الصحافه

بعد العملية الجراحية: نتنياهو يبحث “سند حياته”.. والأطباء: “هل ننجو من “الشاباك”؟

بعد العملية الجراحية: نتنياهو يبحث “سند حياته”.. والأطباء: “هل ننجو من “الشاباك”؟

رجل ابن 75 يصحو من عملية جراحية. الغرفة باردة، شبه مجمدة. الحيطان البيضاء تذكره بالموت. عندما يفتح عينيه يتوقع أن يرى الإنسان الأعز عليه. “سند حياتي” هكذا دعاها مؤخراً. سند حياتي، شيء ما يقال في التأبين. ربما، بالكاد، في يوم ميلاد مدور. ليس في شريط مسجل للأمة.

يتذكر أنه ليس هناك. راح السند. يستطلع الغرفة بألم. ها هو الشاب الذي دائماً ينسى اسمه من وحدة حراسة الشخصيات. وجهه مكفهر. ماذا يعني هذا؟ ومن حوله الأطباء. هم يبتسمون، لكن ابتسامتهم ناشفة. هل فحصوا قبل العملية الجراحية ما الذي يغرد به كل منهم في الشبكة؟ أين كان في ليلة غالانت؟ أنا لا أثق بفحوصات “الشاباك”، خصوصاً عندما يدور الحديث عني، وعن فحوصات بريفرمان. سارة، أين سارة.

حقاً، أين سارة. في فترات ولاية رؤساء وزراء سابقين، يكاد يكون مثل هذا السؤال غير مشروع. زوجة رئيس الوزراء هي مواطنة خاصة. سؤال أين هي وماذا تفعل لم يشغل إلا بال صفحات المجتمع. السؤال أين هي لم يكن ولم يطرح على الإطلاق. لكن نتنياهو حشر زوجته في مركز المنصة. انظروا، مثلاً، شهادته في المحاكمة، ومن يبرز بغيابه في مركز المنصة.

سكان في القدس لاحظوا في الأسابيع الأخيرة أن قافلة رئيس الوزراء تشق طريقها نحو هداسا عين كارم في ساعات الليل المتأخرة. شائعات أغرقت المدينة. مريض؟ بماذا؟ بأي قدر؟ إذا كان هذا ورماً حميداً فلم الهلع؟ مكتب رئيس الوزراء الذي درج كل بضع ساعات على نشر بيانات للجمهور، قضى على نفسه بالصمت. الآن، بفضل توجه محاميه إلى المحكمة، نعرف على ماذا ولماذا. أو لا نعرف. كل ما يحصل حول هذه العائلة يخلف وراءه أسئلة أكثر مما يخلف إجابات.

السياسيون لا يحبون إشراك ناخبيهم بمشاكلهم الصحية. فرانكلين دلانو روزفيلد، انتخب رئيساً أربع مرات (القانون الذي أتاح هذا ألغي بعد موته). مرض شلل الأطفال الذي عانى منه شل أسفل جسده. الأمريكيون لم يعرفوا، العالم لم يعرف: المصورون لم يصوروا، والصحافيون لم ينشروا. وبعد عشرات السنين، عندما نالوا موافقة العائلة، كان ممكناً وضع نصب له، يجلس على كرسي المعوقين، في نصب تذكار بني على شرفه في واشنطن.

توقعات الجمهور تغيرت منذئذ؛ كما أن وسائل الإعلام تغيرت هي الأخرى. على الرغم من ذلك، ضلل الرئيس بايدن الجمهور على مدى أشهر حول أهليته لولاية أخرى. وكان الأطباء شركاء في التضليل: وسائل الإعلام عرفت وصمتت. سحابة مشابهة تحوم فوق ترامب: هو ابن 78 ونصف. بزعمه، لا يوجد من هو أكثر صحة منه في العالم كله. حضوره على المنصات جسدياً، فعلياً، لكن الشائعات تروي قصة أخرى تمامًا.

الإسرائيليون لم يعرفوا عن أمراض غولدا مئير، ولا عن أمراض مناحم بيغن. كما لم يعرفوا عن أمراض أرئيل شارون: الأطباء بلغوا، لكن تقاريرهم عكست الأماني، ولم تصف وضع المريض تماماً. بعد ذلك انكشفت المشكلة، عندما وقع المريض المعافى بهذا القدر في السرير الذي لم ينهض منه. من يؤمن أن الجمهور سيحصل على الحقيقة في حالة نتنياهو، يمكنه مواصلة الإيمان. لكن هذه ليست النقطة.

النقطة أن نتنياهو قنبلة طاقة. خذوا الأيام الأخيرة كمثال. يتبين أنه عانى هذه الأيام من التهاب في المسالك البولية، مشكلة لا يموت الناس منها، لكنها بآلام رهيبة. أعطاه الأطباء مضادات حيوية. الدواء يتسبب بالضعف. لكن هذا لم يمنعه من أن يجدول كامل أعماله، ويمثل أمام محكمة تل أبيب، ويبقى في الكنيست لساعات، ويجري مداولات أمنية، ويلتقي شخصيات أجنبية، ويصور دعايته الخاصة بأشرطة بث. مهما كانت مشاكله الصحية، فهو رجل قوي من ناحية جسدية، يبدي حيوية استثنائية. شبان أكثر شباباً منه كانوا سيجدون صعوبة في التنقل بين شهادة كمتهم في المحكمة، وخطاب في الهيئة العامة، وبحث أمني مغلق وطبخة مؤامرة سياسية. هو يدفع الدولة نحو الهاوية، لكنه يفعل هذا بكثير من القوة.

كيف يقوم بكل هذه الأمور معاً؟ ظاهراً هناك إمكانيتان: إما أنه مؤهل جداً أو يخادع. وربما، في حالته هذا وذاك. فهو في كل مكان، لكنه في أحيان بعيدة ينهي الموضوع. قد يظهر تحكماً في كل موضوع، لكنه لا يركز أساساً إلا على نفسه. شخص شاهده عن كثب في جلسات الكابنت والحكومة أسمى سلوكه: “حارة”. جدول الأعمال يصل إلى الوزراء في اللحظة الأخيرة، ويتغير في أثناء المداولات. يتحدثون كثيراً؛ يقررون قليلاً. الساعة ليست ساعة؛ المداولات ليست مداولات. وعندما يقول “لم أعرف” أو “لا أتذكر” فهو يكذب. في سلوك الحارة مثل سلوكه، يمكن لمعلومات جوهرية أن تضيع على الطريق.
لا يتبقى لي غير أن أتمنى له الشفاء العاجل، بلا آلام، بلا ضر، وأن تعود العقيلة من ميامي، فرحة ومرحة.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 30/12/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب