، مرجحاً أن ضربة قوية في طهران هي التي ستردع الحوثيين في اليمن، خاصة أن هناك عدة مشاكل ومعيقات، منها عدم وجود معلومات استخباراتية كافية وجاهزة عن الحوثيين وقياداتهم.

وقبل أيام نُسب لرئيس الموساد قوله إن استمرار مهاجمة الحوثيين فقط لن يساعد في إزالة تهديدهم، داعياً للتركيز على إيران. كذلك يرى الرئيس السابق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال، الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، أنه من أجل التغلب على تهديد الحوثيين يجب توجيه ضربة في إيران، “رأس الأفعى”، وبالتنسيق مع واشنطن.

في حديث للإذاعة العبرية العامة، شدد زيف على أن الضربة في إيران ينبغي أن تبقى في الأساس من أجل إزالة التهديد النووي، ويلفت إلى احتمال استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن حتى بعد ذلك، مرجحاً أن هذا سيكون أقل وتيرة وخطراً بعد ضرب أهداف إيرانية.

وهذا ما يؤكده محللون ومراقبون إسرائيليون يدعون للقيام بخطوات وقائية استباقية تتمثل في قصف اليمن ومنع إطلاق الصواريخ منه، بدلاً من الاعتماد على القبة الحديدية فقط، إضافة لضربات في إيران.

وتكشف مصادر في إسرائيل عن استعداداتها لشن هجمات جوية جديدة وواسعة أكثر في اليمن لا تكتفي باستهداف الموانئ أو البنى التحتية، إنما تطال منظومات عسكرية وتحاول اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الحوثية.

كما أكد رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، للمرة الثالثة، أمس، أن إسرائيل سوف تعمل ضد الحوثيين في اليمن، كما عملت ضد أذرع “الإرهاب” الأخرى التابعة لمحور “الشر” الإيراني، لكن ليس بمفردها، داعياً الإسرائيليين للصبر.

في المقابل، يواصل الحوثيون تهديدهم بمواصلة إطلاق النار على إسرائيل ما دامت لا توقف حربها على غزة، متكاتفين بذلك مع موقف اليمنيين التاريخي التقليدي المساند للشعب الفلسطيني وقضيته منذ عقود.

القبة الحديدية ليست “بوليصة تأمين”، وتفشل أحياناً في أداء مهامها. وأخفقت مرات في اعتراض صواريخ من اليمن، ولعب الحظ دوراً حاسماً في منع نتائج خطيرة

تجنيد أوروبا

من جهته، أصدر وزير الخارجية جدعون ساعر توجيهاته للممثليات الدبلوماسية الإسرائيلية في أوروبا من أجل إقناع الدول الأوروبية بتصنيف تنظيم الحوثيين تنظيماً “إرهابياً”.

وذكرت خارجية الاحتلال أنه منذ 7 أكتوبر، استمر هجوم الحوثيين على إسرائيل، وشمل إطلاق المئات من الصواريخ الباليستية وصواريخ الكورنيت والمسيّرات. كما يواصل زعماء الحوثيين التصريح بأنهم سيستمرون في هجماتهم، وسيمنعون حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ومن بين السفن التي تعرّضت للهجمات، هناك عشرات السفن التي ترفع أعلاماً أوروبية، ويشغلها أوروبيون. “لقد تعرّضت أكثر من 100 سفينة للهجوم في هذه المنطقة منذ 7 أكتوبر”.

وشددت الوزارة على أن “النظام الإيراني يستخدم الحوثيين من أجل مواصلة زعزعة الاستقرار الإقليمي”.

وقال الوزير جدعون ساعر: “يشكّل الحوثيون تهديداً، ليس على إسرائيل فقط، بل أيضاً على المنطقة والعالم كلّه. بل يشكل تهديدهم المباشر لحرية الملاحة في أحد أهم طرق الشحن البحري المزدحمة في العالم تحدياً للمجتمع الدولي وللنظام العالمي”.

وتابع: “والأمر الأساسي والأول هو تعريفهم كتنظيم إرهابي”.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب