مقالات
في مفهوم الشخصية العربية الفلسطينية الغزاوية* -رؤية ثقافية أنثروبولوجية- بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا -
في مفهوم الشخصية العربية الفلسطينية الغزاوية* -رؤية ثقافية أنثروبولوجية-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
البحث في قضايا الشخصية الاجتماعية،أخذ وقتاً طويلاً من العلم الاجتماعي،بشكل عام،والدراسات الأنثربولوجية بشكل خاص،ومن أهم الإشارات المنهجية،إلى الشخصية،نجده عند العلامة العربي ابن خلدون،وهو يكتب عن البداوة وثقافة البداوة،والشخصية البدوية،وكانت إفكاره ومحدداته عن هذه الشخصية،مدخله للقول في الشخصية الاجتماعية العربية،في زمانه ومكانه.
لن ندخل في تأريخ الدراسات الأنثروبولوجية،التي تناولت الشخصيّة الاجتماعية،ولن نقترب من المناهج والمدارس،التي أبحرت في دراسة الشخصيات الاجتماعية،كما هي في أممها وشعوبها،وأرضها وزمانها.
أحببنا،أن نسجل ذلك لنملك الشرعية المنهجية، والإشارة، إلى أن هذه الدراسات ،وما قرأته منها،وبحثت فيها،كانت عوناً وحافزاً لي لأن يكون موضوع الشخصية ومقوماتها ومحدداتها الثقافية،في فكر البعث،موضوعا لأطروحة دكتوراه،واصعاً أنموذجاً لها ،كما أراه واستخلصه من شخصية الجيل العربي الجديد،التي أتت في فكر البدايات،عند أستاذنا ميشيل عفلق،وسجلت عنوان هذه الدراسة ومخططها،ومراجعها تحت إشراف أنور عبد الملك،الذي أشرف على بحثي في الدبلوم،تحت عنوان العلاقة الجدلية،بين الثقافة والشخصية،لكن سفر الدكتور أنور محاضرا إلى جامعة في طوكيو،فوت علي هذه الفرصة.
ماعلينا،يكفي ماذكرته اعلاه يكون مسوغا منهجيا،كما أسلفت،لدراسة الشخصية الاجتماعية العربية الغزاوية.
وكيف لي وأن أقول قولاً سليماً ومنهجياً في هذه الشخصية،وأنا أبعد مسافة عن غزّة ؟
سؤال مشروع منهجياً،وتسعفه في أن علم دراسة الشخصية،في الأنثروبولوجيا،يمكن أن يكون عن قرب وبعد،وهذا شأن العديد من الدراسات الأنثروبولوجية،التي تمت عن العديد من الشخصيات الاجتماعية،منقادة بمنهج ثقافي يقول:قل ماهي ثقافتك،أقول من أنت.
وهذا حالنا مع دراسة الشخصيّة الاجتماعية العربية الغزاوية،
ولكن ماهي الوسائل والآليات التي التي نعتمدها في هذه الدراسة،وهل هي مالكة للمنهج الأنثروبولوجي؟
في كتابنا،التحليل الأنثروبولوجي للأدب العربي”الرواية السورية أنموذجاً”-سلسلة دراسات (10)-2010-إتحاد الكتاب العرب-دمشق” اعتمدنا المشاهد،بداية من توضيحنا ل:” أهمية المشاهد في التحليل الأنثروبولوجي للرواية-ص114-وص118-وعدد المشاهد12 مشهداً من 118-127-“
من متابعة دقيقة للعدوان الصهيوني على غزّة،ومساندة مطلقة للبؤر الصهيونية الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية،وأكثر الدول الأوروبية،كنت التقط المشاهد من خلال الحياة اليومية في غزة،التي تتناقلها المحطات الفضائية،في الصورة والكلمة.
المشهد الأول سيدة غزاوية تبحث عن أشلاء أفراد عائلتها،وهي تلتفت يمنة ويسرة،وبقوة أعصاب،وإيمان بالله قائلة:الحمد لله..الحمد لله.
المشهد الثاني غزاوي يضرع بأعلى صوته،وكما يقول المثل العربي:من قحفة راسو:يا ألله..يالله وصدى صوته في الفضاء في احتجاج وليس استغاثه لمن يسمعه من حكام العرب.
المشهد الثالث لطفلة غزاوية تمشي حافية حاملة على ظهرها شقيقها،وهي متعبة،لأن من في عمرها،وهي في حالتها هذه تحتاج إلى من يحملها،ويسألها فاعل خير وين رايحه،وشو شايله على ظهرك،وتجيبه وكانّها فاقت في العمر ال40 عاماً أبحث عن أكل لأخي.
المشهد الرابع شيخ تجاوز العقد السابع،وشاهده جسمه المتعب بالزمن،وذقنه البيضاء،يجلس على أحجار بيته،قائلاً بيتعمر بإذن الله.
المشهد الخامس طفلة حلوة الشكل بنت السابعة أو الثامنة تستند إلى الحائط،ويسألها فاعل خير:شو بتعملي،وتجيب بثقة عالية،يسمونها بالأدب الشعبي :أخت الرجال.:واقفة،ويفهم من كلام فاعل الخير بإنها فقدت عائلتها،ويبقى على وجهها المتعب من وحشية العدوان الصهيوني،علامات وإشارات الثأر والانتقام.
المشهد السادس،مقاتل غزاوي وداخل بيت مهدم يفترش السجادة ليصلي.
المشهد السابع.الصلاة جماعة على أرواح الشهداء الملفوفة أجسادهم بالقماش الأبيض،ويسريان منها،إنّ أكثرهم من الأطفال.
المشهد الثامن طفلة تنزح الماء من أمام خيمتها ،وهي حافية.
المشهد التاسع المكان الذي استشهد فيه السنوار يحكي حكاية أمة فيها من خالد بن الوليد وحتى السنوار،لايمكن إلاّ أن تنتصر وتبلغ دورها الحضاري.
عن سؤال وماذا نستخلص من هذه المشاهد عن الشخصيّة الاجتماعية العربية الغزاوية.
1-قوة وثبات هذه الشخصية.
2-قوة الإيمان بالله وما يعطيه هذا الإيمان من روح فدائية صابرة مؤمنه.
3-الشجاعة والارتباط بالأرض والقضية الفلسطينية.
4-الإيمان بالمستقبل،وما يهيئ الشخصية الغزاوية للاعتماد على النفس والصبر على البلاء،وبأن تحرير فلسطين آت على طريق المستقبل.
5-قوة الشعور الجمعي والتماسك في الملمات والمهمات.
6–الشخصية الغزاوية شخصية تضامنية تؤمن بالمصير المشترك
7-الأرض عرض في ثقافة الشخصيّة الاجتماعية الغزاوية.
8-الشخصية العربية الغزاوية،قوية في نزوعها ووازعها العربي الإسلامي.
9-الشخصية العربية الغزاوية شخصية عنديه،إذا شاكستها ،زادت عناداً.
10-الشخصية العربية الغزاوية وليدة ثقافة عربية إسلامية،غارقة في عاداتها وتقاليدها وأعرافها،وهي في حالتها هذه تقليدية في الكثير من أدائها الاجتماعي .
هذه هي معالم وخصال الشخصية العربية الغزاوية،التي رأيناها في المشاهد،التي أتينا عليها،واعتمدنا آلية الدراسة عن بعد،ومالها من استحقاقات منهجية،مأذونة في الكثير من الدراسات الأنثروبولوجية الثقافية.*
*عندما نتكلم عن الشخصيّة الاجتماعية الفلسطينية العربية الغزاوية،نتكلم من منظور الشخصية في الأنثروبولوجيا الثقافية التي تقسم الشخصية الرئيسة إلى شخصيات فرعية وطنية وجهوية محلية.فالسخصية العربية شخصية رئيسة،منها شخصيات فرعية مثل المصري والسوري والعراقي…إلخ وكل شخصية من هذه الشخصيات تقسم إلى شخصيات فرعية.هذا الكلام في الشخصية،ومفهومها في العلم الأنثروبولوجي يحتاج إلى تفصيل إوسع في دراسات متخصصة.
د-عزالدين حسن الدياب.