رئيسيالافتتاحيه

الشرق الأوسط الجديد ليس  كما يريده نتنياهو

الشرق الأوسط الجديد ليس  كما يريده نتنياهو

بقلم رئيس التحرير 

حرب الاباده التي يتعرض لها الفلسطينيون هي تجسيد لطموحات إسرائيلية تاريخية في توسيع نفوذ الدولة اليهودية الخالصة وهدفها السيطرة على الأراضي الفلسطينية،ومرجعيتها أيديولوجيا صهيونية، تهدف إلى ضم الأراضي المحتلة، وتحقيق الأمن القومي الإسرائيلي للدولة الأصولية الدينية اليهودية

هذه الرؤية ليست  بالمستجدة ، بل تمتد لعقود منذ قيام دولة إسرائيل، حيث تبنى قادة إسرائيليون مثل “ديفيد بن غوريون” وحتى “نتنياهو” سياسات مشابهة، تسعى لتوسيع حدود الدولة على حساب الفلسطينيين ووجودهم على أرضهم وتدعم الولايات المتحدة ودول غربيه هذا الطموح بالتوسع والتمدد حيث يواصل جيش  الاحتلال الإسرائيلي ، منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 حربه على الوجود الفلسطيني

يرجع هذا التوجه إلى أواخر القرن التاسع عشر، مع ظهور الحركة الصهيونية التي سعت لإنشاء دولة يهودية في فلسطين، معتبرة أن هذه الأرض هي “أرض الميعاد” التي وُعد بها اليهود دينيًا وتاريخيًا.. منذ ذلك الحين، سعت إسرائيل إلى ترسيخ سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، بوصفهما جزءًا لا يتجزأ من الدولة الإسرائيلية، وهي الرؤية التي تعرف بـ “إسرائيل الكبرى”.

في خطابه أمام الكونغرس الأميركي، صرح نتنياهو بوضوح أن “السامرة” و “يهودا” – وهما الاسمان العبريان للضفة الغربية – هما جزء لا يتجزأ من “أرض إسرائيل”.. لم يكن هذا التصريح مجرد تعليق سياسي عابر، بل يعكس إستراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد، تسعى لدمج هذه الأراضي ضمن حدود الدولة، متجاهلة الحقوق الفلسطينية، حيث تكرس إسرائيل من خلال هذه السياسة رؤية مستقبلية تتضمن الضم التدريجي للأراضي الفلسطينية، ما يمهد الطريق لتغيير جذري في الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط.

وتشير بعض التحليلات الإسرائيلية إلى أن رؤية نتنياهو تتجاوز مجرد ضم الأراضي الفلسطينية، فهي جزء من خطة أوسع لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتناسب مع المصالح الإسرائيلية. ويرى المحلل الإسرائيلي “إيال زيسر” أن هذه الخطة تسعى إلى بناء علاقات جديدة مع دول عربية في إطار تحالفات أمنية واقتصادية، تعزز موقع إسرائيل في المنطقة.

العديد من المحللين السياسيين الأوروبيين يعتبرون أن هذه الرؤية الإسرائيلية تمثل تهديدًا للأمن الإقليمي، وقد تقود إلى مزيد من التوترات مع الدول المجاورة، خاصة الأردن ومصر، اللتين قد تتأثران بشكل مباشر من هذه التغيرات الجيوسياسية.

بالتوازي مع هذه الرؤية التوسعية، تعيش غزة حرب إبادة وتطهير عرقي، فضلًا عن الأزمة الإنسانية الخانقة؛ نتيجة الحصار المستمر والعمليات العسكرية الدائمة المتكررة، حتى إنها أصبحت أداة قتل بالتجويع. في شمال غزة على وجه الخصوص، يعاني المدنيون من نقص شديد في المساعدات الإنسانية، حيث تتعرض المستشفيات للحصار والقصف والدمار، ما يفاقم القتل الممنهج جراء ذلك.

ما يمكن التأكد منه، في النهاية، ورغم كل هذا الإجرام غير المسبوق، أن حكومة الإرهاب الإسرائيلية، وراعيها الأمريكي، سيدركان أن الفلسطينيين باقون، وأن لا حلّ (( إباديا)) لقضيتهم، وأن (( الشرق الأوسط الجديد)) لا يقوم من دون حل سياسي لهذه القضية.

الشرق الأوسط الجديد الذي يريده الفلسطينيون والشعوب العربية يختلف بالضرورة عن ذلك الذي يريده نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف الحاكم. والمسافة بين ما يريده الطرفان شاسعة، ولا يمكن تجسيرها بجسور عسكرية مؤقتة، إلا بقبول الطرف الثاني بمبدأ حق تقرير المصير، وحق الفلسطينيين في العيش في دولة فلسطينية مستقلة. وإذا لم يتحقق ذلك، فإن أي شرق أوسط يبرز من هذه الحرب، أو التي تليها، لن يختلف عما كان إلا في تفاصيل صغيرة، يمكن لممحاة محوها.

الحروبُ ليست حلاً، ولن تكون. هذه حقيقة تمتلئ بها كتب التاريخ. وهذا ما يجب أن يتعلمه قادة الكيان الصهيوني  من تجربة السبعين عاماً الماضية وأكثر من الصراع العربي – الإسرائيلي. ذلك أن كل حرب تقود إلى أخرى، طالما بقيت الأسباب.

منذ عام 1948 إلى يومنا، والحروب العربية الإسرائيلية متواصلة. والسلام في المنطقة كان الضحية الأبرز. ومما يلفت الانتباه أن في إسرائيل قوى سياسيةً ترفض القبول والإذعان لقرارات الشرعية الدولية وبمبدأ الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وترى أن الحلول العسكرية هي الحل لفرض شروط الاستسلام وتحقيق امن إسرائيل

الشرق الأوسط الجديد، المعني في تصريح نتنياهو، ليس سوى وجه آخر لعملة قديمة، وسراب سرعان ما يزول. الفلسطينيون تعرضوا طوال تاريخهم لضربات كثيرة موجعة، لكنهم لم يستسلموا. والقادة الإسرائيليون العسكريون منهم والسياسيون لا تخفى عليهم هذه الحقيقة. وعليهم مراجعة الحسابات ،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب