منوعات

«أسرار مملكة بيبلوس» وثائقي لبناني لاستكشاف يعود لـ3800 سنة

«أسرار مملكة بيبلوس» وثائقي لبناني لاستكشاف يعود لـ3800 سنة

زهرة مرعي

بيروت – «أسرار مملكة بيبلوس» وثائقي يتناول استكشافات أثرية ذات قيمية تاريخية عالية، هي عبارة عن مدافن على اطراف قلعة جبيل على الشاطئ اللبناني. وثائقي يزيد عن الساعة رافقت خلاله كاميرا المخرج فيليب عرقتنجي البحث الدؤوب عن تلك الآثار، والتي افضت إلى معطيات عدّة عن الحياة البشرية في العصر البرونزي. ويُعرف أن حملة الاستكشاف التي افضت إلى قلعة جبيل بشكلها المعروف انتهت في سنة 1925 وكانت على يد الباحث الفرنسي موريس دونان. ونُقلت القطع المكتشفة من صغيرة وكبيرة إلى متحف بيروت، بما فيها ناووس الملك أحيرام.
«أسرار مملكة بيبلوس» بما يعنيه من اكتشاف أثري جديد، تخطى المكان وصولاً إلى أهرامات مصر التي بنيت من خشب غابة الأرز اللبنانية، والتي كانت تنقلها السفن من ميناء جبيل. قاد فريق الباحثين الفرنسي جوليان شانتو من متحف اللوفر، والباحثة اللبنانية تانيا زافين. بحث بدأ سنة 2019 في مدفن لا تزيد مساحته عن 30 متراً مربعاً، قالت الباحثة اللبنانية جويس نصّار أنه يعود للعصر البرونزي، ومنذ 3800 سنة أقفل بصخرة وزنها 2 طن ولم يدخله أحداً من حينه.
قراءة في معطيات ودلالات التنظيم المُدني أفضت بأن المدفن المكتشف حديثاً للنخبة من مجتمع مدينة جبيل في حينه. فيما كان الملوك يدفنون داخل المدينة، حيث التفت مساكنهم حول مركز الماء والمعابد المحيطة.
وكما هو معروف في اكتشافات المدافن التي تعود للعصور القديمة، فالقبر المكتشف حديثاً يحتوي أواني فخارية وسيراميك مميز بخطوطه، وأدوات برونزية. وتلك الأواني عبارة عن جرار، وأخرى للطهي وتناول الطعام. والفيلم الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» اطلعنا على كيفية نقل تلك الأواني، وأسلوب التعامل معها، بحيث تتقبل بسلاسة الانتقال من مرحلة رطوبة تاريخية، إلى بيئة مناخية مختلفة. ولدى رصد الكاميرا للاكتشافات الجديدة، توقفت بتأني عند قطعة منقوشة من الذهب الأصفر، وما حملته من رسوم، إضافة إلى الأحجار الكريمة المتساقطة منه.
في الجانب المهني كان لفيلم «أسرار مملكة بيبلوس» أن يُطلع المشاهدين على عمليات البحث عن الآثار، وما تستدعيه من صبر، ومجازفات. ففي موقع البحث الجديد في قلعة جبيل تميزت توغلات الباحث الفرنسي شانتو في العديد من الأماكن بالمخاطرة. لفتته زميلته من الفريق بأن يستمر في الكلام خلال وجوده في عمق المكان على سبيل الاطمئنان.
اجتماعيا وإنسانياً اطلعنا الباحثون على سبل العيش في المكان، وطقوس الدفن وزيارات الموتى برفقة الهدايا والطعام وسواه. خلُص الباحثون بأن الميت ينقل إلى القبر بعد تحلل الجسد، ولهذا كانت النواويس الحجرية تحتوي عظاماً منوعة. منها ما يعود لأطفال وكبار ورجال ونساء وحيوانات بخاصة قطع من عظام الأغنام، إضافة إلى الأسماك بالطبع. إنها احتفالات الموتى لدى قدامى مدينة جبيل.
لحظات التشاور بين الباحثين طرحت أسئلة عن سبب وجود مدافن للنخبة على أطراف قلعة جبيل؟ وألحّ السؤال مع وجود بوابة بقربه. خرجوا جميعهم إلى البحر مع مزيد من الفرضيات والاستنتاجات والمقارنات. برأيهم ليس للمرفأ الجديد في مدينة جبيل أن يستقبل سفنناً كبيرة تتسع لخشب الأرز الموجود في اهرامات مصر. إذاً يقع المرفأ القديم في جنوب المدينة، ويحاكي مكان المدافن المكتشفة. ومدينة جبيل التي تميزت بالثراء قديماً تدين بذلك لتجارة خشب الأرز، واهرامات مصر.
«أسرار مملكة بيلوس» وثائقي رافق عمل فريق متخصص حقق مزيداً من الكشف عن الكنوز الأثرية المدفونة في بلادنا. فيلم عرّفنا إلى شغف الباحثين وصولاً إلى تأكيد فرضية قادتهم إليها علومهم. كما ونقلت الكاميرا صوراً متتالية عن الدقة المتناهية في التعامل مع القطع المكتشفة، وكأنها طفل جاء إلى الحياة للتو. إلى التفاتة فكاهية عن دور تلعبه الجرذان والفئران في المكان، ونقلها لقطع من عالم الخارج إلى عالم الداخل المغلق منذ الاف السنوات.
كان لفيلم «أسرار مملكة بيلوس» أن يروي جزءاً من تارخنا القديم، ويؤكد حرفية مخرجه فيليب عرقتنجي، وميزة التقطيع الذي أنجزه، وحركة الكاميرا، والحوار الذي نقل خلاصة الكلام. هو فيلم للمستقبل.
عُرض الفيلم في مهرجان السينما الأثرية في مدينة نينداسو في اسبانيا، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى. وعرض في مهرجان الأفلام الوثائقية في بيروت. وسيُعرض في 11 كانون الثاني جانفيه على قناة «آرتي»، وسبق وعُرض على قناة آرتي يوتيوب.
«اسرار مملكة بيبلوس» من إنتاج ستيفان ميليير.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب