بعد أحدث إذلال.. هل ينتهي شهر العسل بين نتنياهو وبن غفير؟
بعد أحدث إذلال.. هل ينتهي شهر العسل بين نتنياهو وبن غفير؟
القدس المحتلة: يناكف وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرّف إيتمار بن غفير من حين إلى آخر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (75 عاما). ولكن لكليهما مصلحة واحدة هي بقاء الحكومة اليمينية، فسقوطها ربما ينقلهما إلى صفوف المعارضة.
ولوح بن غفير، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، مرارا بإسقاط الحكومة حال معارضها مطالبه، وخاصة عدم إبرام اتفاق لتبادل أسرى ينهي الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أسفرت هذه الإبادة بدعم أمريكي عن نحو 154 ألف شهيد وجريح فلسطينيين في غزة، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
ولكن في الأيام الماضية ذهب بن غفير بعيدا، حين قرر أن يصوّت حزبه ضد مشاريع قوانين الميزانية التي تقدمها الحكومة في الكنيست (البرلمان).
ويعود ذلك إلى خلافات مع وزير المالية، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، لعدم تخصيصه ميزانيات أكبر للشرطة التي تقع تحت إمرة بن غفير.
موقف بن غفير أجبر نتنياهو، الثلاثاء، على مغادرة المستشفى حيث يتعالج من استئصال البروستاتا، إلى الكنيست لضمان التصديق على أحد مشاريع الميزانية، وهو ما حصل فعلا.
وقال الكنيست، في بيان، إنه صدّق على مشروع قانون النجاعة الاقتصادية (الضرائب على الأرباح الموزعة) بأغلبية 59 عضوا (من أصل 120) مقابل رفض 58 عضوا.
الائتلاف في خطر
ولدى الحكومة، القائمة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022، 68 مقعدا بالكنيست، بينها 6 لحزب بن غفير.
ويلزم الحكومة 61 مقعدا على الأقل للحفاظ على بقائها، ولكن يرى مراقبون إسرائيليون أن نتنياهو حريص على الحفاظ على بقاء كل أحزاب الحكومة رغم الخلافات.
إلا أن قياديين بحزب “الليكود” اليميني بزعامة نتنياهو أخذوا على بن غفير إجباره رئيس الوزراء على مغادرة المستشفى للمشاركة في التصويت الذي استغرق ساعات قبل عودته إليه.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) الثلاثاء، إن “الطاقم الطبي في مستشفى هداسا بالقدس استغرب قرار نتنياهو مغادرته، وحذروه من أنه قد يعرض حياته للخطر”.
وعلق بن غفير، عبر منصة “إكس” الثلاثاء، قائلا: “آلمني كثيرا أن أرى كيف يقوم سموتريش بسحب رئيس الوزراء الذي نحبه جميعا من فراش المرض بسبب غروره ورفضه إجراء أي مفاوضات معي”.
إلا أن نتنياهو رد على بن غفير، عبر إكس، الثلاثاء، وحذره من أنه يقوض الحكومة.
وقال نتنياهو: “أتوقع من جميع أعضاء الائتلاف (أحزاب الحكومة)، بمَن فيهم الوزير بن غفير، أن يكفوا عن هز الائتلاف وتعريض وجود حكومة اليمين للخطر”.
واعتبر أن هذا يحدث “في لحظة حاسمة من تاريخ إسرائيل. ومن الممكن والمطلوب سد الفجوات في الائتلاف دون زعزعته، وهذا ما سنفعله”.
والأربعاء، رد بن غفير بقوله لإذاعة الجيش: “أنا أقاتل من أجل مبادئ الحق، بينما هناك مَن يفضل الصراخ في أستوديوهات التلفزيون. لو أراد نتنياهو لتم حل الأزمة”.
مصير بن غفير
وعلى الرغم من الخلافات ودعوات أعضاء في “الليكود” إلى إقالة بن غفير، لا توجد مؤشرات على أن نتنياهو اتخذ بالفعل قرارا بإقالته.
وقال وزير التعليم (ليكود) يوآف كيش لإذاعة جيش الاحتلال الأربعاء: “إذا واصل بن غفير التصويت ضد قوانين الحكومة، فسيعني هذا عدم وجوده في الائتلاف”.
كما وجَّه نواب من حزب “الصهيونية الدينية”، الأربعاء، انتقادات إلى بن غفير.
