مقالات

الدخول من الأبواب الخلفية -التيار القومي العربي أنموذجاً- بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا -

الدخول من الأبواب الخلفية -التيار القومي العربي أنموذجاً-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
كثرة من الظواهر والأحداث والواقعات البنائية والفكرية،إذا تدخلت فيها عوامل ومعطيات من خارج بنيتها،وتركيبها ومكوناتها،فإنّ الملاحظ والمراقب،لهذا الدخول،يلاحظ على الفور أنّ شيئاً ما حدث في بنية الواقعة التي يراقبها،فتتحول مهمته،البحثية والمعرفية،إلى معرفة أسباب الخلل،في حركة التأثير المتبادل بين مكونات هذه الواقعة،وعندما تشير إليه الدلائل،وتقول له إن الواقعة أتاها أحد العناصر من خارجها،أدى
إلى ماحدث من بلبلة،وتغير في مسار الواقعة.وهذا حال بعض فصائل التيار القومي العربي،عندما وصلت إلى السلطة.وألزمت الناس بإجراءاتها وقوانينها،المنظمة للحياة السياسية والاجتماعية والسياسية،أو قل لأنساق البناء الاجتماعيّ،بالانتماء إلى تنظيمها السياسي،لأنّ في هذا الانتماء فرصة لبلوغ ما تتطلع إليه،إو للقفز من فوق مايعيقها.نقول إن هذا التنظيم،تحول إلى إسفنج يمتص الغث والسمين وفي هذه الحالة،اصبح الدخول من الخلف،ظاهرة طبيعية ومقبولة،لأن بوابة الدخول من الخلف ملكت شرعيتها، وأصبح الانتماء للتنظيم،مفتوح الباب على مصراعية.ولماذا نسميه الدخول من الخلف،لأنه ناقض عملية الانتماء وشروطه،المتمثلة بالنضال والمجاهدة.وبفعل ظاهرة أخرى،هي ظاهرة المزايدة،التي يبتدعها العطشى للمناصب والمغانم،ولمن يبحث الفرص والمنافذ،التي ينفذ منها،إلى مايريد،وقد مثلت ظاهرة اليسار الطفولي،أو قل اليسراوية،المصنعة قوالبها،من قبل مجموعة من المغامرين،أو الشطار ،والنطاط،هؤلاء الذين يستدعون من خارج تنظيمهم،أهل النطاط الفكرية،في أحزابهم التي انشقوا عنها،ليأتوا لهم بقوالب فكرية،وأطروحات تتناسب مع أميتهم الفكرية،وطمواخاتهم ،المجبولة بانانياتهم المريضة بالعظمة الجاهلية.
إذن الدخول من الخلف،في التيار القومي العربي،ابتليت به بعض الفصائل،فجرها إلى الانقسامات،والصراعات والتآمر،وترك الباب مفتوحاً للدخول من الخلف،وإلاّ فلينظر أهل المعرفة والتجربة،في بحثهم وتحليلهم للركود السياسي والفكري الذي يعيشه ويحياه التيار القومي العربي،بعيداً عن هموم الشارع العربي،وانعزالاً عن حركة هذا الشارع،هل يعقل بحجة الظروف،و….إلخ أن يبقى في إعلى سلم التنظيم،قيادات أكل عليها الدهر وشرب،وتجاوزتها الأحداث والمعطيات،تجاوزاً،مخيفاً،قد يؤدي إلى خروج هذا الفصيل أو ذاك من ساحة النضال.
وأذكر بهذه المناسبة،أن في عام 1966 كنت قادما مع بعض الأصدقاءإلى معان من أحد الأقطار العربية،وكنت وقت ذاك أجلس. إلى جانب السائق ،وكانت العتمة تغطي كل ما يحيط بنا،وفجأة سمعت صرخة تهديد :
قف.
سألت السائق ماذا حدث؟
ةأجاب:دخلنا معان من خلفها ونحن الاَن في حضرة الثكنة العسكرية.
اَتي بهذه الحادثة العبرة لأقول؛هناك مجموعات دخلت إلى التيارات الفكرية من الخلف فزرعت زرعا مقلوبا على قفاه.وهناك من دخل إلى السياسة في وطننا العربي وحول الانتفاضة إلى ثورة،والمعارضة الى احتياط للانظمة ،أو إلى أتباع .وأخذت مقولة:ربيع براغ وألبستها للوطن العربي ،فتحول الربيع إلى خريف،ودخان بلا نار أو إلى ضباب.وهكذا دخل الوطن العربي في متاهات لا أول لها ولا اَخر.
رحم الله تلك العجوز التي حكت لي حكاية :جعيص ومعيص وأنا.أسألها عن ابنها الذي حضرت لأزوره فأخبرتني أنه تم اعتقاله.وأردفت: أن سائقه واَذن مكتبه قاما بالاعتداء عليه لينال كل منهما شهادة حسن سلوك من ولي الأمر.وجعيص ومعيص عنوان الباب الخلفي للدخول المغلوط إلى الأحداث وإلى الفكر وإلى الاقتراب من صاحب الأمر والسلطان.
نحن في زمن جعيص ومعيص.
ملاحظة الصديق الذي كنت بصدد زيارته كان رئيس بلدية مرموقة في بلده في إحدى العواصم العربية،وكان يدرس معنا في جامعة القاهرة في كلية التجارة.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب