مقالات
الشخصيّة العربية السورية بين هموم الماضي وهواجس المستقبل المشروعة بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا -
الشخصيّة العربية السورية بين هموم الماضي وهواجس المستقبل المشروعة
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب-استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
من أرضية مراقبة الشارع السوري،والتعايش معه،ومحاولة معرفة همومه،نلاحظ بعين الباحث والمحلل،أنّ هذا الشارع عايش لنصف قرن هموم لا أول لها ولا آخر ،وفي مقدمتها،همومه الوطنية والقومية،التي فرضها عليه النظام بسياساته،المتحركة من أرضية حكم مستبد،وحاكم يريد أن يسوّغ المحللات والمحرمات،في سبيل أن يحكم سوريا على هواه،وبعقليته العسكرية الأمنية مدى الحياه.وتمكن هذا النظام من تشكيل وتكوين جُبِلّة الشخصية العربية السورية،بالاعتقال والتصفية الجسدية،والمحاربة بلقمة العيش وتكميم الأفواه،بكل الوسائل والآليات التي لم يعرف التاريخ مثيلاً لها،اللهم،إلاّ مايقوم به الكيان الصهيوني تجاه أهل غزة،أطفالاً ونساء ورجالاً وشيوخاً،وشاهدنا ماتكشف حتى هذه اللحظة،في سجون هذا النظام،وأكثرها إجراما ووحشية سجن
صيدنايا،وأوجد لهذه الشخصية،أقصد جوانيتها،القبول بالقوة الحضور الفارسي الإيراني المليشياًوي،والوجود العسكري الروسي،،لكنّه القبول المشحون بالغضب المكبوت،والكراهيه المجبولة بثقافة الانتقام والثأر.
ناهيك عن ثقافة الفساد التي طالت الكثرة من الناس،وأصبحت للأسف الخلفية التي تقود هذه الكثرة،إلى الحد أنك بالفساد تستلم المناصب،وتذهب في المنح،وتحول الحق إلى باطل،وكان القضاء والعمل بالجمارك،الدرب الذي سلكته الاختراقات الأمنية الأجنبية..وبهذه الحالة الاجتماعية الثقافية التي عاشتها الشخصية العربية السورية،طوال نصف قرن،جبلتها هذه الحالة بهموم،سوغت لها القبول بالتغيير مهما كانت كلفته،لكن هذه الكلفة كانت معصومة،بالسلامة الوطنية العربية.القول في هموم الشخصية الاجتماعية السورية
،الرئيسة(المنوالية) والشخصيات الفرعية،الجهوية وفروعها المشروعة ،يطول الحديث فيها ،ويصعب أن نأتي بمضامينها وإشكالاتها فهذه المهمة،تحتاج إلى مراكز أبحاث متخصصة إذاً؛لتتجه المداخلة صوب هواجس الشخصية الاجتماعية العربية السورية،إنطلاقاً،من قاعدة منهجية،تقول إذا أردت بحث أي موضوع أو واقعة بنائية-نسبة للبناء الاجتماعي-فعليك توضيح معناها،حتى تستطيع القول فيها قولاً سليماً وصحيحا،يستوعب بنية هذه الواقعة.أو تلك الظاهرة.
“هجس الأمر في صدره هجساً:خطر بباله..(الهاجس):الخاطر .
(ج) هواجس..(الهجس) الصوت الخفي،يسمع ولايفهم.-و-:كل مايدور في النفس من الأحاديث والأفكار -“المعجم الوجيز مجمع اللغة العربية- القاهرة-1992-ص645”.
ومايهمنا من معنى الهاجس في هذه المداخلة،الصوت الخفي ومايدور في النفس من أحاديث وأفكارفهواجس الشخصية الاجتماعية العربية السورية،كثيرة ،وهي مايشغل بالها،وحوارها الذاتي اليومي مع نفسها،وهي :
-تعريف المواطنة والوطنية السورية،بناء على مايسجلها تاريخها وثقافتها،هي شخصية اجتماعية سورية عربية،العربية ثقافة وليست جنساً إو عرقاً.والمواطنة السورية مواطنة لكل مكونات المجتمع العربي السوري،لا أقلية فيه ولا أكثرية،تحت حدّ السيف كلّنا سواء،وثقافة هذه الشخصية معروفة طوال تاريخها،ثقافة التنوع،والعيش المشترك،والتساوي في الحقوق والواجبات.
-الديمقراطية التي عرفت بها الحياة السورية غداة الاستقلال،رئيس جمهورية منتخب ،ومجلس نيابي يعكس التنوع في المجتمع العربي السوري.
– الدستور ولنا في دستور عام 1950 أنموذج ودليل عمل لكتابة الدستور بسرعة وفي إقل وقت ممكن،بمعنى الأخذ بهذا الدستور وإدخال الفقرات والبنود التي تقتضيها المستجدات في بنية الشخصية الاجتماعية العربية السورية.وهذا معناه أن الفترة الزمنية التي طرحها التغيير(أربعة سنوات) تشكل هاجساً متداولاً في الحياة اليومية السورية،وما يدور في النفس من أفكار تشكل مخاوف مشروع الشارع العربي السوري.وهذه الأفكار تخوف من أن طول الفترة التي حددت،تؤشر على مستبد قادم.
-من الخطورة بمكان تشكيل الجيش السوري الجديد،من المنظمات والجماعات التي قامت بالتغيير،وإنما تشكل نواته من الجيش السوري المعارض،الذي شمل عملية انشقاق هزت بنية النظام المستبد،والقول فقط في قوى التغيير ،يدخل سوريا مستقبلاً،والمستقبل على الأبواب، في صراعات ميلاشياوية ،لان هذه المنظمات،متعددة الاتجاهات،ومتنوعة الثقافات،ومختلفة في المشاريع وماتحكمها من فهم للعقيدة الدينية،ولنا في التجارب التي مرت بها بعض الأنظمة العربية دروساً مستفادة،ومافيها من عبر ومواعظ،فسوريا لم تعد تتحمل الخروب والانقسامات،وهل لنا في الذي جرى في أفغانستان الدرس المستحق،التي على قائد التغيير دراسته،والأخذ بنتائجه.
– سوريا التاريخ والثقافة والشعب والأرض جزء لايتجزأ من الأمة العربية،والقول بانها إسلامية فقط فيه مغالطات للتاريخ ومعاندة له والتاريخ لايعاند ،ونقول هنا بالعروبة الإسلامية الثقافية.
-إياكم وفصل العروبة عن الإسلام،فما بين الإسلام والعروبة صلات وعلاقات عضوية وتاريخية وثقافية،وزمن الفكر الشعوبي الأممي على الطريقة السوفياتية،انتهى وإليكم بالنزاعات القومية هناك شاهد عصر على رفض الفصل بين العروبة والإسلام.وبين القومية وهويتها الثقافية،التي تحدد معالمها .
-إن أخونة الشخصية العربية السورية وأسلمتها،على الطريقة التي أراد بها الإخوان في مصر في زمن الرئيس الإخواني مرسي أتت بالعسكر وفوتت فرصة على مصر أن تكون رائدة في حكم ديمقراطي معافى.والأسلمة،ياحكامنا في سوريا ليس في اللباس وإنما هي ببناء الأخلاق الإسلامية المفقودة ،ورحم الداعية الإسلامية،محمد عبده يوم وجد في فرنسا أخلاق الإسلام ولم يجد المسلمين الحوار الاجتماعي في الحياة السورية،مهمة وطنية لاتقبل التّاجيل، هو المطلوب الآن وليس الغد ،على أنّ سوريا جمهورية عربية،يجد كل مواطن فيها حقوقه وواجباته،وفيها من يمثله في مجلس نيابي منتخب،وثقافة وطنية عربية إسلامية.
-ألا هل بلغت ،اللهم فاشهد،من أجل ورقة عمل تقدّم للسلطة الحالية،يشارك في إعدادها كل مكونات الشخصية العربية السورية،تطرح فيها هموم هذه الشخصية المشروعة،وهل لنا بأحرار سوريا،ومن في معيتهم من الأقطار العربية المشاركة في إغناء هذه الورقة.
د-عزالدين حسن الدياب.