مفاوضات حقوق «لطوائف السورية»: لا مرجعية موحدة للعلويين
مفاوضات حقوق «لطوائف السورية»: لا مرجعية موحدة للعلويين
تصاعدت، خلال الأيام الماضية، وتيرة الاحتجاجات التي قادها أبناء الطائفة العلوية في مناطق متفرقة في سوريا، وذلك على خلفية انتهاكات تعرّض لها أشخاص من تلك الطائفة أو مقدّسات تخصّها. وإذ أدى هذا التوتر إلى انجرار البعض نحو استخدام السلاح، وسقوط قتلى في صفوف المحتجّين كما القوات التابعة لـ”إدارة العمليات العسكرية”، فهو أثار مخاوف من حمام دمٍ يجدّد الحرب الأهلية في هذا البلد.
وفيما يدافع البعض عن حقّ العلويين في الاحتجاج، يدعو آخرون إلى الهدوء “حفظاً للأرواح”، والذهاب إلى تفاهمات تحمي حقوق الطائفة ومقدّساتها. وعلى هذه الخلفية، سارع بعض رجال الدين العلويين إلى تشكيل وفد من الوجهاء لمقابلة مسؤول الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وذلك بناءً على دعوة من هذا الأخير، لمناقشة هواجس أبناء الطائفة العلوية، والاستماع إلى مطالبها. غير أن غياب مرجعية واضحة متّفق عليها تمثّل العلويين، أثار شكوكاً في نجاعة تلك النقاشات.
وفي هذا الإطار، يقول غسان علي (مهندس 27 عاماً)، في حديث إلى «الأخبار»: “لا أريد أن يمثّلني رجال الدين، بل مثقفون وسياسيون قادرون على إدارة حوار وطني بعيداً من الأساس الديني، بحجّة حماية الأقليات. لا نريد أن يكون التمثيل في سوريا مبنيّاً على أساس الدين والطائفة، فنحن كشباب من الطائفة العلوية، كغيرنا من الشباب السوريين، مطلبنا أن تكون سوريا دولة مدنية لجميع السوريين والسوريات، لا مكان فيها لفاسد أو مجرم”.
ثمّة آمال معلّقة على أن يكون رجال الدين العلويّون صمام أمان، كلٌّ في منطقته
وترى رحاب إبراهيم (صحافية 40 عاماً)، من جهتها، أنه “في ظلّ هذه الظروف، من المهمّ أن يكون صوت رجال الدين والوجهاء مسموعاً من قِبَل أبناء الطائفة، لمنع الانجرار إلى الفوضى والخراب”. وتقول، لـ«الأخبار»: “يجب تشكيل مجلس أعلى للطائفة العلوية يضمّ وجهاء وكوادر علمية ودينية من أصحاب العلم والمؤهلات والسمعة الطيبة المقبولين في مناطقهم، بحيث ينقلون إلى القيادة الجديدة هموم الطائفة بشكل صحيح وسليم، بعيداً من التلميع”، مضيفة أنه “يجب محاسبة كل من قام بانتهاكات بحقّ الطائفة، والعمل على تحسين الواقع المعيشي والاجتماعي لأبنائها الذين ظلموا كثيراً في عهد النظام السابق وبعد سقوطه، بحيث حُمّلوا كلّ أخطائه من غير وجه حقّ”.
في خضم ذلك، تعلو أصوات مطالبة بعدم التعامل مع السوريين كطوائف، كون هذا التعامل من شأنه أن يعزّز الشرخ الطائفي مرة أخرى. وفي السياق، يجد يوسف الحيدر (ناشط مجتمعي – 41 عاماً) أن “مثل هذه التظاهرات ذات اللون الواحد، ومثلها البيانات والدعوات واللقاءات التي تتمّ على أساس الانتماء إلى الطوائف والأديان، تزيد التقسيم بين السوريين وتعزّز التفرقة في ما بينهم”. ويقول، لـ«الأخبار»: “سوريا الجديدة يجب أن يكون فيها الجميع متساوين في الوطنية، ولكلّ منهم دينه ومعتقداته، والعمل اليوم على تحقيق السلم الأهلي بمساعدة كل السوريين”.
مع ذلك، ثمّة آمال معلّقة على أن يكون رجال الدين العلويون صمام أمان، كلٌّ في منطقته، لعدم تطوّر الأوضاع نحو الأسوأ، لكن المشكلة تكمن، بحسب البعض، في غياب مرجعيات دينية فاعلة وجامعة. ويوضح محمد الخيّر (من عائلة أهم المراجع الدينية في محافظة اللاذقية) أنه “ليس لدى الطائفة مرجع منذ الاحتلال الفرنسي، وازداد الوضع سوءاً عندما حارب النظام السابق رجال الدين الحقيقيين ومنع اتّحادهم وقتل العديد منهم في أوائل الثمانينيات، من مِثل الدكتور المهلب حسن، والشيخين أحمد عيد الخيّر وحمدان الخيّر”. ويقول، لـ«الأخبار»: “تحتاج الطائفة اليوم إلى فترة تعافٍ من منظومة القمع السابقة وتشويه القيم الممنهج طوال العهد السابق. وتمثّلها حالياً، على الصعيد الديني، مجموعة من المشائخ الأجلّاء كلٌّ في منطقته، وكل منهم يمكن أن يمثّل الطائفة ككلّ، فالهواجس والمطالب واحدة، وقريباً سيكون هناك مؤتمر لأبناء الطائفة لانتخاب هيئة تمثيليّة لهم، كأيّ جماعة دينية أخرى، والتوافق على وفد للقاء الشرع”.