وقال عضو الكنيست أوهاد تال لإذاعة الجيش: “مَن يجب أن يرحل (من الحكومة) هو بن غفير الذي يقود الائتلاف إلى الجنون”.
وأضاف: “ذهب خطوة أبعد من اللازم في الاستفزازات (…) إلى أي مدى يمكن أن يذهب؟”.
واعتبر عضو الكنيست من الحزب نفسه تسفي سوكوت، في تصريح للإذاعة، أن “الخلافات بشأن الميزانية منطقية، لكن لا ينبغي أن يحدث مثل هذا”.
وأردف: “أعرف بن غفير منذ سنوات، لديه مسؤوليات ولا يريد الإطاحة بالحكومة”.
إذلال نتنياهو
لكن المعارضة الإسرائيلية اعتبرت أن بن غفير يواصل إذلال نتنياهو، مشددة على أن الأخير ضعيف وجبان ومتردد.
وقال عضو الكنيست من تحالف “الديمقراطيون” المعارض غلعاد كاريف، عبر منصة “إكس” الثلاثاء: “نتنياهو يتعرض للإذلال من بن غفير مرارا وتكرارا”.
ومشيرا إلى ضعف نتنياهو، تساءل: “كيف سيهزم أعداءنا؟ وكيف سيعيد المختطفين (الأسرى في غزة)؟ وكيف سيتعامل مع القضية النووية الإيرانية؟.. كان جبانا ومترددا ويظل جبانا ومترددا”.
وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، وتقدر وجود 100 أسير إسرائيلي في غزة، فيما أعلنت حركة “حماس” مقتل عشرات منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
ومنتقدا نتنياهو، قال زعيم المعارضة يائير لبيد عبر “إكس” الثلاثاء: “2024 انتهت بإحضارك من المستشفى لتنظر إلى بن غفير وهو يسخر منك”.
وقال زعيم تحالف “الديمقراطيون” المعارض يائير غولان، لهيئة البث الثلاثاء: “المختطفون يهمون بن غفير مثل قشر الثوم، ما يهمه هو الانتقام وبالطبع ضم قطاع غزة وإقامة مستوطنات جديدة هناك”.
وزاد أن “هذه الأهداف ضد مصلحة الدولة ومواطنيها، وستؤدي لمقتل جميع المختطفين. استخدمنا قوة غير مسبوقة وتسببنا بدمار غير مسبوق وخسائر هائلة (بغزة)، ولم يتم إطلاق سراح المختطفين بعد”.
لا يستحق الشفقة
“نتنياهو جلب على نفسه لعنة بن غفير ولا يستحق أي شفقة”، هكذا علق المحلل السياسي بصحيفة “هآرتس” العبرية يوسي فيرتر الأربعاء.
وتابع: “رئيس الوزراء، وهو يهودي يبلغ من العمر 75 عاما خضع للتو لعملية جراحية لإزالة البروستاتا، تم نقله من المستشفى إلى البرلمان، ليس بسبب المعارضة، ولكن بسبب شريك متمرد في الائتلاف لا يعرف الرحمة”.
واستطرد فيرتر: “بدا نتنياهو متألما وشاحبا وكان يجد صعوبة في الجلوس والوقوف وبالكاد يصعد وينزل الدرجات الثلاث للمنصة”.
واستدرك: “لكنه (نتنياهو) لا يستحق الشفقة، وبالتأكيد لا يستحق التعاطف. جلب هذه المتاعب لنفسه عندما أحضر إلى الائتلاف والحكومة مجرما وطفلا ومتعجرفا وعنيفا ووقحا هو بن غفير”.
كما “لا يستحق نتنياهو الرحمة لأنه تنازل مرارا عن شرفه وشرف منصبه، عندما سامح بن غفير على سلسلة من التمردات والتصويتات ضده، أي رئيس وزراء يحترم نفسه كان ليطرده. لكن لا تقلقوا، هذه المرة أيضا لن يطرده”، وفق فيرتر.
وأكمل أن “نتنياهو لا يستحق الرحمة لأنه لم يكن هناك في تاريخ إسرائيل زعيم قاسٍ وساخر مثله”، وفق قوله.
وأردف: “حتى بعد 15 شهرا (من الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة)، يرفض بعناد إنهاء الحرب وتخلى عن الرهائن حتى الموت للحفاظ على ائتلافه سليما وكذلك للحفاظ على نفسه مختبئا بأمان في مكتب رئيس الوزراء”.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
(الأناضول)