الشيخ «أحمد الشرع»… هل يدري؟ «كمامة» ألمانيا و«براميل» فرنسا في مسلسل تركي باسم «سجن صيدنايا»
الشيخ «أحمد الشرع»… هل يدري؟ «كمامة» ألمانيا و«براميل» فرنسا في مسلسل تركي باسم «سجن صيدنايا»
بسام البدارين
المسلسل السوري تلفزيونيا على الأقل في طريقه للمقايسة مع مسلسل «أرطغرل» التركي الشهير، حيث كل يوم قصة وحكاية ومشهد وعقدة درامية وبطل هامشي.
الجزء المتعلق بحكايات «سجن صيدنايا» واضح أنه «لن ينتهي قريبا» وتكاد قناة «الجزيرة» تخصيص محطة بث ثابتة في الموقع، حيث كاميرا ومراسلين يتنافسون في تسليط الضوء على هذا السجن الرهيب مع طاقم محطة «آر تي» التركية.
الشبكة التركية تبث يوميا رسالة للأتراك من عند جدران السجن لتضرب عصفورين بحجر واحد، حسب صديق تركي، التقط ما هو جوهري في المسألة، حيث العصفور الأول أن يتفهم الناخب التركي الأسباب التي دفعت السوريين للمجازفة باللجوء والغربة، لأنها أخف وطأة من سجون النظام المخلوع.
والعصفور الثاني إبلاغ الشعب التركي أن سجون الجمهورية تعتبر «إقامة خمسة نجوم» قياسا بالمسالخ البشرية التي أقامها نظام عائلة الأسد.
غريب جدا ألا يذكر العالم اليوم من إرث هذه العائلة الدموية إلا جدران السجون ومصانع الكبتاغون، مما يثبت عمليا أن «الاستبداد» حتما ينام على سرير واحد مع «الإجرام والفساد»، وهو في كل حال واقع العصابات التي تحكم مؤسسات الكيان الإسرائيلي، حتى عندما تقرر محطة «سي أن أن» فجأة بث برنامج جديد عن «الديمقراطية اليهودية».
برميل فرنسا وكمامة ألمانية
«فرنسا أسست لمعادلة الإجرام الاستعماري الاجتثاثي في الجزائر وإفريقيا وبلاد الشام، وتحالفت دولتها العميقة في الماضي مع «عصابة الحكم السوري»، وهذه حقيقة تجاهلها وزير الخارجية الفرنسي وهو يزور حارات دمشق القديمة، فيقف في بعض الأزقة أمام كاميرا قناة «فرانس 24» ليعظ ويخطب دون أن ينتبه لزاوية أبعد تظهر فيها الكاميرا بقايا «برميل» مائل إلى حائط مهترئ على الأرجح بقي من مخلفات «براميل الأسد المتفجرة».
في الأثناء ترافق كاميرا «الجزيرة» خطوة بأخرى وزيرة خارجية ألمانيا الشابة، وهي تضع «كمامة» وتتجول في زنازين سجن صيدنايا بعدما تحول لـ«متحف كوني» أو مزار لكل الفضوليين الأوروبيين الذين يحاولون اشتمام رائحة الموت المنبعثة من جدران الإسمنت وماكينات «سحق العظام» في السجون، التي أقامها من غنى لهم طوال عقود التلفزيون السوري أغنية تتحدث عن «خبطة قدمكم على الأرض هدارة».
مشهد الوزيرة الألمانية الديناميكية أنالينا بيربوك بالكمامة في غاية الإثارة بعدما شارك فضولها في زيارة هذه الأقبية الإجرامية العريقة، فيما بتنا نشعر أن «جهة ما» في الإدارة السورية الجديدة تحول أقبية سجون مثل صيدنايا وتدمر إلى «بضاعة سياسية – إعلامية» ينبغي ألا تبقى وحدها في تصدير المنتج السوري.
نظام الأسد انتهى بـ«هليلة» و«زمبليطه» ولا أحد يتأسف أو يترحم عليه.
المطلوب من حكام دمشق الجدد ليس فقط المتاجرة بعذابات الشعب السوري، بل الانصراف وفورا إلى نفض الغبار عن تحقيقات قضائية وجنائية معمقة تحت بند المحاسبة والمسؤولية، والأهم طبعا الانصراف إلى محكمة من أقاموا وعملوا في تلك المسالخ البشرية بعدالة وبموجب القوانين، على أن تصبح تلك خطوة في طريق فتح ملفات سجون الكيان الإسرائيلي، التي يحصل فيها الآن ما هو أقسى أحيانا مما كان يحصل في سجون الأسد.
وهنا لا بد من القول إن «كمامة» الوزيرة الألمانية في أقبية صيدنايا مشهد مثير.
لكن الأكثر أهمية ألا نصدق تلك الوزيرة، بعد الآن ونتوقف عن شراء الرواية الأوروبية، التي تزعم التعاطف، والمطلوب منا أن نذكرها كلما «تشدقت بلادها» بمسائل مثل الكرامة وحقوق الإنسان باللحم الطري لأطفال ونساء غزة، الذين تم إحراقهم بقنابل ألمانية زنة الحبة منها ألفي رطل، وفقا لاعتراف وزارة الدفاع الألمانية.
باختصار، ما يحضر فرنسا وألمانية لدمشق وللشيخ أحمد الشرع، ليس محبة الشعب السوري، ولا احترامه أو الحرص على مستقبله، بل المصالح في المقام الأول.
أحمد الشرع… هل يدري؟
الغاية أيضا التأكد من تأمين مصالح «العدوان الإسرائيلي» في المقام الثاني حيث كل يوم مساحة محتلة جديدة جنوبي سوريا أو سيطرة على منبع مياه مختلف لكن من دون فضائيات ومراسلين.
على الأقل هذا ما قالته لنا علنا القناة 14 الإسرائيلية، وهي ترافق بالصوت والصورة مؤخرا وزير دفاع الكيان في جولته الميدانية على قرى القنيطرة، التي احتلت حديثا.
دون ذلك «سواليف حصيدة» وخرط على طريقة ياسين بقوش – رحمه ألله – لا يعززه إلا ما همس به خبير أوروبي بارز، مستبعدا أن تظهر حكومة ألمانيا تحديدا أي رغبة في «تأمين عودة» 6 آلاف طبيب سوري يلعبون اليوم دورا متقدما في القطاع الطبي في تلك البلاد الباردة.
يا ترى الشيخ أحمد الشرع.. هل يدري؟
سؤال صعب لكن أن يدري الشيخ أو لا يدري ليست هي الأولوية الآن.
في الأردن على الأقل نوافق على استنتاج الباحث الدكتور حسين المومني، الذي أطل على شاشة التلفزيون الرسمي قائلا إن ما جرى في الجوار السوري قد يشكل «فرصة»، وإن كان «التحدي الأبرز» للأردن ما سيجري في حال «ضم الضفة الغربية».
بين التحدي والفرصة ما زلنا نطيل الإقامة.
مدير مكتب «القدس العربي» في عمان