إسرائيل تثبّت سلطة أمر واقع في الجنوب السوري وتخرق اتفاق ” فض الاشتباك “
إسرائيل تثبّت سلطة أمر واقع في الجنوب السوري وتخرق اتفاق ” فض الاشتباك ”
بقلم رئيس التحرير
بعد إعلان نتني اهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن إلغاء العمل في اتفاق “فض الاشتباك” الموقع بين الدولة السورية وإسرائيل بشأن الجولان السوري عام 1974 أقدمت على خرق فاضح للاتفاقية واحتلالها المنطقة العازلة في الجنوب السوري، بما فيها من مدن وبلدات وتلال استراتيجية، وبعد أن توغّلت في ريف درعا، وسيطرت على حوض اليرموك، ومنابع المياه العذبة، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرض نفسها «سلطة أمر واقع» وشرعت في استقبال الوجهاء وفتح قنوات اتصال مع السكان وبعد التظاهرات والاحتجاجات ضد الوجود الإسرائيلي في تلك المناطق وللتخفيف من حدة تلك الاحتجاجات طلبت من السكان العودة لمسار حياتهم دون التعرض لحياتهم ، وذلك بعد أن اشتكى السكان تضرر مزارعهم نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر، في وقت ما زالت فيه قوات الاحتلال تدهم المنازل وتفتشها تحت ادعاء ملاحقة من تعتبرهم أعداء لإسرائيل ، وقد ارتفعت في الوقت نفسه وتيرة عمليات التدمير الممنهجة لأبنية ومنازل بعض السكان في الجنوب السوري خلال الأيام الماضية ، وفي موازاة عمليات الدهم المستمرة ومحاولات تغيير معالم الديموغرافيه السورية ، تقوم آليات إسرائيلية ثقيلة بعمليات تجريف لعدد من التلال، وإقامة سواتر ترابية، بالإضافة إلى تركيب كاميرات مراقبة، وأجهزة تجسس واتصال، في إطار تأسيس بنية تحتية لتحكم مستقبلي بالمنطقة، سواء عبر الوجود المباشر، أو عن طريق وضع السكان تحت مجهر المراقبة، في ظروف شبّهها أحد السكان بما يجري في الضفة الغربية
ويشار إلى أن منطقة الجولان تقع في الجنوب الغربي من سوريا، على الحدود الشرقية لإسرائيل، ويحدها لبنان من الشمال والأردن من الجنوب، وتوليها إسرائيل أهمية إستراتيجية قصوى إذ تحتل جزءا منها منذ العام 1967، وتحتوي على حوالي ثلاثين مستوطنة إسرائيلية، يقطنها نحو 20 ألف مستوطن يعيشون بجانب سكان سوريين معظمهم من العرب الدروز.
وبوجهة نظر القانون الدولي، يبقى الاحتلال الإسرائيلي للجولان غير شرعي ولكنه أصبح “مصدرا رئيسيا للمياه في إسرائيل”، وفق سيباستيان بوسوا الذي يؤكد أن “السيطرة على مرتفعات الجولان ومجاريها وجداولها المائية المتعددة توفر لإسرائيل، التي تعتبر معظم أراضيها صحراوية، ثلث المياه المستهلكة في البلاد. فيما أصبحت المنطقة “بقعة سياحية بامتياز تجلب محبي الرياضات الشتوية، وباتت أيضا من المناطق الشهيرة في إنتاج أفخم أنواع النبيذ”، بحسب المتخصص
تبقى قضية الجولان مسألة عسكرية بوجهة المحللين والمتابعين للتطورات والتغيرات التي تشهدها سوريا . إذ توفر مرتفعات هذه المنطقة، التي تصل قمتها إلى 2800 متر، نقطة رصد غاية في الأهمية لمراقبة جنوب سوريا، لا سيما العاصمة دمشق، التي تبعدها بستين كيلومترا تقريبا
ولطالما أصرت إسرائيل، في عدة مناسبات، على أن هذا التوغل كان إجراء “محدودا ومؤقتا”، لكنه على المدى المتوسط، يمكن أن “يستخدم كورقة مساومة مع الحكومة الجديدة” في سوريا وفق الخبراء والمحللين “لن توافق إسرائيل على إعادة الأراضي التي احتلتها إلا إذا أثبتت الحكومة السورية الجديدة أنها غير عدائية”
ومن جهته، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن القوة الأممية المكلفة بمراقبة فض الاشتباك (يوندوف) أبلغت المسئولين الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكا لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك”، وأوضح أن القوات الإسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في ثلاثة أماكن
وكانت الأوندوف قد أفادت بأن جيش الإسرائيلي دخل منطقة الفصل، وانتشر في مواقع رئيسية، بما في ذلك في جبل الشيخ وما لا يقل عن تسعة مواقع أخرى داخل منطقة الفصل، وموقع واحد شرق الخط برافو يُعرف باسم “تلة الدبابات”.
وردا على سؤال حول تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي قال فيها إن القوات الإسرائيلية ستبقى في المنطقة العازلة حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر من شأنه أن يحافظ على أمن إسرائيل، قال السيد دوجاريك إن وجود القوات الإسرائيلية في منطقة الفصل يشكل انتهاكا لاتفاق فض الاشتباك. وأضاف: “هناك اتفاق، ويجب احترامه. الاحتلال هو الاحتلال. سواء استمر أسبوعا أو شهرا أو عاما، فإنه يظل احتلالا”
إن قرار إسرائيل وقف العمل ب ” فض الاشتباك ” واحتلال أجزاء من الجنوب السوري يشكل خرق فاضح لقرارات الأمم المتحدة واعتداء على السيادة الوطنية للدولة السورية ويعرض أمن وسلامة المنطقة للخطر ومن شأن تكريس إسرائيل احتلالها لمناطق في الجنوب السوري كسلطة أمر واقع خلق بؤر جديده للصراع مما يتطلب سرعة الانسحاب من كامل الأراضي التي احتلتها واحترامها للاتفاقيات الدولية واتفاقية فض الاشتباك