على مدار عام ونصف من الحرب الإسرائيلية معالم غزة الأثرية تحولت إلى كومة رماد
على مدار عام ونصف من الحرب الإسرائيلية معالم غزة الأثرية تحولت إلى كومة رماد
إسماعيل عبدالهادي
تعرضت كافة معالم غزة التاريخية إلى دمار كامل جراء حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تعمد الاحتلال وبشكل همجي قصف وتجريف مناطق متفرقة من محافظات قطاع غزة، تضم غالبية كبيرة منها العشرات من المواقع الأثرية، لاسيما المواقع التي توجد في البلدة القديمة وسط قطاع غزة، والبالغ عددها قرابة 280 موقعا ومعلما أثريا.
وتعتبر غزة القديمة الواقعة جنوب شرق المدينة، منطقة الرموز التاريخية العريقة التي تضم العديد من المواقع الأثرية، منها مساجد ومنازل وكنائس ومقابر وحمامات، وتعاقبت عليها الكثير من الحضارات، ومنها الكنعانية والرومانية والبيزنطية وغير ذلك من الحضارات، ونتيجة لجمال هذه المنطقة معماريا باتت مزارا للمؤرخين، وحتى الزوار العرب والأجانب.
ومن أبرز المواقع الأثرية التي تعرضت للتدمير المتعمد من قبل الاحتلال، وسبب تدميرها استياء وغضبا لدى الغزيين الذين يعتبرون تلك المواقع شاهدة على تاريخ فلسطين وغزة عبر العصور، كما أن بعض هذه المواقع كالمساجد والحمامات والمنازل، كانت تشهد توافدا يوميا عليها من قبل الغزيين، بعد أن تم ترميمها وجعلها صالحة لاستقبال المواطنين.
المسجد العمري الكبير
يقع المسجد العمري الكبير في حي الدرج شرقي مدينة غزة، ويعتبر من أقدم المساجد في قطاع غزة وأنشئ سنة 1344 وسمي بهذا الإسم نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب، ويتمتع المسجد بطابع معماري جميل، ويتكون من 38 عمودا مزخرفا، وكان المسجد سابقا عبارة عن كنيسة شيدها آنذاك أسقف غزة برفيريوس، وتحولت إلى مسجد عندما فتحت غزة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.
يسمى هذا السوق أيضا بسوق الذهب، ويمتد عمره قرابة 500 عام، ويقع في حي الدرج وملاصق من الجهة الغربية للمسجد العمري، والسوق عبارة عن ممر ضيق لا يتجاوز عرضه 4 أمتار وبطول 60 مترا، وعلى جانبي ممر السوق تنتشر حوانيت صغيرة لبيع الذهب، وبالرغم من انتشار محال بيع الذهب في قطاع غزة، إلا أن هذا السوق يشهد إقبالا كبيرا من المواطنين لشراء الذهب والتمتع بجماله المعماري.
قلعة نابليون
قصر الباشا أو ما يسمى قلعة نابليون، تقع القلعة في منطقة الساحة وسط مدينة غزة، وهو عبارة عن مبنى قديم يتكون من طابقين، وتم تشييده في العصر المملوكي، وكان مقرا لحاكم غزة خلال العصر المملوكي والعثماني، ويتميز بكونه حصن من القوة والجمال، ويحتوي على واجهات من نقوش ورسومات مختلفة مثل شعار القائد المملوكي الظاهر بيبرس، ونتيجة للأهمية التاريخية لهذا القصر، قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتحويل قصر الباشا إلى متحف يستقبل الزائرين، لكن الاحتلال دمر المتحف بالطائرات.
يعتبر حمام السمرا آخر الحمامات التي بقيت في غزة، والتي تعود للعهد العثماني قبل أن يدمره الاحتلال بداية الحرب، حيث كان يتمتع بطابع معماري جميل، وتتوسط سقفه فتحات ضيقة مستديرة معشقة بالزجاج الملون، تسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى قاعة الحمام، لتضفي على المكان رونقا وجمالا، كما أن الحمام حافظ على التخطيط المعماري الذي يبدأ بالانتقال التدريجي من المكان الساخن ثم الدافئ إلى البارد. شهد الحمام عمليات ترميم بهدف الحفاظ عليه.
كنيسة القديس بريفريوس الأرثوذوكسية
تعتبر الكنيسة الواقعة في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة ثالث أقدم كنيسة في العالم، وسميت بهذا الإسم نسبة إلى القديس برفيريوس الذي دفن فيها، وتتمتع الكنيسة بطابع معماري جميل، تسر أنظار الزوار بجمال زخارفها ولوحاتها الفنية العتيقة والأيقونات التي تزين سقفها وجدرانها بالرموز المسيحية، وتعرضت الكنيسة للتدمير وتحولت إلى كومة من الرماد، بعد قصفها من قبل الاحتلال الإسرائيلي أثناء تواجد عدد من المسيحيين النازحين بداخلها.
ويوجد العديد من المنازل الأثرية في منطقة غزة القديمة، ويقدر عددها 146 بيتا، حيث تتركز هذه البيوت في حي الدرج والزيتون والشجاعة، وتعود ملكية هذه المنازل لعائلات سكنت البلدة القديمة إبان الحقبة العثمانية والمملوكية، وتتمتع هذه المنازل بطابع بناء جميل يتكون من الحجر الرملي والكركار، وباتت مقصدا للزوار بعد أن تحولت إلى مقاهي ومطاعم، غير أن هناك العشرات من المنازل تركت من دون ترميم، ومن أشهر المنازل القديمة التي كانت توجد في البلدة القديمة:
بيت ستي: يعتبر هذا البيت من البيوت الأثرية القديمة التي توجد في حي الزيتون جنوب شرق غزة، ويعود إلى ما قبل أربعة قرون من الزمن، والبيت مبني من الحجر الصلب المخلوط بالرمل والكركار، ويتميز بناؤه بالطابع العربي كحال منازل البلدة القديمة، وأجريت عليه العديد من عمليات الترميم والتنظيف والصيانة بعد أن ترك لسنوات مهجورا، وأصبح بعد عملية ترميم واسعة نهاية عام 2016 مزارا سياحيا ومطعما يستقبل الزوار، وأطلق عليه اسم بيت ستي، لكن لم يعد هذا المنزل موجودا، بعد أن تحول إلى كومة رماد بفعل آلة الحرب الإسرائيلية.
بيت الداية: يعتبر قصر الداية ثاني أكبر البيوت الأثرية من حيث حجم البناء ومساحة أرضه. يقع بجانب قصر الباشا، ويتميز البيت الذي يعود للحقبة العثمانية بطابع معماري جميل، إلى جانب وجود لوحات فنية تعكس الثقافة المحلية والحياة الاجتماعية، وكان يستقبل العديد من الزوار، إلى جانب إقامة أمسيات ثقافية داخله، لكنه تعرض للتدمير ولم يعد هناك أي أثر له. بيت الغصين: بيت الغصين من المنازل الأثرية القديم شيد أواخر الحقبة العثمانية، ويقع في حي الدرج وسط مدينة غزة، ويضم البيت إيوانا كبيرا وعددا من الغرف، تم ترميم المنزل قبل عامين، ليصبح مقصدا للزوار التواقين لمشاهدة فن العمارة الإسلامية القديم والتمتع بالزخارف والطابع المعماري الذي شيد به المنزل.
بيت حتحت: هو من البيوت الأثرية التي شيدت خلال الحقبة العثمانية، ويقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بناه الحاكم إبراهيم حتحت وهو كردي الأصل في القرن الثامن عشر الميلادي، ويضم البيت عددا من الغرف وساحة كبيرة، وتم ترميمه مؤخرا واستخدمته جمعية مبرة الرحمة لرعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن تبرع مالك البيت للجمعية.